كشفت مصادر كردية في سوريا عن أن العاصمة الفرنسية باريس ستشهد الجمعة المقبل لقاء يجمع بين وفد رفيع المستوى من الحكومة السورية، يترأسه وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووفد بارز من قادة «الإدارة الذاتية» وقواتها العسكرية، بمشاركة المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس براك ووزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو، للإعلان عن خطوات عملية متقدمة في عملية دمج قوات «قسد» وإدارتها المدنية في هياكل الدولة السورية، وفق الاتفاق الذي وقعه الرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد «قسد»، مظلوم عبدي، في 10 مارس (آذار) الماضي.
وزيرا خارجية سوريا والأردن مع السفير الأميركي توماس برّاك خلال اجتماعهم في عمّان يوم 19 يونيو 2025 (حساب السفارة الأميركية في دمشق)
ورجحت المصادر مشاركة قائد «قسد»، مظلوم عبدي، في مؤتمر باريس، إلى جانب إلهام أحمد، رئيسة شؤون العلاقات الخارجية بالإدارة، أو القيادية الكردية فوزة يوسف، رئيسة وفد الإدارة المفاوض مع دمشق. وقالت إن عقده كان من نتائج لقاءات العاصمة الأردنية عمّان التي جمعت براك مع وزير الخارجية السوري الشيباني ومظلوم عبدي؛ والتي سادتها «أجواء إيجابية». وهو ثالث اجتماع من نوعه خلال شهر يوليو (تموز) الحالي يعقد بين الأطراف السورية المعنية بتطبيق «اتفاق 10 مارس».
وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو ونظيره السوري أسعد الشيباني خلال مشاركتهما بالمؤتمر الاقتصادي في دافوس يوم 23 يناير 2025 (أ.ف.ب)
وأشارت المصادر إلى أن فرنسا، التي تحتفظ بعلاقات تاريخية في الملف السوري ومشاركة بفاعلية في قوات التحالف الدولي، وتدعم قوات «قسد» في محاربة تنظيم «داعش»، «لعبت دوراً محورياً في الوساطة لتقريب وجهات النظر بين دمشق والإدارة الذاتية، وسيجري الإعلان عن خطوات متقدمة في (اتفاق آذار) تلبي تطلعات الشعب السوري وتضحيات مكونات مناطقنا».
المصادر أكدت أن «اجتماع عمّان نجح في تصحيح المسار التفاوضي بين الحكومة السورية المؤقتة والإدارة الكردية، بعد فشل أول جولة في العاصمة دمشق في 9 من هذا الشهر، عندما اتفق الجانبان على ملفات عدة، بينها ضرورة عقد اجتماع عسكري بين قادة (قسد) ووزارة الدفاع؛ لبحث شكل وآليات الدمج. على أن تكون إدارة المعابر الحدودية مشتركة بين الجانبين، وضرورة استئناف عمل مؤسسات الدولة، وتفعيل دوائر الحكومة في مناطق الإدارة… في مقدمتها عودة جميع المهجرين، لا سيما أهالي عفرين بحلب ورأس العين بالحسكة وتل أبيض بالرقة».
قد يهمك أيضًا: «المحكمة الأوروبية» تدين روسيا بسبب انتهاكات عدة لحقوق الإنسان في أوكرانيا
الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاقية اندماج «قسد» بالجيش السوري في مارس الماضي (إ.ب.أ)
وينص «اتفاق 10 مارس» على دمج قوات «قسد» ومؤسساتها المدنية في الجيش السوري ودوائر الدولة الخدمية قبل نهاية هذا العام، ويهدف إلى وضع جميع المعابر الحدودية مع العراق وتركيا ومطار القامشلي الدولي، إلى جانب حقول النفط ومنشأة الطاقة بالشمال الشرقي، تحت سيطرة الحكومة المركزية، غير أنها خاضعة حتى اليوم لنفوذ «قسد» وتدار من قبلها.
وعن شكل الاتفاق بخصوص دمج قوات «قسد» في وزارة الدفاع، أوضحت المصادر نفسها أن وفد الإدارة وقائد «قسد»، وخلال اجتماع دمشق الأول، «اتفقا مع الجانب الحكومي على خطوط عريضة؛ على أن تحتفظ (قسد) بخصوصيتها العسكرية بوصفها كتلة ضمن فيلق واحد، تتبعها فرق عسكرية عدة في الرقة ودير الزور والحسكة، على أن تبقى في مناطقها الجغرافية المنتشرة فيها حالياً».
وكان المتحدث الرسمي باسم «قسد»، أبجر داود، قد أعلن رفض «القوات» تسليم أسلحتها للدولة السورية، في ظل ارتفاع وتيرة أعمال العنف في محافظة السويداء جنوب البلاد، واستمرار تهديدات تنظيم «داعش»، نافياً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» صحة الأنباء التي تحدثت عن تحديد سقف زمني غايته 30 يوماً أمام «قسد» للاندماج في الجيش السوري.
مظلوم عبدي القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» قبل مؤتمر صحافي في الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
وبشأن مستقبل القائد العام لـ«القوات»، مظلوم عبدي، وما إذا كان سيشغل منصباً قيادياً في وزارة الدفاع أو الدولة، أكدت المصادر أن هذه النقاشات وغيرها سابقة لأوانها؛ «لأنها تحتاج إلى التوصل لاتفاق قانوني يرضي جميع الأطراف، واعتراف دستوري، وإلحاق جميع مؤسسات الإدارة الذاتية وموظفيها بهياكل الدولة، والاعتراف بالشهادات التعليمية من الصف الأول حتى المرحلة الجامعية».
وأعادت المصادر التذكير بأن «لقاء دمشق الأول» الذي عقد في «قصر تشرين» حضره «وزراء الحكومة السورية: الخارجية والدفاع والداخلية، ورئيس المخابرات العامة. كما حضره من طرف (الإدارة)، إلى جانب قائد (قسد)، كلٌ من: إلهام أحمد، رئيسة شؤون العلاقات الخارجية، وفوزة يوسف، رئيسة وفد الإدارة المفاوض مع دمشق، وعبد حامد المهباش، الرئيس التنفيذي السابق للإدارة، والمبعوثان الأميركي والفرنسي. كما حضره وفد تركي حكومي بارز لم يشارك في الاجتماع، لكنه تابع جميع النقاشات من غرفة جانبية، وأُطلعوا على كل التفاصيل والتوافقات التي جرى التوصل إليها بين الجانبين».