يزداد حدةً الجدلُ بشأن إلغاء حفل الفنان الموسيقي الكبير «دي جي سنايك» في الجزائر، متخذاً أبعاداً سياسية وأحياناً رياضية، مع دخول إسلاميي «حركة مجتمع السلم» ومشجعي نادي «مولودية الجزائر» العريق على الخط.
ودعا برلمانيو «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة، في رسالة، وزيرَ الثقافة والفنون، زهير بلالو، في مطلع أغسطس (آب) الحالي، إلى إلغاء حفل موسيقي ضخم، ينتظر أن ينظَّم في العاصمة يوم 22 من الشهر الحالي، من قِبل المنتج الموسيقي العالمي، الفرنسي ذي الأصول الجزائرية، ويليام سامي إتيان غريغ حسن، المعروف بـ«دي جي سنايك»، بدعوى أن «هذا النشاط الاحتفالي لا ينسجم مع توقيت وحجم الكارثة الإنسانية التي تضرب سكان غزة»، في إشارة إلى المجاعة التي يعيشها سكان القطاع بسبب الحصار الإسرائيلي.
الرئيس الجزائري مستقبلاً الفنان دي جي سنايك (الرئاسة)
وجاء في الرسالة، التي نشرت على نطاق واسع عبر حسابات أعضاء الحزب بالإعلام الاجتماعي: «في هذا السياق الصعب، الذي يستدعي توحيد جهود الجهات الرسمية والشعبية، خصوصاً في الدول التي تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وترفض كل أشكال التطبيع، وعلى رأسها الجزائر، تعبر الكتلة البرلمانية لـ(حركة مجتمع السلم) عن أسفها الشديد لتنظيم فعاليات فنية واحتفالية في ولايات عدة، وذلك خلال فترات العدوان الإسرائيلي».
وأضافت الرسالة: «من وجهة نظرنا، فإن مثل هذه الخطوة لا تنسجم مع المآسي التي يعيشها سكان غزة»، مشيرة إلى أن فعاليات الاحتفالات «قد تفهم على أنها بمثابة تجاهل لمشاعر الجزائريين الذين لطالما عبروا عن تضامنهم العميق مع فلسطين. أو تفسر على أن في الأمر تناقضاً مع الموقف الرسمي للدولة الجزائرية، المعروف بثباته ودعمه التاريخي للقضية الفلسطينية».
نواب «حركة مجتمع السلم» الإسلامية (إعلام حزبي)
وناشدت الرسالة وزيرَ الثقافة «توجيه المشهد الفني نحو مبادرات تضامنية، ومشروعات ثقافية، تسهم في رفع الوعي تجاه فلسطين والقضايا العادلة».
ولم تذكر الرسالة «دي جي سنايك» بالاسم، لكن الزخم الموجود في البلاد، خصوصاً العاصمة، يفهم منه أن المقصود هو منتج الموسيقى البارز سامي غريغ حسن الذي تتحدر عائلته من محافظة برج بوعريريج شرق البلاد.
ولم تُبدِ وزارة الثقافة إشارة تدل على النزول على طلب النواب.
نوصي بقراءة: واشنطن غاضبة من «مسيَّرات» تهاجم مواقع حيوية في العراق
وفجّر موقف الإسلاميين من الحدث الفني صراعاً آيديولوجياً بين مؤيد ومعارض، عكسته بوضوح منصات الإعلام الاجتماعي. وقد ظهر أن سكان مدن الشمال الكبرى أكبر حماسة لإقامة الحفل، بخلاف سكان الولايات الداخلية ذات التوجه المحافظ، حيث أكد ناشطون في جمعيات محلية، على مواقع التواصل الاجتماعي، أن العرض المقرر «يتناقض مع مبدأ تضامن الجزائر مع فلسطين التي يتعرض سكانها من قطاع غزة لأبشع الجرائم ضد الإنسانية».
فلسطينيون يحملون مساعدات دخلت غزة في بيت لاهيا شمال القطاع يوم 30 يوليو 2025 (رويترز)
وفي خضم هذا الجدل، أعلنت «لجنة مشجعي نادي مولودية لكرة القدم» عن إلغاء عرض جماهيري ضخم بمناسبة مرور 104 أعوام على تأسيس النادي العاصمي الأكبر عراقة في البلاد (7 أغسطس)، على أساس أن «الظرف لا يسمح» بالنظر إلى الأحداث في غزة، معلنة في الوقت نفسه عن التبرّع بالأموال المخصصة للحفل لسكان غزة عن طريق جمعية جزائرية نشطة في جمع الهبات للقطاع منذ بداية العدوان الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وفي وقت سابق أعلن «دي جي سنايك» إقامة عرض ضخم في الجزائر باستخدام تجهيزات تقنية لم يسبق استعمالها في هذا البلد، وفق ما قال.
ومع اشتعال موجة رفض العرض، أكدت «اللجنة» المنظمة للحفل في بيان، الخميس الماضي، أنه سيقام في الموعد المقرر، من دون تحديد التاريخ، بينما تحدثت تقارير سابقة عن تنظيمه يوم 22 أغسطس 2025، قبل أن تنتشر معلومات أخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي فحواها تأجيله لتاريخ لاحق بعد دعوات إلغائه تضامناً مع سكان قطاع غزة.
من الجدل الذي ثار في وسائل الإعلام الاجتماعي بشأن العرض (متداولة)
وشددت «اللجنة» على أن «الفنان (دي جي سنايك) معترف له عالمياً بالتزامه بالقضايا العادلة»، في إشارة إلى تضامنه مع القضية الفلسطينية، وعلى أن العرض «سيكون مناسبة للفنان للافتخار بأصوله (الجزائرية)، والاحتفاء بالشباب الجزائري المعروف بحيويته».
كما بررت إقامة الحفل بـ«الإقبال الاستثنائي للجمهور الجزائري»، مبرزة أن الفنان والمنظمين يعملون «بلا كلل لتوفير جميع الشروط اللازمة لإنجاح هذا العرض، بما في ذلك نظام بيع التذاكر، الذي سيكون متاحاً للجميع».
وتابعت: «الفنان العالمي سيقدم عرضاً هو الأكبر من حيث التجهيزات التقنية التي لم يسبق أن جرى استعمالها في الجزائر. حدث بهذه الضخامة يتطلب موارد بشرية وتقنية ذات مستوى عالمي ويستلزم تحضيراً صارماً».