في مشهدٍ رمزي حافل بالدلالات السياسية والإنسانية، عاد المناضل اللبنانى جورج عبد الله إلى وطنه لبنان، بعد أكثر من أربعة عقود قضاها أسيرًا في السجون الفرنسية، ليغلق بذلك فصلًا طويلًا من الصمت الدولى حول واحدة من أطول حالات الاعتقال السياسى فى أوروبا.
جورج عبد الله، الذي وُصف بأنه “رمز حيّ للمقاومة ضد الاستعمار والصهيونية”، خرج من المعتقل عن عمر يناهز 74 عامًا، بعد أن وافقت محكمة الاستئناف في باريس على الإفراج عنه بشرط مغادرة فرنسا نهائيًا. وكان قد أُدين عام 1987 بتهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين أحدهما أمريكي والآخر إسرائيلي في باريس عام 1982.
فور وصوله إلى مطار رفيق الحريري فى بيروت، أطلق عبد الله رسائل واضحة لا تحتمل التأويل، حيث أكد أن دماء شهداء المقاومة هى الأساس لكل فكرة تحرر في العالم، مشددًا على أن “المقاومة باقية وممتدة، ولا يمكن اقتلاعها”، وأن إسرائيل تعيش آخر فصول نفوذها.
تصفح أيضًا: بالفيديو.. استشهاد طفل جوعاً في أحضان والده أثناء انتظارهما المساعدات شمال غزة
عبد الله لم يكن فقط أسيرًا سياسيا، بل حالة رمزية ألهمت أجيالًا من المناضلين في لبنان وفلسطين والعالم، حيث ارتبط اسمه بنضالات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتنظيم الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، ضمن سياق المقاومة اليسارية المعادية للإمبريالية.
الملفت أن قضية عبد الله بقيت طيّ الإهمال الأوروبي لعقود، رغم استيفائه شروط الإفراج منذ سنوات، الأمر الذي فسّره مراقبون بأنه خضوع سياسي للضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وهو ما أشار إليه بيان لجنة أصدقاء الأسير يحيى سكاف، التي اعتبرت تحرير عبد الله “هزيمة لمشروع الهيمنة الذي حاول كسر إرادة المناضلين”.
تفتح عودة جورج عبد الله إلى لبنان بابًا واسعًا للتساؤل حول دور فرنسا الرسمي في ملف الاعتقالات السياسية، وتُعيد تسليط الضوء على معاناة آلاف الأسرى في السجون الإسرائيلية، خصوصًا من الفلسطينيين واللبنانيين.
وبينما لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يحتجز مناضلين أمثال يحيى سكاف، يرى الكثيرون في الإفراج عن جورج عبد الله بارقة أمل جديدة، تؤكد أن الرهان على إرادة الصمود طويل النفس، وإن تأخر، لا يُكسر.