قضت المحكمة الدستورية الألمانية اليوم (الثلاثاء) بأن برلين لا تنتهك القانون الدولي بسماحها للولايات المتحدة باستخدام قاعدة عسكرية على الأراضي الألمانية لشن ضربات بطائرات مسيرة.
جاء قرار المحكمة رداً على دعوى دستورية قدمها مواطنون يمنيون فقدوا أقارب لهم جراء غارة أميركية بطائرات مسيرة في 2012.
وكانت القضية تبحث فيما إذا كانت ألمانيا تتحمل مسؤولية ضمان أن استخدام محطة إعادة بث الإشارات لإرسال بيانات أقمار اصطناعية إلى طائرات مسيرة في قاعدة رامشتاين الجوية لا ينتهك القانون الدولي، وفق وكالة (رويترز) للأنباء.
وقضت المحكمة بأنه وإن كانت من واجبات ألمانيا العامة حماية حقوق الإنسان الأساسية حتى للأجانب في الخارج، فإن الشروط التي تستدعي هذا الواجب لم تتوافر.
وقالت المحكمة إن وجهة نظر برلين بأن تفسير الولايات المتحدة للقانون الدولي مقبول من حيث المبدأ تندرج ضمن نطاق السلطة التقديرية الممنوحة لها في السياسة الخارجية والأمنية.
نوصي بقراءة: فرنسا: الصين استخدمت سفاراتها لتقويض مبيعات طائرة «رافال» المقاتلة
والمسيرات لا تقلع من قاعدة رامشتاين الأميركية في ألمانيا ولا توجه منها. إلا أن الإشارات تنقل عبر الكابل من الولايات المتحدة إلى رامشتاين ومنها عبر محطة بث بالأقمار الاصطناعية.
كانت الحكومة الألمانية قد زعمت أن قدرة ألمانيا على المشاركة في التحالفات العسكرية ستتعرض للخطر إذا اضطرت لضمان توافق عمليات تنفذها جيوش أجنبية في الخارج مع فهم ألمانيا للقانون الدولي لمجرد أن لهذه الجيوش قاعدة على الأراضي الألمانية.
الولايات المتحدة وألمانيا من أعضاء حلف شمال الأطلسي، وتحتفظ واشنطن بقاعدة عسكرية في رامشتاين منذ 1948.
وكان مقدما الشكوى شددا خصوصاً على «انتهاك الحق بالحياة والسلامة الجسدية» على ما أفادت المحكمة الدستورية وهي أعلى سلطة قضائية في ألمانيا خلال النظر في الشكوى في ديسمبر (كانون الأول) 2024.
وعرفت القضية مساراً قضائياً طويلاً قبل الوصول إلى المحكمة الدستورية. وتعود الشكوى إلى العام 2014 عندما كانت أنجيلا ميركل مستشارة لألمانيا. وكانت واشنطن يومها تشن بانتظام هجمات بمسيّرات على اليمن لمحاربة تنظيم «القاعدة» خصوصاً. ويومها لم تدعم المحكمة ومقرها في مونستر في غرب ألمانيا موقف مقدمي الشكوى، إلا أنها طلبت من الحكومة «اتخاذ الإجراءات المناسبة» للتحقق من أن الولايات المتحدة تحترم القانون الدولي خلال هذه المهمات التي يجب أن تجنب المدنيين أي ضرر. واستأنفت السلطات الألمانية الحكم أمام محكمة لايبزيغ الفدرالية في شرق ألمانيا التي رفضت طلب مقدمي الشكوى في 2020. ورأت المحكمة أن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها برلين كافية لضمان احترام واشنطن للقانون الدولي. عندها، لجأ مقدما الشكوى المدعومان من المركز الأوروبي للحقوق الإنسانية والدستورية إلى المحكمة الدستورية. وتعتبر الحكومة أن الشكوى تذهب بعيداً جداً. وقال سكرتير الدولة للشؤون البرلمانية في وزارة الدفاع خلال جلسة المحكمة «لو كان على برلين التدخل لدى حلفاء لها بسبب تصرفاتهم في الخارج، فسيؤثر ذلك بشكل مستدام على قدرة ألمانيا على إقامة تحالفات»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال المركز الأوروبي للحقوق الإنسانية والدستورية الداعم للشكوى إن الولايات المتحدة «تحظى بدعم حكومات أوروبية عدة» من بينها برلين، مع أن هذه الهجمات «غالباً ما تنتهك القانون الدولي»، مشيراً إلى أن هذه الحكومات «تكيل بمكيالين على صعيد حقوق الإنسان». وأضاف المركز أنه فيما الدول المتطورة «تدين وفي بعض الحالات تقوم بملاحقات بشأن جرائم» ترتكبها دول أقل قرباً منها، إلا أن «حماستها محدودة» عندما يتعلق الأمر بجرائم يرتكبها «مسؤولون سياسيون وعسكريون، أو شركات غربية».