لم تعد المجاعة في قطاع غزة شبحاً يلوح في الأفق، بل أصبحت واقعاً ملموساً ينهش أجساد مئات الآلاف من سكانه، ويدفع بالقطاع المحاصر نحو “مرحلة الموت الجماعي”، وفقاً لتحذيرات محلية ودولية تتصاعد يومياً، بينما تتواصل فصول “حرب الإبادة بالتجويع” التي يشنها كيان الاحتلال على أكثر من 2.4 مليون إنسان.
آخر تطورات الكارثة الإنسانية في قطاع غزة:
تتواتر الشهادات والصور من مختلف أنحاء قطاع غزة، وخصوصاً من مناطق الشمال، عن مشاهد مروعة أصبحت جزءاً من اليوميات.
أفاد شهود عيان ومصادر طبية بتزايد حالات الإغماء بين المواطنين، خاصة الأطفال والنساء، في طوابير الانتظار القليلة المتبقية للحصول على حفنة من الطحين أو وجبة طعام لا تسد الرمق.
الأسواق، إن وُجدت، فارغة إلا من بعض السلع المعلبة التي تباع بأسعار خيالية تفوق القدرة الشرائية للسكان الذين فقدوا كل شيء. وقد لجأت آلاف الأسر إلى طحن علف الحيوانات والاعتماد على الأعشاب البرية للبقاء على قيد الحياة، في ظل انعدام شبه تام للخضروات واللحوم والفواكه.
في أحدث فصول المأساة، استشهدت اليوم الأحد، الطفلة رزان أبو زاهر (4 أعوام)، في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، لتنضم إلى قائمة من عشرات الأطفال والمسنين الذين قضوا نتيجة مضاعفات سوء التغذية الحاد والجفاف.
وقد أكدت مصادر طبية أن سبب وفاتها المباشر هو الجوع، لتصبح الطفلة رزان رمزاً جديداً للموت البطيء الذي يحصد أرواح أطفال القطاع.
تصفح أيضًا: نتنياهو: لا نهاية دائمة للحرب دون نزع سلاح غزة
تتوالى المناشدات والتحذيرات من كافة الجهات العاملة على الأرض، والتي ترسم صورة قاتمة لمستقبل قريب:
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: أصدر اليوم بياناً عاجلاً قال فيه: “نحن على أعتاب مرحلة الموت الجماعي بسبب إغلاق الاحتلال لجميع المعابر منذ أكثر من 140 يوماً… العالم يتفرج على ذبح غزة وقتلها بالتجويع دون أن يُحرّك ساكناً… نحن أمام أكبر مجزرة جماعية في التاريخ الحديث”.
منظمات الأمم المتحدة: تحذر منظمات مثل برنامج الغذاء العالمي (WFP) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) من أن أكثر من مليون شخص في غزة يواجهون “المستوى الأعلى من انعدام الأمن الغذائي الكارثي” (IPC Phase 5)، وهو ما يعني المجاعة الكاملة. وتؤكد التقارير أن واحداً من كل ثلاثة أطفال في شمال غزة يعاني من سوء التغذية الحاد.
تجمع كافة التقارير الدولية والمحلية على أن السبب المباشر لهذه المجاعة الحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال بتوجيه من حكومة تل أبيب الفاشية النازية :
إغلاق المعابر: الإغلاق شبه الكامل لمعبري رفح وكرم أبو سالم يمنع دخول الكميات الكافية من المساعدات الغذائية والطبية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات ومحطات المياه.
تدمير سبل الحياة: القصف الممنهج لكيان الاحتلال لم يقتصر على المنازل، بل دمر الأراضي الزراعية، قوارب الصيادين، المخابز، المصانع الغذائية، وآبار المياه، مما قضى تماماً على أي قدرة محلية على إنتاج الغذاء.
عراقيل التوزيع: حتى الكميات الشحيحة من المساعدات التي تدخل تواجه صعوبات هائلة في التوزيع بسبب تدمير الطرقات وانعدام الأمن واستهداف قوافل المساعدات وطواقم الإغاثة.
خلاصة المشهد، لم تعد غزة على حافة المجاعة، بل هي تغرق في أعماقها. ومع كل ساعة تمر، تتسع دائرة الموت جوعاً، في ظل حصار مطبق وعجز دولي صارخ عن فرض الممرات الإنسانية الآمنة وإنقاذ مئات الآلاف من موت محقق.