الإثنين, أغسطس 11, 2025
الرئيسيةالعالمآسياتدفّق الأفغان العائدين يؤجّج أزمة السكن في كابل

تدفّق الأفغان العائدين يؤجّج أزمة السكن في كابل

لا يزال محمد محسن زرياب، الذي أُجبر على العودة من إيران قبل أسابيع، يتلمس طريقه للعثور على مسكن في العاصمة الأفغانية، حيث تشهد أسعار الوحدات السكنية المؤجرة ارتفاعاً جنونياً جرّاء تدفق أفواج المرحّلين من الدول المجاورة.

فمع تضاعف أعداد العائدين قسراً من دول الجوار، تفاقمت أزمة الإسكان في المدينة التي تعاني أصلاً من شحّ الوحدات السكنية؛ مما دفع بالإيجارات إلى مستويات خيالية. وتشير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى عودة أكثر من 2.1 مليون أفغاني من باكستان وإيران منذ مطلع العام الحالي. وبهذا لحقوا بأفواج سابقة مرحّلة من دول الجوار سواء أكانوا من المرحّلين رسمياً أم من الذين رُحّلوا تحت وطأة التهديد بالاعتقال، وفق تقرير من «وكالة الصحافة الفرنسية» السبت.

قال كثير من وسطاء العقارات في كابل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن أسعار الإيجارات ارتفعت بشكل كبير مع تدفق العائدين (أ.ف.ب)

وصل كثير من العائدين، مثل زرياب، إلى كابل حاملين معهم القليل من ممتلكاتهم ويحدوهم الأمل في أن تقدّم هذه المدينة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 8 ملايين نسمة، أفضل فرص للعمل في بلد يعيش نصف سكانه تحت خط الفقر.

توسّل زرياب إلى المُلّاك لتخفيض الإيجار من أجل أسرته المكوّنة من 8 أفراد، لكن الرد كان دائماً: «إذا لم تستطع الدفع، فهناك من يمكنه الدفع». وقال العامل البالغ 47 عاماً إنه كان يتوقع حين عاد في يوليو (تموز) الماضي أن يجد تضامناً أكبر مع الأفغان «الذين جاءوا من أماكن بعيدة دون منزل». كثير من سماسرة العقارات في كابل أكدوا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، السبت، أن أسعار الإيجارات ارتفعت بشكل حاد مع تدفق العائدين.

منذ عودته إلى أفغانستان من إيران يواجه محمد محسن زرياب مصاعب في العثور على مكان للعيش فيه (أ.ف.ب)

وقال وكيل العقارات حامد حساني: «منذ أن لاحظ المُلّاك أن اللاجئين (القادمين من إيران وباكستان) بدأوا العودة، شرعوا في مضاعفة الإيجارات»، داعياً الحكومة إلى «التدخل». وأضاف: «لدينا كثير من اللاجئين الذين يطلبون منا شققاً للإيجار؛ وغالبيتهم لا يستطيعون تحمّل الأسعار المعروضة».

قبل عام، كان متوسط إيجار منزل مكوّن من 3 غرف نحو 10 آلاف أفغاني (145 دولاراً) شهرياً، لكن يدفع المستأجرون الآن 20 ألفاً، وفقاً لنبي الله قريشي، صاحب أحد مكاتب العقارات.

ويعدّ هذا المبلغ ثروة بالنسبة إلى غالبية سكان أفغانستان البالغ عددهم 48 مليون نسمة؛ إذ يعيش 85 في المائة منهم بأقل من دولار واحد في اليوم، وفق الأمم المتحدة.

منذ عامين، كان كثير من المُلّاك يأتون شهرياً إلى مكتب قريشي طلباً للمساعدة في تأجير عقاراتهم، أما الآن فالطلب يفوق العرض بكثير. وتنفي بلدية كابل وجود أزمة سكن في المدينة.

