شهد قطاع التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة نقلة نوعية وإستراتيجية، تمحورت حول تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها كأداة أساسية في رحلة الطالب التعليمية، فمنذ وقت مبكر، أدركت الإمارات أهمية هذه التقنيات في تشكيل مستقبل الأجيال، وعملت على إدماجها في مختلف المراحل التعليمية، بدءًا من التعليم المدرسي ووصولًا إلى الدراسات العليا، مما جعلها نموذجًا عالميًا يحتذى به في هذا المجال.
تزخر مؤسسات التعليم العالي في الإمارات اليوم بأكثر من 44 برنامجًا دراسيًا مرتبطًا بالذكاء الاصطناعي، وفقًا لبيانات مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، وهو ما يعكس التزام الدولة بتخريج أجيال متخصصة ومؤهلة لسوق العمل المستقبلي.
وتبرز في هذا الإطار تجربة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، التي تأسست في أكتوبر 2019 ونجحت في ترسيخ مكانتها كوجهة عالمية رائدة في مجال التعليم الجامعي والبحثي للذكاء الاصطناعي.
تتصدر جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي المشهد الأكاديمي، إذ تُعدّ واحدة من أفضل 10 جامعات في العالم في تخصصات الذكاء الاصطناعي، والرؤية الحاسوبية، والتعلّم الآلي، ومعالجة اللغات الطبيعة، وعلم الروبوتات، وعلم الأحياء الحاسوبي، وفقًا لتصنيف (CSRankings).
كما تقدم الجامعة 13 برنامجًا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، بالإضافة إلى برنامج بكالوريوس أُطلق في عام 2025 بمسارين أكاديميين هما: الأعمال والهندسة.
وتستقبل الجامعة طلابًا من 39 دولة، ويشكل الإماراتيون نسبة تبلغ 17% منهم، في حين تصل نسبة الطالبات إلى 31%. وتخرج منها حتى الآن أكثر من 300 طالب وطالبة، التحق 80% منهم مباشرة بمنظومة الذكاء الاصطناعي في الدولة.
تصفح أيضًا: تغير المناخ يجعل موجات الحر الأوروبية أكثر فتكًا.. زيادة بمقدار 4 درجات مئوية
كما أسست الجامعة مركز محمد بن زايد لحضانة وريادة الأعمال في عام 2023 لدعم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأنشئت معاهد متخصصة مثل: معهد النماذج التأسيسية، الذي طور نماذج لغوية بارزة مثل: نموذج K2، ونموذج (جيس) للغة العربية، بالإضافة إلى مراكز متخصصة أخرى منها مركز الذكاء الاصطناعي التكاملي ومركز الميتافيرس.
وفي مجال النشر العلمي، ساهمت الجامعة في نشر أكثر من 1200 ورقة بحثية في مؤتمرات مرموقة و2200 ورقة في مجلات علمية، مما يعزز من مكانتها البحثية العالمية.
لم تقتصر جهود الإمارات على جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بل امتدت لتشمل العديد من الجامعات الأخرى التي أدمجت الذكاء الاصطناعي في برامجها الأكاديمية. ومن أبرز هذه الأمثلة:
في خطوة غير مسبوقة، ستبدأ المدارس الحكومية في الإمارات خلال العام الدراسي (2025-2026) بتدريس مادة الذكاء الاصطناعي كمقرر دراسي ضمن المنظومة التعليمية للمدارس الحكومية، ابتداءً من مرحلة رياض الأطفال التأسيسية ووصولًا إلى الصف الثاني عشر (المرحلة الثانوية).
وتهدف هذه المبادرة إلى تزويد الطلبة بالمعارف والمهارات الأساسية لفهم مبادئ الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته العملية، مما يجعل الإمارات من أوائل الدول عالميًا التي تتخذ هذه الخطوة.
ويغطي المنهج الجديد سبعة مجالات رئيسية، تشمل:
من خلال هذه الجهود الشاملة، تؤكد الإمارات ريادتها في توظيف الذكاء الاصطناعي لتحقيق نقلة نوعية في التعليم. بدءًا من الجامعات البحثية الرائدة ووصولًا إلى إدخال الذكاء الاصطناعي إلى الفصول الدراسية، تسعى الدولة إلى بناء جيل واعٍ قادر على قيادة التحول الرقمي ومواكبة تحديات المستقبل، مما يعزز مكانتها كقوة رائدة في مجال الابتكار والتعليم.