الإثنين, أغسطس 11, 2025
الرئيسيةالوطن العربيالسعودية«أكاديمية الفنون والثقافة»... منصة وطنية لاحتضان المواهب الطلابية وصقلها

«أكاديمية الفنون والثقافة»… منصة وطنية لاحتضان المواهب الطلابية وصقلها

في خطوة غير مسبوقة تعكس التكامل بين التعليم الأكاديمي والبرامج الفنية الإبداعية، أعلنت وزارة التعليم، بالشراكة مع وزارة الثقافة، عن إطلاق مبادرة «أكاديمية الفنون والثقافة»؛ بهدف استقطاب ورعاية وتنمية المواهب الإبداعية لدى طلبة التعليم العام، وذلك عبر برامج مختصة في مجالات الرسم، والعزف، والمسرح والتمثيل، والغناء.

وتُعدّ هذه «الأكاديمية» الأولى من نوعها في المملكة، وستنطلق مرحلتها الأولى مع العام الدراسي باستقبال طلاب الصفين الرابع الابتدائي والأول المتوسط، في مدرستين فقط: إحداهما للبنين في مدينة الرياض، والأخرى للبنات بمدينة جدة، على أن يحدث التوسع تدريجياً لتشمل جميع المراحل الدراسية وتغطي مختلف مناطق المملكة.

وتقوم فلسفة «الأكاديمية» على الدمج بين المناهج الدراسية المعتمدة من وزارة التعليم والتدريب الفني العملي، من خلال مناهج حديثة وكوادر مختصة، ضمن بيئة تعليمية محفزة توازن بين التحصيل العلمي وصقل المواهب الفنية، بما يضمن للطلاب رحلة تعليمية شاملة تغذي عقولهم ومهاراتهم في آن معاً.

ويشترط للتقديم أن يكون الطالب قد أنهى الصف الثالث الابتدائي أو السادس الابتدائي، وينتقل إلى الصف الرابع الابتدائي أو الأول المتوسط، مع اختيار مجال موهبة واحد فقط من المجالات المطروحة، وتقديم أعمال أو عروض أداء تثبت الموهبة، بالإضافة إلى مقطع فيديو قصير يوضح سبب الرغبة في الانضمام إلى «الأكاديمية».

وأكدت وزارتا التعليم والثقافة أن المبادرة تأتي في إطار مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، لتمكين جيل جديد يجمع بين التفوق العلمي والإبداع الفني، وتعزيز الهوية الثقافية للمملكة، وبناء قاعدة صلبة لمستقبل ثقافي مزدهر.

في حديث مع الـ«الشرق الأوسط»، أوضحت عضو «الاتحاد الدولي لأبحاث المسرح» بجامعة كامبريدج، الدكتورة نوف الغامدي، أن تدريس المسرح والتمثيل في سن مبكرة «ليس مجرد نشاط فني، بل أداة تربوية شاملة تتيح للطالب التعبير عن ذاته وصياغة شخصيته على أسس واثقة، تنمي لديه مهارات حياتية متقدمة».

وأشارت إلى أن دراسة صادرة عن «National Endowment for the Arts» أثبتت أن التعليم الفني المبكر «يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتحسين الأداء الأكاديمي وتعزيز النمو الاجتماعي والعاطفي، بينما أظهرت (برامج التعلم الاجتماعي العاطفي -SEL) تحسناً في نتائج الطلاب الأكاديمية بنسبة 11 نقطة مئوية».

تصفح أيضًا: انتخابات الأندية… هدوء «هلالي» وتغيير «اتحادي» واستقرار «أهلاوي»

وأضافت الغامدي أن «الاتحاد الأميركي لمعلمي المسرح» يؤكد أن الطلاب المشاركين في الأنشطة المسرحية «يحققون معدلات أعلى في اختبارات (إس إيه تي – SAT)، بواقع 65.5 نقطة في قسم اللغة، و35.5 نقطة في الرياضيات، مقارنة بغير المشاركين؛ مما يعكس أثر المسرح في ترسيخ الثقة بالنفس، وكسر حاجز الخوف من مواجهة الجمهور، وتنمية القدرات التواصلية، وصقل مهارات الإصغاء والعمل بروح الفريق، فضلاً عن تطوير التفكير النقدي والإبداعي».

وبشأن المعايير الأساسية لاكتشاف الموهبة المسرحية الحقيقية لدى الأطفال بعيداً عن الأداء المدرسي التقليدي، شددت الدكتورة نوف على أن «الموهبة الحقيقية لا تُختزل في القدرة على الحفظ أو أداء النصوص بأسلوب تقليدي، وإنما تتجلى في التعبير الصادق، والتفاعل التلقائي مع المواقف التمثيلية، وامتلاك الحضور المسرحي القادر على جذب الجمهور».

واستشهدت بدراسة تطبيقية أُجريت في تركيا على طلاب في تخصص تنمية الطفل ضمن برنامج «الدراما في التعليم» امتد 13 أسبوعاً، حيث «سجّل المشاركون فيه تحسناً معنوياً في مهارات التواصل الاجتماعي مقارنة بمجموعة لم تشارك في البرنامج؛ مما يؤكد أن التدريب المسرحي المبكر يسهم في بناء قدرات تواصلية واجتماعية متقدمة».

كما أشارت إلى أن «القدرة على الارتجال، وفهم أبعاد الشخصيات وأعماقها النفسية، والالتزام بروح الفريق، والانضباط في التدريب… كلها مؤشرات جوهرية على وجود موهبة فطرية تستحق الاستثمار».

وبشأن تأثيرات مبادرة «أكاديمية الفنون والثقافة» على المشهد المسرحي والفني السعودي على المدى البعيد، عدّت الدكتورة نوف أن «إطلاق (الأكاديمية) خطوة استراتيجية لتأسيس جيل جديد من المبدعين المؤهلين أكاديمياً منذ مراحل التعليم العام، بما يضمن بناء قاعدة احترافية للفنون المسرحية».

وأشارت إلى أن بيانات وزارة الثقافة تكشف عن أن عدد العروض المسرحية المحلية بلغ 273 عرضاً في عام 2018، فيما أنتجت «الهيئة العامة للترفيه» 44 مسرحية محلية في عام 2019؛ «مما يعكس وجود أرضية خصبة قابلة للتطوير.

ومع تنفيذ مبادرات نوعية مثل (School Theatre Initiative)، التي تستهدف تدريب 28 ألف معلم في المدارس الحكومية على تقنيات التمثيل والإنتاج المسرحي»، توقعت أن «تشهد المملكة طفرة نوعية في جودة الإنتاج المسرحي وزيادة المحتوى الإبداعي المحلي، بما يواكب المعايير العالمية».

وأكدت أن هذه الجهود «ستعزز القدرة التنافسية للمواهب الوطنية في الساحتين الإقليمية والدولية، وتحفز الاقتصاد الإبداعي، وتخلق فرص عمل نوعية، فضلاً عن تعزيز القوة الناعمة للمملكة عبر توظيف الفنون جسراً للتواصل الثقافي والحضاري مع العالم».

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات