الجمعة, أغسطس 29, 2025
الرئيسيةالصحة واللياقة البدنيةاضطرابات النوم قد تؤدي إلى إيذاء النفس لدى المراهقين

اضطرابات النوم قد تؤدي إلى إيذاء النفس لدى المراهقين

أظهرت أحدث دراسة نفسية نُشرت في شهر أغسطس (آب) الحالي، في مجلة «علم نفس الطفل والطب النفسي» (the Journal of Child Psychology and Psychiatry) وجود علاقة قوية بين حدوث اضطرابات في النوم في أثناء مرحلة المراهقة، وزيادة خطورة الإقدام على إيذاء النفس عمداً.

اضطرابات النوم

وأوضحت الدراسة التي قام بها باحثون من جامعتَي: وارويك (University of Warwick)، وبرمنغهام (University of Birmingham) بالمملكة المتحدة، أن اضطرابات النوم في سن الرابعة عشرة ارتبطت ارتباطاً مباشراً بسلوك إيذاء النفس في السن نفسها، ثم بعد ذلك في سن السابعة عشرة، ما يظهر أن اضطراب معدل النوم عند المراهقين ربما يؤدي إلى الإقدام على إيذاء النفس على المدى القصير والبعيد.

ومن المعروف أن إيذاء النفس يُعد من أهم المشكلات النفسية التي تهدد صحة المراهقين، ولذلك هناك اهتمام عالمي بعلاجه؛ خصوصاً مع ارتفاع معدلات الإقدام عليه. وهناك كثير من الدراسات عن ارتباطه بعوامل خطورة أخرى، ومنها: اضطرابات النوم، وزيادة معدلات الأرق بين المراهقين؛ خصوصاً مع وجود انخفاض عالمي في إجمالي الوقت المخصص للنوم في المراهقين والشباب. وعلى وجه التقريب هناك نسبة من المراهقين تبلغ 70 في المائة تعاني من قلة النوم.

قام الباحثون بفحص بيانات 10 آلاف مراهق من مجموعة الألفية (Millennium Cohort). ومجموعة الألفية هي دراسة طولية متعددة التخصصات، أُجريت خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2001، لمتابعة حياة الأطفال المولودين في المملكة المتحدة مع مطلع القرن الجديد. وكانت تمثل جميع أنحاء البلاد، وشملت معلومات كاملة عن مجموعة كبيرة من العائلات والأطفال، وتمت متابعة مجموعة الأطفال مرات عدة، في أعمار مختلفة من الطفولة المبكرة، وحتى بلوغ هؤلاء الأطفال سن السابعة عشرة.

قام الباحثون بسؤال المراهقين في سن الرابعة عشرة عن وجود مشكلات في النوم من عدمه، بما في ذلك مدة نومهم في أيام الدراسة، والوقت الذي يستغرقونه في محاولة النوم، وعدد مرات استيقاظهم في أثناء الليل. كما سُئلوا إذا كانوا قد أقدموا على محاولة إيذاء أنفسهم من قبل. وبعد مرور 3 سنوات قام الباحثون بطرح السؤال نفسه عن أذية النفس عليهم مرة أخرى، عند استطلاع رأيهم في سن السابعة عشرة.

إيذاء النفس

قد يهمك أيضًا: 6 أسباب وراء شعورك بالدوار بشكل دائم

أظهرت النتائج أن اضطرابات النوم المختلفة -وبشكل خاص قلة النوم في أيام المدرسة- كانت مرتبطة بشكل كبير بإيذاء النفس على المدى القصير (في سن الرابعة عشرة) وظل هذا الارتباط ثابتاً بعد مرور 3 سنوات (في سن السابعة عشرة). وأيضاً وجد الباحثون أن الظواهر المختلفة المرتبطة بالأرق، مثل طول الوقت المستغرق في محاولة النوم، وزيادة عدد مرات الاستيقاظ في أثناء الليل، لعبت دوراً في زيادة خطر الإقدام على إيذاء النفس أيضاً.

وساهمت اضطرابات النوم في زيادة مخاطر إيذاء النفس بشكل واضح، حتى عندما قام الباحثون بتثبيت كثير من العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى أذية النفس؛ ومنها العوامل التي يمكن أن تؤثر في الصحة العضوية بشكل عام، مثل: السن، والجنس، ووجود أمراض عضوية مزمنة من عدمه؛ إذ إن الألم العضوي المستمر يمكن أن يدفع المراهق لمحاولة التخلص من الحياة، بجانب الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة أو العوامل النفسية، مثل الإصابة بالقلق والاكتئاب، وتراجع صورة الذات. واهتم الباحثون بشكل خاص بالسؤال عن وجود محاولات سابقة لإيذاء النفس.

وأكد الباحثون أن الاضطرابات المختلفة المتعلقة بقلة النوم؛ على الرغم من أنها عامل خطورة حقيقي مرتبط بأذية النفس، فإن علاجها بشكل مبكر يقلل من خطر الإقدام على الإيذاء. ويبدأ علاج هذه الاضطرابات عن طريق زيادة الوعي الصحي بخطورة قلة النوم، ومحاولة تجنب العوامل التي تؤدي إلى حدوثه، مثل: المشكلات النفسية، والتعرض للتنمر، واستخدام الهواتف الذكية فترات طويلة.

وتُعد نتائج هذه الدراسة شديدة الأهمية؛ خصوصاً في السنوات الأخيرة؛ لأن نقص النوم أصبح من أهم مخاوف الصحة العامة في أوروبا؛ حيث وجدت دراسة سابقة أجريت عام 2020 أن نسبة المراهقين الذين يستوفون توصيات النوم في أيام الدراسة تتراوح من 32 في المائة فقط في بولندا إلى 86.3 في المائة في بلجيكا.

من المعروف أن توصيات الأكاديمية الأميركية لطب النوم (AASM) لمعدل ساعات النوم الجيد بالنسبة للمراهقين بين 13 و18 عاماً، يجب أن تتراوح بين 8 و10 ساعات من النوم يومياً خلال الأسبوع. وأقل من هذه الساعات يُعد نوعاً من قلة النوم.

وحذَّرت الدراسة من خطورة التعامل مع إيذاء النفس باستخفاف. وأكدت أنه يُعد أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين المراهقين والشباب. وفي الأغلب يكون نقص النوم مؤشراً مهماً يسبق الأفكار الانتحارية أو يتزامن معها. وأكد الباحثون أن تحسين جودة النوم وزيادة عدد ساعاته في مرحلة المراهقة، يُعد نوعاً من الوقاية من كثير من المشكلات الطبية النفسية والعضوية على حد سواء.

ونصحت الدراسة المراهقين بعمل بعض الخطوات التي يمكن أن تساعدهم في النوم بشكل أفضل، مثل: ممارسة الرياضة بشكل يومي في الهواء الطلق، والتقليل من المشروبات التي تحتوي على الكافيين، والذهاب إلى الفراش في وقت ثابت ومبكر، والابتعاد عن جميع الشاشات قبل ساعة على الأقل من موعد النوم، وشحن الأجهزة المختلفة خارج الغرف طوال الليل.

* استشاري طب الأطفال.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات