الإثنين, يوليو 21, 2025
spot_img
الرئيسيةالاخبار العاجلةتبون: عبّرنا للروس عن قلقنا من حضورهم العسكري قرب حدودنا

تبون: عبّرنا للروس عن قلقنا من حضورهم العسكري قرب حدودنا

كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، للمرة الأولى، أنه عبّر للروس خلال لقاء جمعهم بهم عن قلق الجزائر من الحضور العسكري الروسي قرب الحدود الجنوبية للبلاد، ولا سيما مالي والنيجر. كما هوّن الرئيس تبون من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض ضريبة بنسبة 30 في المائة على المنتجات الجزائرية المصدّرة إلى الولايات المتحدة. ومن جهة أخرى، أوصى تقرير بحثي الحكومة الأميركية بتعزيز التعاون مع الجزائر في 3 مجالات.

وكان الرئيس تبون يتحدث خلال مقابلة مع وسائل إعلام عمومية، بثّها التلفزيون الرسمي أخيراً، عندما تطرّق إلى مسألة الضريبة الأميركية التي تم تبليغ الجزائر بها في 9 يوليو (تموز) الحالي، في أول ردّ فعل رسمي من الحكومة الجزائرية على هذا القرار.

الرئيس الجزائري خلال استقباله مسؤول شركة «إكسون موبايل» الأميركية في الجزائر يوم 25 يونيو 2025 (الرئاسة الجزائرية)

وقال تبون: «إنه قرار سيادي… حتى لو تم رفع النسبة إلى 50 في المائة، فهذا شأن يخصّه (الرئيس ترمب). حتى أنا حرّ في الطريقة التي ستتعامل بها جمارك بلادي»، في إشارة تُفهم على أن الجزائر قد تُقدِم على رفع الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية المستوردة، ردّاً على خطوة ترمب.

وسُئل تبون عما إذا كان ذلك يثير قلق بلاده، فردّ قائلاً: «كان سيكون الأمر مقلقاً لو أن التجارة مع الولايات المتحدة تمثل 40 في المائة من تجارتنا الخارجية، لكن الواقع أنها لا تتجاوز 0.5 في المائة، فلماذا أزجّ نفسي في أمر لا يعنيني؟».

وتسلّمت الحكومة الجزائرية رسالة من ترمب، تتضمن قراره برفع الضريبة إلى 30 في المائة، مؤكداً فيها أن الإجراء يشمل الصادرات الجزائرية غير النفطية، بعدما كانت خاضعة لمعدل ضريبة 18.9 في المائة سابقاً. وأعلن أن القرار سيدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من الأول من أغسطس (آب) 2025، ما وضع الجزائر أمام موقف دقيق، إذ إن أي إجراء مماثل من جانبها قد يُقابَل تلقائياً بمزيد من التصعيد في الرسوم الأميركية.

وشدّد الرئيس الأميركي في رسالته على أنه «إذا قررتم لأي سبب كان، رفع رسومكم الجمركية، فسيتم إضافة النسبة التي تختارونها إلى نسبة 30 في المائة التي نفرضها. يُرجى تفهّم أن هذه الرسوم ضرورية لتصحيح سنوات طويلة من السياسات الجمركية وغير الجمركية، والحواجز التجارية الجزائرية، التي تسببت في عجز تجاري غير مستدام ضد الولايات المتحدة». وأوضح أن هذا العجز «يشكل تهديداً خطيراً ليس لاقتصادنا فقط، بل لأمننا القومي أيضاً».

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

قد يهمك أيضًا: القانون يُلزم عضو الشيوخ بأداء اليمين الدستورية قبل مباشرة عمله

من جهة أخرى، تحدث الرئيس تبون في المقابلة الصحافية، عن الوضع في مالي والعلاقات مع الجزائر، في سياق تدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل. وتطرق إلى موقف الجزائر من وجود المرتزقة الروس على حدودها، في إشارة إلى مجموعة «فاغنر» التي غادرت مالي في يونيو (حزيران) الماضي، بعد فترة امتدت 4 سنوات. وتم إبدال هذه المجموعة، التي عرفت بأساليبها العنيفة، بـ«فيلق أفريقيا»، وهي قوة شبه عسكرية أخرى تخضع لسيطرة موسكو. وقد شكّل وجود المسلحين التابعين لموسكو مصدر قلق دائم للجزائر، حيث كشف الرئيس تبون أنه عبّر عن هذا الانزعاج صراحة للجانب الروسي، من دون أن يُوضح لمن نقل هذا الموقف، ولا متى تم ذلك.