وتزيد خطط التطوير الحضري الكبرى، التي تشمل إنشاء طرق جديدة حتى لو استلزم الأمر هدم كثير من المنازل، الضغط على توفر المساكن.

تصفح أيضًا: شي جينبينغ: على بكين وبروكسل اتخاذ «الخيار الاستراتيجي الصائب»

وقال نعمت الله باركزاي، المتحدث باسم البلدية: «جرى تطوير 75 في المائة من المدينة بشكل غير مخطط له، ولا نريد أن يحدث ذلك مرة أخرى».

لاجئات أفغانيات يرتدين النقاب يمررن أمام منزل طيني بمخيم «خراسان» للاجئين على مشارف بيشاور في باكستان يوم 10 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)

تخشى زهرة هاشمي أن تُطرد من الغرفة السفلية الصغيرة التي تعيش فيها مع أسرتها منذ عودتهم من إيران. يكسب زوجها، وهو من العمالة المؤقتة، نحو 80 أفغانياً يومياً (أكثر بقليل من دولار واحد)، وهو مبلغ لا يكفي لدفع إيجار المسكن الذي يفتقر إلى الكهرباء والمياه الجارية.

وقالت زهرة: «فقدنا كل شيء عندما عدنا إلى أفغانستان»، مضيفة أن ابنتها الكبرى لم تعد قادرة على الالتحاق بالمدرسة بسبب قوانين «طالبان» التي تحظر تعليم النساء والفتيات وعملهن.

أما ابنتاها الأصغر منها سناً فبإمكانهما الالتحاق بالمدرسة الابتدائية، لكن لا تستطيع العائلة سداد الرسوم الدراسية.

طالت ضغوط السكن أيضاً من يقيمون في كابل منذ مدة طويلة، مثل تمانا حسيني، التي تُدرّس الحياكة في غرب المدينة حيث الإيجارات أقل، لكنها قالت إن المالك يريد رفع إيجار شقتهم المكوّنة من 3 غرف نوم، من الإيجار الحالي البالغ 3 آلاف أفغاني. وأضافت: «لقد حاولنا الانتقال، لكن الإيجارات مرتفعة جداً… الوضع محبط، فلا يمكنك البقاء ولا يمكنك الرحيل».

في غضون ذلك، طالبت الأمم المتحدة بتوفير دعم أكبر للسيدات والفتيات الأفغانيات العائدات من إيران وباكستان اللاتي يواجهن مخاطر متصاعدة من الفقر، والزواج المبكر، وتنامي تهديدات حقوقهن وسلامتهن.

يتجمع أفغان عائدون من إيران عند معبر «إسلام قلعة» الحدودي بالقرب من هيرات غرب أفغانستان (يونيسف)

وأطلقت «هيئة الأمم المتحدة للمرأة»، التي تدعم تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، بالتعاون مع منظمة «كير» الدولية الإنسانية وشركائها، والمجتمع الدولي، هذه الدعوة في تقرير نُشر يوم الخميس، أشار أيضاً إلى التحديات والاحتياجات الرئيسية التي تواجه عاملات الإغاثة الإنسانية اللاتي يقدمن المساعدة للعائدين.

ويأتي هذا التحذير وسط ازدياد هائل في أعداد العائدين إلى أفغانستان، حيث تحكم حركة «طالبان» منذ 4 سنوات وتعمل على تنفيذ كثير من القرارات التي تقيد حقوق النساء في ظل أزمة اقتصادية، وصدمات مناخية، واحتياجات إنسانية هائلة.

منذ سبتمبر (أيلول) 2023، عاد أو أُجبر على العودة أكثر من 2.4 مليون مهاجر أفغاني غير موثق من باكستان وإيران. وتشكل النساء والفتيات ثلث العائدين من إيران منذ بداية هذا العام، ونحو نصف العائدين من باكستان. وتصل كثيرات منهن إلى بلد لم يعشن فيه من قبل، دون مأوى أو دخل أو فرصة للتعليم أو الرعاية الصحية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات