بينما يخطط وزراء اليمين المتطرف الإسرائيلي في حكومة بنيامين نتنياهو لدعوته، في اجتماع الحكومة الإسرائيلية المرتقَب، الأحد أو الاثنين، لإعلان تطبيق السيادة على الضفة الغربية، وسَّع المستوطنون من هجماتهم في مناطق متفرقة من الضفة، تزامناً مع إعلان وزير المالية وزير الاستيطان في وزارة الدفاع الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش، عن مخطط لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم في منطقة «E1»، بهدف منع إقامة دولة فلسطينية مستقبلاً.
ولوحِظ تكثيف المستوطنين هجماتهم، منذ إعلان سموتريتش، يوم الأربعاء الماضي، عن خطته، مؤكداً أن هدفه بشكل أساسي «محو فكرة إقامة الدولة الفلسطينية»، في خطوة اعتُبِرت من قبل وسائل إعلام إسرائيلية أنها تأتي رداً على إعلان دول أوروبية اعترافها بفلسطين كدولة.
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يحمل لوحة لمشروع استيطاني خلال مؤتمر صحافي قرب مستوطنة معاليه أدوميم بالضفة (أرشيفية – أ.ب)
وأقدم مستوطنون على إحراق مركبات وكرفانات خلال مهاجمتهم لمنازل وممتلكات الفلسطينيين في قرية المغير، شمال شرقي رام الله، كما اقتحموا سهل مرج سيع، الواقع بين أراضي القرية ذاتها وقرية أبو فلاح، بينما وقعت مواجهات بينهم وبين الشبان الذين حاولوا التصدي للمستوطنين، في ثاني اعتداء لهم ضد القرية، خلال 24 ساعة، حيث أقدموا على قطع أشجار زيتون في القريتين.
وأُصِيبت مسنَّة وطفل وشاب بجروح ورضوض، صباح السبت، جراء اعتداء مجموعة أخرى من المستوطنين الذين يقطنون في مستوطنة كرمي تسور، شمال الخليل، على سكان منطقة خيران في بلدة حلحول، حيث وُصِفت حالة المصابين بالمتوسطة. فيما اعتدى بعض المستوطنين المسلحين على ممتلكات المواطنين، وهددوهم بالقتل وإحراق منازلهم وأراضيهم الزراعية، وذلك بعد يوم واحد من إصابة مسنّ وزوجته في منطقة مسافر يطا.
وداهم مستوطنون خياماً لفلسطيني في الفارسية بالأغوار الشمالية، بعد يومين من مهاجمته وأفراد عائلته؛ ما أدى لإصابتهم برضوض، بينما هددت مجموعة أخرى مسلحة، الفلسطيني نصار رشايدة، بإخلاء منزله في قرية كيسان شرق بيت لحم، مشيرين إلى إحراق المنزل في حال لم يقم بذلك خلال 24 ساعة، بحجة أنه مقام في أراضٍ استيطانية تابعة لهم.
وأجبرت، الجمعة، مجموعة من المستوطنين المسلحين عائلتين من قبيلة الكعابنة على الرحيل من تجمُّع شلال العوجا، شمال أريحا، الذي يتعرَّض لحملة اعتداءات يومية، مع إجبار العديد من العائلات على الرحيل منه تحت تهديد السلاح.
وأحرق مستوطنون، فجر الجمعة، أربع مركبات وأجزاء من منزل في المنطقة الشرقية من بلدة عطارة، شمال غربي رام الله، ما تسبب بأضرار مادية، قبل أن يخطُّوا شعارات عنصرية على جدران القرية، وذلك بعد يوم واحد من إعادة المستوطنين نَصْب خيام على أراضي جبل خربة طرفين قرب مدخل البلدة ذاتها، التي هدمها الجيش الإسرائيلي أربع مرات سابقاً، في حين أقدموا، يوم الاثنين، على إقامة المستعمرة للمرة الأولى في المنطقة بهدف الاستيلاء على الجبل الذي تُقدَّر مساحته بنحو 2000 دونم، ويُعدّ منطقة أثرية.
شرطيان إسرائيليان يقفان في منطقة «إي1» قرب مستوطنة معاليه أدوميم خارج القدس في الضفة الغربية (أرشيفية – أ.ف.ب)
وأُصيب، ظهر الجمعة، 3 فلسطينيين بالرصاص الحي، في هجوم للمستوطنين على بلدة المزرعة الشرقية، شرق رام الله، حيث وُصِفت حالتهم بالمتوسطة.
إدانة فلسطينية
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إرهاب مَن وصفتهم بــ«المستعمرين وجرائمهم المتصاعدة ضد المواطنين وأرضهم ومنازلهم ومركباتهم وأشجارهم ومصادر رزقهم ومقدساتهم».
وحمَّلت الخارجية، في بيان لها، الحكومة الإسرائيلية، «المسؤولية المباشرة عن تلك الجرائم التي تحدث بحماية جيش الاحتلال وبتحريض مستمرّ من وزراء في الحكومة المتطرفة»، لافتةً إلى أن «ردود الفعل الدولية على جرائم الاحتلال ومستعمريه غير كافية، ولم ترتقِ لمستوى ما يتعرض له شعبنا من إرهاب وجرائم ابادة وتهجير وتجويع وضم»، مطالبةً بمواقف وإجراءات دولية أكثر جرأة لفرض الوقف الفوري لجرائم الاحتلال. كما جاء في بيانها.