الرئيسان الروسي والجزائري خلال لقائهما في موسكو في 15 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

وتفيد مصادر مطلعة بأن هذه المسألة طُرحت خلال زيارة الرئيس تبون إلى روسيا في يونيو 2024، وتحديداً أثناء محادثاته مع الرئيس فلاديمير بوتين في قصر الكرملين. ولم تكشف المصادر ذاتها عن ردّ الرئيس الروسي على هذا الطرح.

في سياق ذي صلة، أكّد «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، في تقرير حديث رفع إلى صناع القرار الأميركيين، أن الجزائر «دولة محورية في أفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، وتمثل شريكاً استراتيجياً محتملاً للولايات المتحدة، خاصة في ظل الاضطرابات الإقليمية، ولا سيما منطقة الساحل» الأفريقي. وأوصى التقرير الحكومة الأميركية بتبني نهج «أكثر تنظيماً واستدامة في تعاملها مع الجزائر، لمواجهة تصاعد نفوذ الصين وروسيا وتركيا وإيران، إضافة إلى معالجة حالة عدم الاستقرار في الساحل».

واعتمد المعهد على مصادر علنية ومقابلات مع مسؤولين جزائريين وأميركيين، في صياغة التقرير، حيث جاء فيه أنه «لا يسعى إلى التنبؤ بالمستقبل، بل يهدف إلى تقديم مسارات تساعد واشنطن في تحديد خياراتها الاستراتيجية مع الجزائر».

وبهذا الخصوص، يدعو التقرير إلى إعادة تشكيل العلاقة الثنائية بين البلدين، التي اتسمت حتى الآن بالمقاربة الأمنية المؤقتة، ويطبعها أيضاً التزام الجزائر بعقيدة عدم الانحياز منذ الاستقلال. وبحسب سابينا هينيبيرغ، المتخصصة في شؤون شمال أفريقيا، الباحثة المشاركة في المعهد ومؤلفة التقرير، فإن الجزائر تمثل في الوقت ذاته «شريكاً لا غنى عنه وتحدياً معقداً». وترى أن على واشنطن التركيز على 5 محاور رئيسية في علاقاتها مع الجزائر؛ الأمن والطاقة والاقتصاد والثقافة والدبلوماسية.

وفي ظل انسحاب الولايات المتحدة وفرنسا من منطقة الساحل، يشدد التقرير على الدور الذي يمكن أن تضطلع به الجزائر في استقرار هذه المنطقة المتضررة من الإرهاب. ويوصي بموجب مذكرة الدفاع الموقعة بين البلدين مطلع 2025، بتعزيز الحوار الاستراتيجي في مجالات الاستخبارات والحدود والتدريب.

في الجانب الاقتصادي، وبما أن الجزائر تسعى للتخلص من تبعيتها للمحروقات، يشجع المعهد الحكومة الأميركية على الاستثمار في الصناعات الزراعية والتعدين والصحة، والطاقة المتجددة. ويضرب مثالاً رمزياً بتصدير أبقار من تكساس إلى الجزائر كدليل على أن «الالتزام الصبور يمكن أن يُثمر، رغم البطء البيروقراطي».

ويتناول التقرير أيضاً نقاط القوة والضعف و«التناقضات في الوضع الجزائري». فمن نقاط القوة، حسبه، جيشها ذو الخبرة، وشبابها النشط، وثقلها الدبلوماسي في أفريقيا، ومواردها الطاقوية. أما نقاط الضعف فتتمثل في تبعيتها للنفط (90 في المائة من الصادرات) والجفاف والبيئة الجامدة في قطاع الأعمال. ومن «التناقضات» التي يشير إليها التقرير «بطء بعض الإصلاحات والدعم الضخم للطاقة، وانعدام الثقة في الاستثمار الأجنبي رغم تعديل القوانين لتيسيره». ويبرز التقرير أن «بيئة الأعمال ما زالت معقدة، تعيقها البيروقراطية، والضبابية القانونية».

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات