يشهد التحالف السياسي والعسكري الداعم للجيش السوداني ضد قوات «الدعم السريع» اختلافات وتباينات تهدد بتفجره، إذ أعلن تحالف «الكتلة الديمقراطية» رفضه خريطة الطريق، التي قدّمتها الحكومة المدعومة من الجيش إلى الأمم المتحدة والوسطاء لوقف الحرب، وعدّتها «تمهيداً لتقسيم السودان، ودعوة عملية للانفصال، وليست خطة حقيقية لإنهاء النزاع»، كما انتقد التعديلات التي أجراها قائد الجيش على الوثيقة الدستورية دون التشاور معه.
وسلّمت الحكومة، التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، في 10 مارس (آذار) الماضي، وثيقة بعنوان «سري وشخصي» للأمم المتحدة، موقّعة من مندوب السودان السفير الحارث إدريس، تضمنت قبول وقف إطلاق نار مشروط بانسحاب كامل لقوات «الدعم السريع» من الخرطوم وكردفان و«محيط» الفاشر خلال 10 أيام.
جعفر محمد عثمان الميرغني رئيس «الكتلة الديمقراطية» (أرشيف – فيسبوك)
ونصّت الوثيقة على حصر وجود «الدعم السريع» في ولايات دارفور، والتمهيد لعودة النازحين واستعادة الخدمات، وأعلنت قبول الحكومة إمكانية التفاوض على مستقبل «قوات الدعم»، وتشكيل حكومة من المستقلين، وإطلاق حوار سوداني – سوداني داخل البلاد برعاية الأمم المتحدة.
واللافت أن تحالف «الكتلة الديمقراطية» أعلن موقفه من خريطة الطريق التي قدّمتها الحكومة التي تشاركه السلطة، بعد مرور أكثر من 6 أشهر على تسليمها، معتبراً «حصر (قوات الدعم السريع) في دارفور دعوة ضمنية للانفصال وتهديداً لوحدة البلاد».
ودعت الكتلة إلى صياغة خريطة طريق بديلة «تستند إلى مبادئ الحفاظ على وحدة الأراضي والسيادة الوطنية، وتفكيك (قوات الدعم السريع) ودمج كافة التشكيلات المسلحة في الجيش، مع ضمان الانتقال المدني الديمقراطي عبر حوار شامل».
اقرأ ايضا: مؤسسة الجارحي تشارك فى القافلة رقم 11 للتحالف الوطني لدعم غزة
وأدان التحالف، في بيان صدر الأحد بعد اجتماع بقيادة رئيسه جعفر الميرغني، ما أطلق عليه «الصمت الدولي» تجاه الأوضاع الإنسانية المتدهورة في الفاشر وكادوقلي والدلنج وبابنوسة، وطالب بتشديد العقوبات على «قوات الدعم السريع»، وتطبيق تدابير عاجلة لفكّ الحصار عن المدن.
وانتقد تمرير تعديلات الوثيقة الدستورية «دون مشاورة القوى السياسية»، داعياً إلى الإسراع في تشكيل مؤسسات الفترة الانتقالية، وعلى رأسها المجلس التشريعي.
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
و«الوثيقة الدستورية» هي الدستور المؤقت الذي تم توقيعه بين الجيش وتحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، عقب الثورة الشعبية التي أطاحت حكومة الرئيس الأسبق عمر البشير، قبل أن يجري قائد الجيش العديد من التعديلات على نصوصها، بعد انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وتأسس تحالف «الكتلة الديمقراطية» بقيادة جعفر الميرغني، إلى جانب محمد الأمين ترك، زعيم قبيلة الهدندوة، إثر انشقاق عن «قوى إعلان الحرية والتغيير – المجلس المركزي»، ويضم حركات مسلحة وقوى سياسية، أبرزها «حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، وحزب «مؤتمر البجا»، و«الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل»، إضافة إلى مكونات أخرى.
واشتهرت الكتلة بتنظيم اعتصام القصر الجمهوري، الذي عرف شعبيّاً بـ«اعتصام الموز»، على سبيل السخرية من مكوناته، إشارة إلى الكميات الكبيرة من الموز التي تم رصد نقلها لمقر الاعتصام، الذي نظّم في 14 أكتوبر 2021، للمطالبة بإسقاط حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وحظي الاعتصام بدعم مباشر من قيادة الجيش، ما وفّر له غطاءً مدنياً للانقلاب، الذي وقع بعد 10 أيام في 25 أكتوبر، وأبقى على وزراء وقادة الكتلة في مواقعهم، بينما تم اعتقال حمدوك وعدد من وزرائه.