تواصل السلطات المصرية التحقيق في أسباب الحريق الذي شبّ، مساء الاثنين، بمبنى «سنترال رمسيس» وسط القاهرة، وتسبب في وفاة 4 أشخاص وإصابة 27 آخرين، إضافة إلى تأثر خدمات الاتصالات والإنترنت والدفع الإلكتروني في عدد من الأحياء.
وتعهدت الحكومة المصرية بعودة تدريجية للخدمات التي تعطلت بفعل الحريق، عقب انتقادات شعبية وبرلمانية وطلبات إحاطة وبيانات عاجلة دفعت رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان)، المستشار حنفي جبالي، لاستدعاء وزير الاتصالات أمام «لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» بالمجلس للرد عليها، واصفاً الحريق وتداعياته بأنه «خطأ جسيم لا يمر مرور الكرام».
رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى الاتصالات الرئيسي بعد اندلاع حريق بوسط القاهرة (إ.ب.أ)
وتمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة على حريق «سنترال رمسيس» بعد نحو 17 ساعة من العمل شملت عمليات الإطفاء والتبريد. ووفق إفادة رسمية للنيابة العامة المصرية، فإن الحريق شبّ بالمبنى الرئيسي للسنترال، المكون من أحد عشر طابقاً، والمبنى الملحق به المخصَّص للاتصالات الدولية، والمكون من ستة طوابق.
وقالت النيابة بعد معاينة موقع الحادث إنها «تعمل على استكمال التحقيقات وصولاً إلى أسباب اندلاع الحريق، والوقوف على مدى توافر إجراءات السلامة والصحة المهنية، ومدى مراعاة اشتراطات الحماية المدنية والحريق».
بدأ الحريق داخل إحدى صالات الطابق المخصص لاستضافة مشغلي الاتصالات، والذي يضم صالات منفصلة لكل مشغل، قبل أن يمتد إلى الأدوار الأخرى، بحسب إفادة رسمية لوزارة الاتصالات المصرية قالت إن «جميع صالات الأجهزة الخاصة بالشركة المصرية للاتصالات مؤمنة بإجراءات أمنية وأنظمة إطفاء ذاتية»، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن «قوة واشتداد الحريق حالت دون تمكن أجهزة الإطفاء من إخماد الحريق».
وتسبب الحريق في انقطاع الاتصالات وخدمات الإنترنت والدفع الإلكتروني في عدد من مناطق القاهرة. كما أعلن محافظ القاهرة، إبراهيم صابر، أنّ «الحريق تسبّب في انقطاع التيار الكهربائي في المنطقة».
وزير الاتصالات المصري يزور مصابي حريق «سنترال رمسيس» (مجلس الوزراء)
وقال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري عمرو طلعت، عقب جولة تفقدية لموقع الحادث فجر الثلاثاء، إن «خدمات الاتصالات ستعود تدريجياً خلال 24 ساعة»، موضحاً أنه «تم نقل جميع الخدمات إلى أكثر من سنترال للعمل كشبكة بديلة»، نافياً أن «تكون مصر معتمدة على سنترال رمسيس فقط كمركز رئيسي لخدمات الاتصالات».
وأضاف طلعت، بحسب إفادة رسمية الثلاثاء، أن «معظم الخدمات الحيوية تعمل بشكل طبيعي في أغلب المحافظات مثل النجدة والإطفاء والإسعاف ومنظومة تقديم الخبز والمطارات والموانئ والمرافق الحيوية»، لكنه اعترف «بظهور أعطال في بعض الخدمات في عدد من المحافظات المحدودة يجري العمل على استعادتها».
ونظراً لتأثر خدمات الاتصالات في بعض المناطق، أعلنت البورصة المصرية تعليق التداول، الثلاثاء، حرصاً على «تكافؤ الفرص».
