في خطوة تُعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، أتاحت الحكومة السعودية تراخيص سفر رجال الأعمال والمستثمرين إلى دمشق من خلال رابط مخصص. وتهدف هذه المبادرة إلى تحفيز القطاع الخاص على استكشاف الفرص ودعم الاقتصاد السوري بمشروعات نوعية جديدة، وذلك بعد جهود دبلوماسية مكثفة قادتها المملكة لرفع العقوبات عن سوريا.
وأعلنت سفارة المملكة في دمشق، الثلاثاء، إتاحة تراخيص السفر لرجال الأعمال والمستثمرين السعوديين والسوريين، ما يسمح لهم بتبادل الزيارات واستكشاف الفرص الاستثمارية في البلدين.
يأتي هذا القرار بعد أن قادت السعودية جهوداً دبلوماسية رفيعة المستوى لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، التي تكللت بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع هذه العقوبات أثناء زيارته الأخيرة إلى الرياض، بعد مناقشة الأمر مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.
وقال عضو مجلس الشورى السعودي فضل البوعينين لـ«الشرق الأوسط»، إن الخطوات العملية التي تتخذها المملكة لدعم سوريا تتسارع لترسيخ أمنها واستقرارها وتحفيز اقتصادها، «فبعد مساهمة المملكة في رفع العقوبات الاقتصادية عن دمشق، قام وزير الخارجية على رأس وفد اقتصادي بزيارة مؤخراً، ثم رجال المال والأعمال السعوديين الذين قاموا أيضاً بزيارة إلى دمشق».
وأوضح أن الإجراء عملي لتسهيل دخول رجال الأعمال إلى البلدين، وبما يتيح لهم استكشاف الفرص الاستثمارية وإعادة الروابط بينهما بعد انقطاع طويل، ودفع عجلة الاقتصاد على أسس استثمارية تنموية ووفق استراتيجية واضحة تدعمها الدولة.
وعدّ أن إتاحة تراخيص السفر لرجال المال والأعمال خطوة مهمة تعكس الاهتمام الذي توليه قيادة المملكة لحكومة وشعب سوريا، وسعيها الدائم لترسيخ أمنها، واستقرارها، وهو أمر لا يمكن تحقيقه بمعزل عن دعم الاقتصاد وإطلاق البرامج التنموية وإعادة الإعمار.
واستطرد البوعينين قائلاً: «إن تعزيز الشراكة مع سوريا، وترسيخ استقرارها، ودعم جهود إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي، من الأولويات التي حرصت عليها الحكومة السعودية، وبما يُعزز المصالح المشتركة للبلدين، ويُحقق أهداف المستثمرين، ويدعم جهود التنمية، الأكثر حاجة لمشاركة القطاع الخاص».
ولفت إلى أن التعافي الاقتصادي يُشكل قاعدة الانطلاقة نحو مرحلة التنمية الشاملة، وإعادة البناء على أسس متينة ومستدامة، تضمن المخرجات، وتفتح آفاق المستقبل للشعب السوري في الداخل والخارج، وتعطي الأمل بنهوض الدولة وبناء مؤسساتها، ومعالجة تحدياتها.
اقرأ ايضا: السيادي السعودي يطلق «تسامى» لخدمات الأعمال
وأضاف عضو مجلس الشورى، أن إعلان الحكومة السورية تبنّي سياسة الاقتصاد الحر، وتنفيذ إصلاحات عميقة تستهدف إنعاش الاقتصاد المنهك، وتخصيص الشركات الحكومية، هو بداية الانطلاقة نحو بناء الاقتصاد، ومن خلاله ستظهر الفرص الاستثمارية النوعية التي يُمكن للمستثمرين والشركات السعودية الدخول فيها، خاصة في قطاع الطاقة والمياه والسياحة والمطارات.
وأردف قائلاً: «في ظل التحركات الدبلوماسية المتسارعة بين البلدين، والدعم الحكومي لجهود رجال المال والأعمال والمستثمرين، يُتوقع أن تتعزز الشراكة الاقتصادية مع سوريا، وأن تنتقل إلى مراحل متقدمة من التعاون المثمر، بما يحقق الأهداف الاستراتيجية ويسهم في تعزيز الأمن الإقليمي».
ويرى البوعينين أن تحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية، يفتح الأمل للشعب السوري، ويجعله أكثر انخراطاً في التنمية والبناء وإعادة الإعمار، وأكثر حرصاً على ترسيخ الأمن والوحدة الوطنية، وبما ينعكس إيجاباً على الأمن الإقليمي.
وأكد أن الاستقرار الأمني هو قاعدة التنمية والاقتصاد، ومن دونه لا يمكن المُضي قدماً في تنفيذ المشروعات وضخ الاستثمارات.
وتحدّث عن أهمية مراجعة التشريعات الداعمة للاستثمار، مبيناً أن القطاع الخاص يبحث عن الأمان الاستثماري وسلامة البيئة التشريعية الداعمة لتدفق الاستثمار، مؤكداً في الوقت نفسه أن الحكومة السورية ماضية في تحقيقها وتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة تدعم العلاقات الاستثمارية والتجارية، وتسهم في تعزيز الاقتصاد السوري.
من جهته، أوضح الاقتصادي أحمد الجبير لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة تُمثل تسهيلات سعودية للمستثمرين الراغبين في دخول السوق السورية، إذ تفتح تصاريح السفر لرجال الأعمال والمستثمرين المجال لاكتشاف الفرص المتاحة، وتعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين. وأكد أن هذا القرار من شأنه دعم اقتصاد البلدين من خلال مشروعات جديدة ونوعية.
وتابع أن القرار يدعم الانفتاح الاقتصادي وتعزيز العلاقات الإقليمية، ويحفز الاستثمار السعودي في السوق السورية، وهو مؤشر على تنامي الاهتمام الخليجي بإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية مع دمشق، في ظل المتغيرات التي تشهدها البلاد مؤخراً.
وحسب الجبير، فإن المملكة تدرك جيداً أن الاقتصاد هو مدخل السياسة الجديد في سوريا، وأن فتح تصاريح السفر للمستثمرين ليس مجرد تسهيل إجراءات، بل تحول اقتصادي يعكس نضج «رؤية المملكة 2030» في دعم الاستقرار الإقليمي من خلال التنمية الشاملة والمستدامة.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع، قد استقبل، منذ أيام، وفداً من رجال الأعمال السعوديين برئاسة محمد أبو نيان، وسليمان المهيدب، وذلك في قصر الشعب بدمشق؛ حيث جرى بحث آفاق التعاون بين الجانبين وسبل تعزيز الشراكات بمجالات متعددة.