في فصل جديد من «صراع الشرعيات» تصاعدت حدة التوتر بين الحكومتين المتنافستين على السلطة في ليبيا، بعد إعلان أسامة حمّاد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، رفضه إعلان حكومة «الوحدة» المؤقتة، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
وشدد حمّاد في مذكرة رسمية وجهها إلى رئيس المحكمة الجنائية الدولية، مساء (الاثنين)، على أن الدبيبة «لا يمتلك أي سند دستوري أو قانوني لتفويض اختصاصات سيادية تتعلق بالقضاء الوطني»، مؤكداً أن حكومة الدبيبة تجاوزت صلاحياتها المحدودة بموجب خريطة الطريق السياسية لعام 2021، التي تحصر مهامها في الإعداد للانتخابات.
ويتكرر «الصراع على الصلاحيات» في ليبيا بين غالبية الأجسام السياسية المتناحرة، لا سيما بين مجلسي النواب و«الرئاسي»، والحكومتين المتنازعتين على السلطة، إذ إن كل طرف يتمسّك بأحقيته فيها في ظل تصاعد الانقسام السياسي.
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» (الوحدة)
وأوضح حماد أن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي، وقبول اختصاص المحكمة الجنائية يتطلب تفويضاً دستورياً واضحاً من السلطة التشريعية المنتخبة، وهو ما لم يحدث»، مشيراً إلى أن القضاء الليبي «قادر وراغب» في التحقيق وملاحقة الانتهاكات، وهو ما يسقط مبدأ التكامل، الذي تعتمد عليه المحكمة الدولية لتولي القضايا.
اقرأ ايضا: شبكة الجواسيس النائمة: كيف حاولت طهران زرع عملاء إسرائيليين مقابل المال؟
وطالب حماد، المحكمة الدولية، باحترام السيادة الليبية، ومبدأ فصل السلطات، محذراً من الاعتداد بأي إجراء يصدر عن حكومة «الوحدة»، التي وصفها مجدداً بأنها «منتهية الولاية».
وكانت حكومة «الوحدة» قد أعلنت في 20 يونيو (حزيران) 2024، عبر مراسلة رسمية من وزارة العدل إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قبول ليبيا لاختصاص المحكمة، بموجب المادة 12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي، وهي الفقرة التي تتيح للدول غير الأعضاء إحالة، أو قبول نظر المحكمة في جرائم تقع على أراضيها.
وبررت الحكومة هذا الإجراء آنذاك بتصاعد الانتهاكات في عدد من مناطق غرب ليبيا، خصوصاً في طرابلس والزاوية، مشيرةً إلى «ضرورة فتح تحقيقات دولية في الجرائم المرتكبة، بما في ذلك ما يشتبه أنه جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب».
وكانت محكمة جنوب بنغازي الابتدائية قد أصدرت أمراً ولائياً قضائياً مستعجلاً، مشمولاً بالنفاذ المعجل، بناءً على طلب مقدم من حماد لوقف تنفيذ إعلان حكومة الوحدة، بشأن قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في ليبيا.
ولا يعترف البرلمان بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التي يترأسها الدبيبة في طرابلس، ويعدّ غريمتها في شرق ليبيا بقيادة أسامة حمّاد «صاحبة الشرعية الوحيدة» في البلاد.
وكان حماد، الذي تدير حكومته المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب الليبي، أمر بوقف عدد من عمداء بلديات تلك المناطق عن العمل، وإحالتهم على التحقيق بعد مشاركتهم في اجتماع عقده الدبيبة، بالعاصمة طرابلس في إطار «صراع الصلاحيات» بين الجانبين.