تصفح أيضًا: دوري المقاتلين المحترفين: اللبنانية نور تتحدى السعودية هتان قبل «معركة الجمعة»
وتعطلت الخطوط الساخنة للطوارئ والإسعاف جراء الحريق، قبل أن يعلن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، في إفادة رسمية «عودة أرقام الإسعاف والرعاية العاجلة للعمل، مع تقديم أرقام بديلة حال تعذر الاتصال بها».
وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ القاهرة عمليات إخماد حريق «سنترال رمسيس» (مجلس الوزراء)
وتعطلت خدمات السحب المالي من ماكينات الصرف التابعة للبنوك، إضافة إلى خدمات الدفع الإلكتروني، ما أربك حياة مصريين شكوا من عدم قدرتهم على الوفاء باحتياجاتهم اليومية، في ظل اعتمادهم الكامل على كروت الدفع البنكية وعدم حيازتهم قدراً كافياً من الأموال نقداً.
وفي ضوء ذلك، قرر البنك المركزي المصري زيادة الحد الأقصى اليومي لعمليات السحب النقدي من فروع البنوك بالعملة المحلية إلى 500 ألف جنيه للأفراد والشركات بدلاً من 250 ألف جنيه، وذلك بشكل مؤقت لحين عودة الاتصالات إلى طبيعتها بشكل كامل. كما قرر السماح بمد مواعيد العمل ببعض فروع البنوك لخدمة الجمهور، حتى الساعة الخامسة مساءً، بدلاً من الساعة الثالثة عصراً، لحين صدور تعليمات أخرى.
وفي محاولة لمواجهة الأعطال الناتجة عن الحريق، أعلن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات نقل حركة الإنترنت الثابت بالكامل على مركز الحركة التبادلي بـ«سنترال الروضة».
وأعلنت وزارة الطيران المدني المصرية، الثلاثاء، إقلاع جميع الرحلات الجوية التي تأثرت نتيجة العطل المفاجئ الذي طرأ على شبكات الاتصالات والإنترنت خلال الساعات الماضية وعودة حركة التشغيل إلى طبيعتها بمطار القاهرة الدولي.
وأثار انقطاع خدمات الاتصالات والخدمات البنكية والدفع الإلكتروني جدلاً وشكاوى على منصات التواصل الاجتماعي، وصلت إلى قبة البرلمان، حيث تقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة بشأن البنية التحتية للاتصالات في مصر، وطالبوا بتشكيل لجنة تقصي حقائق للكشف عن أسباب الحريق وملابسات توقف الخدمات وكيف يتم الاعتماد على مركز واحد للاتصالات في ظل الإعلانات المتكررة عن تحديث البنية التحتية الرقمية. وقال النائب عمرو درويش، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن «مصر كلها تعطلت بسبب حريق سنترال رمسيس».
المستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية والقانونية في كلمته أمام مجلس النواب (مجلس الوزراء)
ورداً على أسئلة النواب، قال وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، خلال الجلسة العامة للبرلمان، الثلاثاء، إن «هناك نسخاً احتياطية من كل البيانات التي تلفت بسبب الحريق»، مشيراً إلى أن «قطع الخدمة كان اختيارياً لعدم زيادة الخسائر».
وأشار فوزي، في الجلسة التي شهدت نهايتها إعلان فض دور الانعقاد الحالي للبرلمان، إلى أن «خدمات الاتصالات تأثرت عند نحو 50 ألف عميل في محيط السنترال، قبل أن تعود للعمل». وقال: «لا توجد أعطال ولكن الخدمة تعمل بجودة 80 في المائة»، متعهداً بعودتها لطبيعتها تدريجياً، كما تعهّد بعودة خدمات الاتصالات على الهواتف الجوالة لطبيعتها بعدما تأثرت الشبكات الأربع المشغلة للخدمة بفعل الحريق.
وقال فوزي إن «قطاع البنوك تأثر جزئياً وتم عمل مناورات من الشبكات»، كما تعطلت «خدمات التموين جزئياً قبل أن تعود للعمل». وأضاف: «سنترال رمسيس رئيسي ومركزي ويتم تفكيكه وعدم الاعتماد عليه تدريجياً».