أعاد تصادم جديد على الطريق الصحراوي الشرقي بنطاق محافظة الجيزة، الجمعة، الحديث عن حوادث المرور في مصر إلى الواجهة، كما أثار تساؤلات عن «رقابة الطرق السريعة»، بعد أن تسبب الحادث في وفاة 7 أشخاص، وإصابة 44 شخصاً، بحسب بيانات رسمية.
ووقع الحادث، صباح الجمعة، على الطريق الصحراوي الشرقي بعد بوابة الكريمات، بنطاق مركز إطفيح بمحافظة الجيزة، جراء تصادم حافلة بسيارتي نقل متوقفتين، ما أسفر عن وقوع ضحايا وإصابات، جرى نقلهم إلى مستشفيات محافظة بني سويف لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، وفق بيان صادر عن محافظة بني سويف.
ووجَّه محافظ بني سويف، محمد هاني غنيم، بتقديم أوجه الرعاية الصحية كافة للمصابين، وسرعة إجراء الفحوص والأشعة اللازمة، ومتابعة الحالات أولاً بأول، مع وجود أطباء الطوارئ والعناية المركزة والجراحة بشكل دائم. بينما أشار وكيل وزارة الصحة بمحافظة بني سويف، هاني جميعة، إلى أن غالبية الإصابات تراوحت بين كسور وكدمات وجروح سطحية. وأوضح بيان صادر عن محافظة سوهاج (صعيد مصر) أن غالبية الضحايا والمصابين بالحادث من أبناء مركز البلينا بجنوب المحافظة، لافتاً إلى خروج 29 حالة من المصابين بعد تلقيهم الرعاية الطبية والإسعافات الأولية اللازمة وتحسن حالاتهم. كما أصدرت وزارة النقل المصرية، ممثلة فى شركة «الاتحاد العربي للنقل البري والسياحة (سوبر جيت)»، بياناً، أكدت خلاله أن الحافلة المصطدمة مع سيارتَي النقل المتوقفتين لا تتبع الشركة، وإنما تتبع شركة نقل خاصة أخرى.
وذكّر الحادث الجديد، الجمعة، بالانتقادات ومشاعر الغضب التي فجَّرها حادث «فتيات المنوفية»، الذي تسبب في وفاة 19 فتاة وسائق ميكروباص، وإصابة 3 آخرين، إثر اصطدام سيارة نقل بسيارة أجرة (ميكروباص) خلال يونيو (حزيران) الماضي. وعلى أثره، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حينها بزيادة التعويضات المقدمة إلى أسر ضحايا الحادث، موجهاً الحكومة حينها بمتابعة صيانة وإصلاح الطرق بكل دقة، والعمل على إزالة العوائق التي تنجم عنها الحوادث على هذه الطرق بشكل فوري، بالإضافة إلى مراقبة السرعة عليها.
أحد مصابي حادث الكريمات في مصر يتلقى الرعاية الطبية (مديرية الشؤون الصحية ببني سويف)
وشغل «حادث الكريمات» منصات التواصل الاجتماعي في مصر، حيث توالت التعليقات المنتقدة لتكرار الحوادث، وضرورة مراقبة السرعة على الطرق، كما اتشحت الصفحات بالحزن على ضحايا الحادث من أبناء محافظة سوهاج، مع تناقل صور لموقع الحادث والضحايا.
قد يهمك أيضًا: المكتب الإعلامي بغزة: الاحتلال مسؤول عن انقلاب الشاحنة التي أودت بحياة 20 مدنيًا في دير البلح
أمين سر لجنة «النقل والمواصلات» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، سيد عوض، ألقى باللوم على العنصر البشري، الذي عدَّه السبب الرئيسي لحوادث الطرق، مشدداً على ضرورة وجود تغيير جذري في الثقافة المرورية لدى السائقين.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن البنية التحتية للطرق في مصر شهدت تطوراً هائلاً، إلا أن المشكلة لا تكمن في الطرق نفسها، بل في «عدم التزام السائقين سواء بالسرعة المقررة أو أماكن الوقوف»، لافتاً إلى أن «السائقين في بعض الأحيان يتوقفون بشكل عشوائي على جانب الطريق، مما يُشكِّل خطراً على السيارات الأخرى». وشدَّد على أن العنصر البشري في قيادة المركبات، هو المشكلة الأكبر التي يجب إيجاد حل جذري لها، وأن التدريب والتوعية هما السبيل الوحيد لتقليل حوادث الطرق، والحفاظ على الأرواح.
وحول أن «حادث الكريمات» وقع نتيجة تصادم مع حافلة تابعة لشركة نقل خاصة، دعا عوض إلى ضرورة تنظيم عمل هذه الشركات، مؤكداً أنه يجب وضع معايير واضحة لضمان سلامة المركبات وكفاءة السائقين، مشدِّداً على أن القطاع الخاص، رغم دوره المهم، فإنه يجب أن يخضع للرقابة والمساءلة؛ لضمان عدم حدوث مثل هذه الكوارث.
منظر لمركبات محترقة إثر حادث مروري على طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي في وقت سابق (د.ب.أ)
وبلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق بالبلاد 5260 شخصاً عام 2024 مقابل 5861 عام 2023، في حين سجّلت إصابات حوادث الطرق 76362 إصابة في 2024 مقابل 71016 عام 2023 بنسبة ارتفاع 7.5 في المائة، وفق إحصاءات جهاز «التعبئة العامة والإحصاء» بمصر.
أستاذ الإدارة المحلية في مصر، الدكتور حمدي عرفة، يرى أن «الحد من الحوادث المرورية في مصر لا يرتبط فقط بتطوير الطرق، بل بمنظومة متكاملة تشمل التنسيق بين الجهات الحكومية، وتوفير الخدمات اللوجيستية، وتعزيز الرقابة على الطرق».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «رفع كفاءة الطرق وصيانتها بشكل دوري يجب أن يترافقا مع إنشاء بنية تحتية داعمة، مثل نقاط مراقبة ذكية للسرعة على الطرق السريعة، وأماكن مخصصة لوقوف الشاحنات بعيداً عن مسار المركبات، وخدمات لوجيستية متكاملة على طول الطريق، ومناطق استراحة للسائقين، وخدمات طوارئ».