اعتصم عشرات من أصحاب المتاجر في أسواق دمشق التاريخية، أمام القصر العدلي بدمشق، احتجاجاً على مشروع قرار يلغي حق الفروغ في عقود الإيجار ذات التمديد الحكمي، وطالبوا وزارة العدل والحكومة السورية بوقف القرار، وسط تحذيرات من «فتنة» في الوسط التجاري قد تشعلها تداعيات القرار الذي يهدد عصب التجارة في دمشق.
وكانت وزارة العدل السورية أصدرت القرار رقم 856/ في 12/6/2025، المتعلق بتشكيل لجنة لدراسة الصكوك التشريعية والتعليمات النافذة بشأن عقود إيجار المتاجر ذات التمديد الحكمي. وأجرت اللجنة كثيراً من الاجتماعات وسط اعتراضات من التجار الشاغلين للمتاجر ذات التمديد الحكمي، أي قانون الإيجار التجاري القديم الذي يقضي بدفع المستأجر «فروغاً» بنسبة 80 في المائة من قيمة العقار لصاحب الملك، ويقوم بتسديد ضريبة الفرغ لخزينة الدولة، بالإضافة إلى تسديد إيجار لصاحب الملك مقابل الرقبة، أي «ملكية الأرض» التي تبقى لصاحب الملك. ويشترط هذا النوع من العقود عدم إجراء تغييرات في المتجر أو تأجيره للغير، وبحسب خبراء القانون، يختلف هذا النوع من العقود عن عقود قانون الاستثمار والإيجار العادي.
مظاهرات مالكي فروغ المحلات أمام القصر العدلي بدمشق يوم الإثنين (متداولة)
من جهته، أكد وزير العدل السوري الدكتور مظهر الويس، خلال لقائه وفداً من ممثلي تجار دمشق، اليوم، أن اللجنة المشكلة لدراسة موضوع «التمديد الحكمي للإيجار» لا تزال في مرحلة الاستماع وتقييم الواقع، ولم تصدر أي قرارات نهائية بهذا الشأن.
وتناول الاجتماع الذي جرى في مبنى الوزارة، اليوم (الاثنين)، مناقشة التحديات التي تواجه القطاع التجاري، خصوصاً قضايا إفراغ المحلات التجارية في الظروف الاقتصادية الراهنة.
متسوّقون في سوق الحميدية التاريخية وسط دمشق (إ.ب.أ)
تصفح أيضًا: النواب يستكمل غدا مناقشة الإيجار القديم.. ورئيس المجلس يؤكد دستورية القانون
مصادر تجارية في دمشق، قالت إن التجار حذروا من عواقب «وخيمة» لقرار وزارة العدل، في اجتماع عقده مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، حضره عدد من رؤساء اللجان القطاعية لأسواق دمشق وتجار بعض المهن والخبرات القانونية التجارية، وطالبوا الغرفة بالتحرك لتأجيل القرار.
مروان حلبي، قال إنه اشترى فروغ متجر عام 2022، وقبل صاحب الملك بنقل عقد الفروغ ووقع العقد مقابل نسبة من قيمة الفروغ على سبيل «الترضية»، لكنه الآن يقول إنني «سلبته حقه»، ويطالب بإخلاء المتجر. وأضاف مروان أن المشكلات المتعلقة بمتاجر الفروغ تختلف من محل إلى آخر، «هناك مشكلات كثيرة معقدة جداً، خصوصاً المتاجر المدفوع فروغها من خمسين عاماً أو أكثر، جرى خلالها توارث حقوق الملكية والفروغ معاً»، حيث يطالب ورثة المالكين باستعادتها دون اعتراف بـ«الفروغ»، باعتبار أنه بدل إيجار لسنوات إشغال المتجر، مع العلم بأن مالك الفروغ ليس مستأجراً، وإنما شريك بالملكية، ويجب إيجاد حلول عادلة تضمن حقوق جميع الأطراف.
مظاهرات مالكي فروغ المحلات أمام القصر العدلي بدمشق يوم الإثنين (متداولة)
في المقابل، نهال وهي ضمن 12 وريثاً لعدد من المحلات التجارية في دمشق القديمة، تقول: «هل من المنطق ألا تتجاوز عائدات الإيجار السنوي لعدة متاجر في قلب دمشق التجاري العشرة دولارات توزع على 12 وريثاً!!»، معتبرة أن ذلك استيلاء على مال الغير. وقالت: «كيف نملك كل تلك العقارات، ونعيش بدخل لا يغطي تكاليف المعيشة، بينما ورثة الفروغ يتنعمون بأملاكنا». واستغربت نهال تبرير أصحاب الفروغ استيلاءهم على أملاك الغير بنصوص دينية أو أعراف قديمة، متجاهلين أحكام الشريعة بأن «لا ضرر ولا ضرار»، مع التأكيد أن من «انتفع بعقار دون إذن مالكه، وبلا أجر عادل فهو غاصب». ولفتت نهال إلى أنهم كانوا مجبرين على الصمت في العهد البائد، بسبب الفساد وشراء الذمم التي تبيح الاستيلاء على ملكيات الغير، لكن اليوم ومع بدء الحكومة الجديدة العمل على تغيير القوانين «لن نتنازل عن حقوقنا وحقوق أولادنا».
وكان العشرات من أصحاب المتاجر المتضررين من القرار نفذوا اعتصاماً احتجاجياً أمام مقر غرفة تجارة دمشق في سوق الحريقة، الخميس الماضي، عقد على أثره مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، اجتماعاً استثنائياً برئاسة غسان سكر، النائب الأول لرئيس الغرفة، لمناقشة تداعيات قرار وزارة العدل، حيث قدم التجار معروضاً وقعه أكثر من 300 تاجر موجه إلى وزارة العدل عن طريق الغرفة، طالبوا فيه بإعادة النظر بما وصفوه بالقرار «الخطير الذي يمكن أن يؤدي إلى فتنة».
وخلال الاجتماع، أكد غسان سكر التزام الغرفة باستقرار التعاملات التجارية وحماية المركز القانوني للمتجر السوري «المضمون عرفاً وقانوناً». كما طالب مجلس إدارة الغرفة بتنظيم ندوات حوارية موسعة حول الموضوع، وضرورة توسيع عضوية اللجنة المشكلة من قبل وزارة العدل، لتشمل ممثلين عن الأسواق التجارية المهددة، وممثلين عن جميع غرف التجارة في سوريا، مع التأكيد على الضرورة الملحة لفصل مسارات المسائل المتعلقة بإيجار السكن وعدالة تخمين الإيجارات وإيجار المتاجر.