أبقت الصين أسعار الفائدة المرجعية على الإقراض دون تغيير، في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، وذلك في أعقاب صدور بيانات اقتصادية أظهرت مرونة نسبية في نمو الاقتصاد خلال الربع الثاني من العام. هذه الخطوة تُظهر توجهاً محسوباً من السلطات النقدية الصينية، وسط ضغوط محلية وخارجية متباينة.
وأبقى بنك الشعب الصيني على سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة عام واحد عند مستوى 3.0 في المائة. كما استقر سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة خمس سنوات عند 3.5 في المائة. وتُعد هذه الأسعار مرجعية لمعظم القروض الجديدة والمُستحقة في السوق الصينية، إذ يعتمد تسعير القروض العقارية بشكل خاص على الفائدة ذات الأجل الخماسي.
وجاء القرار بعد أن أظهرت البيانات الرسمية أن الاقتصاد الصيني تباطأ بوتيرة أقل من المتوقع خلال الربع الثاني، مما قلّل من الحاجة الفورية إلى تدابير تحفيزية جديدة. وفي استطلاع أجرته وكالة «رويترز» الأسبوع الماضي، توقع جميع المشاركين من الخبراء الماليين، البالغ عددهم 20، أن تُبقي الصين على أسعار الفائدة دون تغيير، وهو ما تحقّق بالفعل.
بالتوازي مع قرار الفائدة، شهد اليوان الصيني تراجعاً طفيفاً أمام الدولار الأميركي، متداولاً في نطاق ضيق، حيث انخفض في السوق الفورية إلى 7.179 يوان للدولار، مما يمثّل انخفاضاً بنحو 0.37 في المائة عن نقطة المنتصف المحددة من قِبل البنك المركزي. وحدّد البنك نقطة المنتصف عند 7.1522، أي أعلى من تقديرات السوق بـ262 نقطة أساس، في إشارة إلى محاولة توجيه العملة نحو الاستقرار.
ويرى محللو شركة «سي آي سي سي» أن البيئة الاقتصادية المحلية والخارجية لا تزال داعمة لاستقرار اليوان، مع تقلبات محدودة، في ظل غياب صدمات خارجية مفاجئة. ومع ذلك، فإن الأسواق تترقب من كثب تطورات العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، خصوصاً مع اقتراب موعد تعيينات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، واحتمالات إعادة ضبط السياسات الجمركية.
اقرأ ايضا: البنوك المركزية تكثف شراء سندات اليورو لتعزيز التنويع بعيداً عن الدولار
على الرغم من الأداء الأفضل من المتوقع للاقتصاد، لا تزال عوامل القلق قائمة، لا سيما في ظل ضعف الطلب المحلي وتفاقم الضغوط الانكماشية. وقد أشار رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي الآسيوي في بنك «أو سي بي سي»، تومي شيه، إلى أن «عوامل تراجع الناتج المحلي الإجمالي الصيني بقيت في المنطقة السلبية لتسعة أرباع متتالية»، وهو ما قد يؤثر في ربحية الشركات ونمو الدخل، رغم تحقيق نمو حقيقي يفوق المستهدف».
وأضاف أن «البنك المركزي الصيني قد يلجأ إلى خفض سعر الفائدة المرجعي بمقدار 20 نقطة أساس إضافية خلال العام الحالي، مع احتمال محدود للقيام بخفض أكبر بسبب التحديات البنيوية التي يواجهها الاقتصاد الصيني.
وفي سوق السندات، انخفضت العقود الآجلة لسندات الخزانة الصينية لأجل 30 عاماً إلى أدنى مستوى لها منذ خمسة أسابيع؛ إذ تراجعت بنسبة 0.5 في المائة. في المقابل، ارتفعت عوائد السندات عبر مختلف الآجال؛ إذ صعد العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 1.1 نقطة أساس، ليبلغ 1.675 في المائة، مما يعكس حالة ترقب من المستثمرين لتوجهات السياسة النقدية المقبلة.
وتتوجه الأنظار في السوق إلى اجتماع المكتب السياسي المرتقب لاحقاً هذا الشهر، الذي من المتوقع أن يُرسي ملامح السياسة الاقتصادية الصينية لما تبقى من العام. ويتوقع خبراء في بنك «يو بي إس» أن تواصل الحكومة تبني سياسة كلية داعمة، وإن كانوا لا يرون ضرورة ملحة لتحفيز كبير جديد، استناداً إلى نتائج الناتج المحلي الإجمالي الإيجابية.
وتكشف تحركات السياسة النقدية الصينية الأخيرة عن نهج محسوب في مواجهة التحديات الاقتصادية، مع ترك الباب مفتوحاً أمام تيسير محتمل في حال تراجع الأداء الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة. ويبقى التركيز منصباً على مؤشرات الطلب المحلي والتطورات الجيوسياسية التي قد تدفع الحكومة إلى تعديل نهجها النقدي والمالي في المستقبل القريب.