نوصي بقراءة: لافروف: ممارسات الاحتلال فى الأراضى الفلسطينية تمثل تحديا للمجتمع الدولى
يأتي هذا في ظل وضع إسرائيل اشتراطات جديدة تتعلق بعودة الفلسطينيين الذين أجبرتهم على النزوح مجدداً من مخيمات شمال الضفة الغربية، وتحديداً جنين، وطولكرم، ونور شمس، وهي المخيمات الثلاثة التي تتعرض لعملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق، منذ عدة أشهر، حيث دمرت غالبية منازل تلك المخيمات، وجرى شق طرق جديدة تتناسب مع الخطط الأمنية والاستيطانية الإسرائيلية.
وأكدت دائرة شؤون اللاجئين والمكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، رفضها لأي محاولات إسرائيلية لفرض أي اشتراطات على عودة النازحين إلى مخيمات شمال الضفة الغربية، التي تُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية، وفق نص بيان صدر عن الجهتين.
سيارة أحرقها مستوطنون إسرائيليون في قرية الطيبة بالقرب من رام الله بالضفة الغربية (أرشيفية – إ.ب.أ)
وأكد البيان على الرفض القاطع لأي محاولات إسرائيلية تهدف إلى تغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي للمخيمات، والتأكيد على أن هذه المحاولات مصيرها الفشل، مؤكداً الرفض التام لأي اشتراط بإجراء «مسح أمني» لسكان المخيمات، و«نعتبره مساساً بالحقوق الأساسية ومحاولة لفرض سيطرة أمنية على حياة اللاجئين، فاللاجئون الفلسطينيون ليسوا مجرد مستفيدين من خدمات، بل هم أصحاب حقوق سياسية وإنسانية، ولهم كامل الحق في التعبير عن رأيهم والدفاع عن قضيتهم».
وشدد البيان على أن «تفويض (الأونروا) غير قابل للتفاوض، وبالتالي الرفض القاطع لأي اشتراطات تهدف إلى منع عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في المخيمات، على اعتبار أن (الأونروا) تمتلك تفويضاً أممياً واضحاً ومستمراً منذ صدور القرار 302 (د – 4) في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1949، وأي محاولة لتعطيل عمل (الأونروا) ما هي إلا جزء من مخطط أوسع يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين، وهو ما لن نسمح به تحت أي ظرف». كما جاء في البيان.
وأشار إلى أن الحل العادل والدائم لقضية اللاجئين يكمن في تطبيق القرار الأممي 194، وجميع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، محذراً من نيات إسرائيل الهادفة لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، مشدداً على أنه لا يمكن أن يُعاد تشكيل التعريف وفقاً لمصالح الاحتلال.
وترفض إسرائيل إعادة تسليم مخيمات شمال الضفة الغربية للسلطة الفلسطينية، بحجة تشجيعها لـ«الإرهاب».
مستوطنان إسرائيليان في الضفة الغربية (أرشيفية – أ.ب)
وذكر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن القوات الإسرائيلية ستبقى منتشرة في مخيمات اللاجئين بشمال الضفة الغربية حتى نهاية العام على الأقل، قائلاً إن «مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس بؤر للإرهاب جرى تمويلها وتسليحها من قبل إيران لتكون جبهة أخرى ضد إسرائيل».
وتابع كاتس أنه خلال الأشهر الثمانية الماضية، نفَّذ الجيش الإسرائيلي هجوماً مكثفاً، جرى خلاله إخلاء سكان المخيمات وقتل مسلحين وتدمير البنية التحتية التي تستخدمها الجماعات المسلحة، قائلاً: «سيبقى جيش الدفاع الإسرائيلي داخل المخيمات في تلك المرحلة، على الأقل حتى نهاية العام، بموجب توجيهاتي… لم يعد هناك إرهاب في المخيمات اليوم».
وانتقدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تلك العملية، وقالت الأمم المتحدة إن نساءً وأطفالاً قُتِلوا أيضاً فيها. وفي فبراير (شباط) الماضي، ألقى مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الضوء على نطاق غير مسبوق من النزوح الجماعي لم يُشهد منذ عقود، في الضفة الغربية المحتلة.
وكان المنسق الأميركي للشؤون الأمنية في الضفة الغربية، مايكل آر فينزل، زار، بداية الشهر الماضي، مخيم نور شمس في طولكرم، للاطلاع على الأوضاع فيه، وقال محافظ طولكرم، عبد الله كميل، الذي رافق المسؤول الأميركي في جولته بتصريحات للصحافيين إن «الزيارة تأتي في إطار تواصل الجانب الفلسطيني مع مختلف الجهات، بما فيها الأوروبية والولايات المتحدة التي تملك قدرة على الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها».
وأضاف كميل، في تصريحات للصحافيين، أن الهدف الفلسطيني «إعادة الناس إلى منازلهم، ورفع الأذى عنهم، وإعادة إعمار المخيمات»، مشيراً إلى الأميركيين اقترحوا أن تكون بداية الإعمار من مخيم نور شمس، وتابع: «لسنا ضد ذلك».
وأشار المحافظ إلى أنها المرة الأولى التي يدخل فيها المخيم منذ بدء العملية الإسرائيلية، واصفاً الوضع هناك بأنه «مأساوي»، مشيراً إلى أن المنسق الأميركي «أبدى امتعاضه مما شاهده».