تترقّب الأسواق المالية العالمية من كثب صدور بيانات التضخم الأميركية، إذ تمثل هذه المؤشرات الاقتصادية المفتاح الذي يوجّه تحركات المستثمرين بشأن توقعات السياسة النقدية المقبلة للاحتياطي الفيدرالي. فعلى مدار الأشهر الماضية، شكّلت تقلبات أسعار المستهلكين عاملاً حاسماً في تحديد اتجاهات الأسهم والعملات والسندات؛ حيث تتفاعل الأسواق بسرعة مع أي إشارة تدل على احتمال خفض أو تثبيت أسعار الفائدة.
ومع صدور بيانات يوليو (تموز)، واصلت الأسهم العالمية صعودها يوم الأربعاء، متتبعة أثر المكاسب القوية في «وول ستريت»، لتسجّل مستويات قياسية جديدة، بعد أن عززت بيانات التضخم الأميركية المستقرة رهانات المستثمرين على إقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل.
مشاة يمرون بجانب لوحة مؤشرات البورصة في طوكيو (إ.ب.أ)
وسجلت المؤشرات العالمية ارتفاعاً لافتاً، فيما تراجع الدولار، مع ترحيب المتعاملين ببيانات التضخم وازدياد شهية المخاطرة في ظل تنامي التوقعات بخفض الفائدة.
أغلق مؤشر «توبكس» الياباني القياسي مرتفعاً بنسبة 0.8 في المائة عند أعلى مستوى له على الإطلاق، واقترب مؤشر «تايكس» التايواني من ذروة تاريخية، فيما صعد مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.1 في المائة. كما ارتفع مؤشر «إم إس سي آي» العالمي لجميع الدول للجلسة الثانية على التوالي مسجلاً 951.74 نقطة، وهو أعلى مستوى في تاريخه.
وفي اليابان، أظهر استطلاع أجرته «رويترز» تحسّن ثقة الشركات الصناعية للشهر الثاني على التوالي، فيما كشف تقرير آخر عن تباطؤ تضخم أسعار الجملة في يوليو، ما يدعم رؤية بنك اليابان بأن الضغوط السعرية الناتجة عن ارتفاع تكاليف المواد الخام بدأت بالتراجع. ونتيجة لذلك، واصل مؤشر «نيكي» مكاسبه لليوم السادس على التوالي، متجاوزاً حاجز 43.000 نقطة لأول مرة في تاريخه.
وفي أوروبا، صعد مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 0.4 في المائة، وارتفع مؤشر «فوتسي 100» في لندن 0.3 في المائة. وسادت الأسواق البريطانية معنويات إيجابية، قادها قطاعا الرعاية الصحية والدفاع بارتفاعات بلغت 1.5 في المائة و1 في المائة على التوالي.
شخص يجلس أمام شاشة تعرض مؤشر «داكس» في بورصة فرنكفورت (إ.ب.أ)
قد يهمك أيضًا: المستشار الألماني: أي اتفاق جمركي محتمل مع واشنطن سيكون «غير متكافئ»
وجاءت بيانات التضخم الأميركية، التي أظهرت ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في يوليو بأقل من التوقعات، لتؤكد أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب لم تؤدِّ بعد إلى رفع أسعار المستهلكين. هذا المعطى دعم موجة صعود جديدة في وول ستريت، وسط قناعة متزايدة بين المستثمرين بأن الفيدرالي سيقدم على خفض الفائدة الشهر المقبل.
وكتب محللو «دويتشه بنك» أن انسجام بيانات التضخم مع التوقعات منح الأسواق ارتياحاً، ودفع الأسهم للصعود، وقلّص فروق الائتمان، وعزّز الثقة بخفض إضافي للفائدة. كما لقيت المعنويات دعماً إضافياً من توقيع ترمب أمراً تنفيذياً بتمديد تعليق الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات الصينية لمدة 90 يوماً أخرى.
وفي وول ستريت، افتتح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تعاملات يوم الأربعاء مرتفعاً بنسبة 0.3 في المائة. كما ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 136 نقطة، أي بنسبة 0.3 في المائة، في حين صعد مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة بعد أن سجل رقماً قياسياً في الجلسة السابقة.
تراجع مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الرئيسية – لليوم الثاني على التوالي إلى أدنى مستوى في أسبوعين عند 97.70 نقطة، منخفضاً 0.3 في المائة. وقد دعم ضعف الدولار مكاسب اليورو والجنيه الإسترليني، إذ ارتفع اليورو 0.4 في المائة إلى 1.1719 دولار، مسجّلاً أعلى مستوى منذ 28 يوليو، وصعد الجنيه الإسترليني 0.5 في المائة إلى 1.3570 دولار، وهو أعلى مستوى منذ 24 يوليو.
سجل الذهب الفوري ارتفاعاً بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى 3.363.61 دولار للأوقية بحلول الساعة 10:26 بتوقيت غرينتش، فيما ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة تسليم ديسمبر (كانون الأول) 0.5 في المائة إلى 3.414.10 دولار.
وفي أسواق العملات الرقمية، قفزت الإيثريوم – الحساسة لشهية المخاطرة – إلى أعلى مستوى لها في نحو 4 سنوات، متجاوزة 4710 دولارات. وقالت غرايسي لين، الرئيسة التنفيذية لبورصة العملات المشفرة «أو إف إكس» في سنغافورة: «يعكس الانطلاق الهادئ للإيثريوم اعتماد السوق الفعلي وثقة رأس المال. وقد أصبح الإيثريوم الآن أكثر الأصول تداولاً على منصتنا خلال الشهر الماضي».
بائع يرتب أساور ذهبية في متجر قبل احتفالات رأس السنة القمرية في الحي الصيني في بانكوك (رويترز)
انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين بمقدار 4.6 نقطة أساس إلى 3.685 في المائة، بينما تراجع عائد السندات القياسية لأجل 10 سنوات بمقدار 4.3 نقطة أساس إلى 4.25 في المائة. واستقر منحنى العائد بين السندين عند 55.5 نقطة أساس.
كما استقطبت سندات الخزانة طويلة الأجل مشترين بعد ارتفاع عوائدها يوم الثلاثاء نتيجة عمليات بيع مكثفة في السندات الأوروبية. وقال فايل هارتمان، استراتيجي أسعار الفائدة في «بي إم أو كابيتال ماركتس»: «يشير الانخفاض الأخير بعد تقرير مؤشر أسعار المستهلك إلى مستوى جذاب للاستثمار من وجهة نظر المشترين الأجانب».