وسّعت إسرائيل، خلال الأيام الأخيرة، نطاق عملياتها العسكرية بطائرات مسيّرة داخل العمق اللبناني، لتطول مناطق البقاع الأوسط والشرقي، مع تواصل الاعتداءات على الجنوب، في تصعيد ميداني متدرّج يبدو أنه مرشّح للاستمرار.
والجمعة، قُتل الصحافي محمد شحادة في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة من نوع «رابيد» على أوتوستراد صيدا – صور، بالقرب من بلدة أنصارية. في حين ألقت «درون» إسرائيلية قنبلتين حارقتين على المنطقة الواقعة بين بلدتَي الجبين وياربن؛ ما أدى إلى نشوب حريق في المنطقة.
وأكد رئيس بلدية الجبين، جعفر عقيل، أن فرق الدفاع المدني توجهت إلى المكان المستهدف، إلا أن مسيّرة إسرائيلية أطلقت في اتجاههم صاروخاً موجهاً لمنعهم من إطفاء الحريق، ولم يفد بإصابات.
يأتي هذا في وقت سُجّل فيه توسع في العمليات الإسرائيلية التي تستهدف البقاع حيث هزّ طريق المصنع الحدودي مع سوريا في البقاع الغربي، مساء الخميس، انفجار ناجم عن استهداف سيارة عند نقطة دير زنون، في عملية أسفرت عن ستة قتلى وعشرة جرحى، بحسب حصيلة أعلنتها وزارة الصحة اللبنانية. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، أن الغارة استهدفت أبو خليل وشاح، عضو اللجنة المركزية في التنظيم، ومرافقه؛ ما يشير إلى توسيع بنك الأهداف ليشمل قيادات فلسطينية أيضاً.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ غارة جوية استهدفت شخصاً يُدعى محمد وشاح، المعروف بـ«أبو خليل»، في منطقة البقاع اللبنانية، وُصف بأنه قيادي بارز في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في سوريا.
نوصي بقراءة: العراق.. بيان رسمى بشأن “منع دخول السوريين إلى البلاد”
قُتل شخص في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت سيارة على طريق صيدا – صور في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
وعصر الخميس، كانت قد أغارت مسيّرة إسرائيلية على بلدة كفردان الواقعة غرب مدينة بعلبك، وأطلقت صاروخين قرب «مقام النبي يوسف»؛ ما أدى إلى مقتل علاء هاني حيدر، وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن المستهدف عنصر في «حزب الله»، وهو ما لم تؤكده قيادة الحزب رسمياً.
وقبل ذلك بثلاثة أيام، نفذت إسرائيل ضربة مماثلة استهدفت سيارة على طريق بلدة بريتال جنوب شرقي بعلبك، بثلاثة صواريخ أطلقتها طائرة مسيّرة؛ ما أسفر عن مقتل شخص، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، ووزارة الصحة اللبنانية.
في قراءة لهذا التصعيد، رأى العميد المتقاعد خليل الحلو، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن توسيع إسرائيل دائرة الاستهدافات إلى البقاع يندرج ضمن «الضغط المتواصل والممنهج الذي تمارسه على (حزب الله) وعلى الدولة اللبنانية في آنٍ معاً». وأوضح أن هذا الضغط «ليس جديداً، بل يُمارس منذ وقف الحرب الأخيرة بشكل متدرّج ومتقن، بهدف إضعاف قدرات (الحزب) دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة تُكلّف إسرائيل أثماناً باهظة على مختلف المستويات، الاقتصادية والبشرية».
ويأتي هذا التصعيد في وقت لا تزال فيه الحكومة اللبنانية تناقش بند حصرية السلاح بيد الدولة، وسط انقسام سياسي حاد. وعلّق الحلو على ذلك بالقول إن القرار الحكومي الأخير «مفصلي من حيث المبدأ، لكنه يواجه تحديات جديّة على مستوى التنفيذ الميداني والسياسي، في ظل استمرار السلاح خارج الدولة، وتشابك ملفات الإقليم».