قرّرت حكومة جعفر حسان وبالتنسيق مع القوات المسلحة الأردنية رسمياً إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم انطلاقا من شباط عام 2026 بعد توقف دام نحو 35 عاماً، في خطوة جاءت لتجسيد رؤية سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الهادفة إلى تمكين الشباب ورفع جاهزيتهم للمستقبل وتعزيز قيم الانضباط والانتماء.
وستتولى القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي الإشراف الكامل على تنفيذ البرنامج، من حيث التدريب والانضباط والتأهيل، ضمن معسكرات ومراكز تدريبية مجهّزة لاستقبال المكلفين.
وبحسب الترتيبات التي أعلنت عنها القوات المسلحة، فإن الدفعة الأولى من المكلفين ستباشر في شباط 2026، وتشمل 2000 شاب من مواليد 2007، ضمن خطة تستهدف استيعاب 6000 شاب على ثلاث دفعات خلال العام الأول، وبمعايير توزيع تراعي التمثيل الجغرافي للمحافظات.
وسيُنفذ البرنامج بصيغة جديدة تجمع بين التدريب العسكري والانضباطي، إضافة إلى تأهيل معرفي ومهني يهدف إلى إعداد الشباب لسوق العمل، وإكسابهم مهارات حياتية، بما ينسجم مع أولويات رؤية التحديث الاقتصادي و خارطة تحديث القطاع العام.
وكان الأردن قد أوقف العمل بنظام التجنيد الإجباري عام 1991، لتُشكّل العودة الحالية لخدمة العلم محطة مفصلية في مسار تمكين الشباب الأردني، واستثمار طاقاتهم في مسيرة بناء الدولة.
ومن المقرر أن تبدأ عمليات الاختيار والترشيح للمكلفين إلكترونياً وفق اشتراطات العمر والصحة البدنية والثبوتيات الرسمية، فيما سيُفتح المجال لاحقاً أمام توسيع الفئات المستهدفة ليشمل الإناث في مراحل مقبلة.
يُشار إلى أن سمو ولي العهد كان قد أكد مراراً أهمية “طريق الانضباط والعمل” في بناء جيل قادر على خدمة الوطن، وهو ما دفع الحكومة إلى المضي بخدمة العلم باعتبارها ركيزة لتعزيز الهوية الوطنية لدى الشباب الأردني.
وكشف وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الدكتور محمد المومني، اليوم الأحد، عن التفاصيل الكاملة لبرنامج “خدمة العلم” بصيغته الجديدة، مؤكداً أن الحكومة عملت على مدار عام كامل مع القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي لإطلاق هذا البرنامج الوطني، وذلك بتوجيه ومتابعة حثيثة من سمو ولي العهد.
وقال المومني، خلال مؤتمر صحفي، إن البرنامج يشكل نقطة انطلاق لتحقيق رؤية سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للاستثمار في أهم مكونات المجتمع الأردني، وهم الشباب.
أوضح المومني أن تنفيذ برنامج خدمة العلم بصيغته الجديدة سيبدأ بشكل تدريجي لضمان جودته وفاعليته، حيث ستشمل الدفعة الأولى 6000 مكلف، على أن يرتفع العدد إلى 10 آلاف مكلف في أقرب وقت ممكن، وصولاً إلى شمول غالبية الفئات المستهدفة خلال السنوات المقبلة.
وسيتم اختيار المكلفين للعام القادم من الأردنيين الذكور مواليد عام 2007 الذين أتموا 18 عاماً من عمرهم بحلول 1/1/2026. وسيتم تقسيمهم على 3 دورات، تشمل كل دورة 2000 شاب.
وأكد أن آلية الاختيار ستكون إلكترونية بالكامل وتعتمد على أسلوب السحب الإحصائي المحايد والعشوائي من قاعدة بيانات واحدة، مع مراعاة التوزيع السكاني بين المحافظات لضمان العدالة، حيث سيتم اختيار:
1500 مكلف من محافظة العاصمة.
900 مكلف من محافظة الزرقاء.
900 مكلف من محافظة إربد.
300 مكلف من كل محافظة من المحافظات المتبقية.
وشدد المومني على أنه “لا استثناءات لمن سيتم اختياره”، مؤكداً أن سمو ولي العهد كان حازماً في أهمية ضمان الشفافية المطلقة.
تصفح أيضًا: العيسوي ينقل تحيات وتمنيات الملك وولي العهد للنائب السعود بالشفاء
يهدف البرنامج إلى تعزيز الهوية الوطنية وصقل شخصية الشباب بدنياً وفكرياً. ولتحقيق ذلك، سيشمل مسارين رئيسيين تحت إشراف مباشر من القوات المسلحة الأردنية:
مسار عسكري: ويشكل غالبية البرنامج ويتضمن تدريبات بدنية ومهارات ميدانية وانضباط.
مسار معرفي نظري: ويتناول التاريخ الوطني والمواطنة الفاعلة والإرشاد المهني.
وأوضح المومني أن البرنامج يراعي ظروف الطلبة والعاملين، حيث سيتم احتساب فترة الخدمة من الساعات الدراسية في الجامعات لتصل إلى 12 ساعة معتمدة.
أما حالات التأجيل، فستكون حصرية وتشمل: طلبة الجامعات على نظام السنوات، وطلبة المدارس المنتظمين، والمقيمين في الخارج شريطة إثبات ذلك. وسيتم تطبيق حالات الإعفاء التقليدية مثل الابن الوحيد أو عدم اللياقة الصحية كما نص عليها القانون.
أكد المومني أن رئيس الوزراء وجه بتخصيص الموارد اللازمة للبرنامج من بند النفقات الطارئة لهذا العام، وكذلك ضمن موازنة عام 2026.
وعلى الصعيد التشريعي، سيتم عرض الأسباب الموجبة للتعديلات المطلوبة على قانون خدمة العلم والخدمة الاحتياطية في جلسة مجلس الوزراء القادمة، ليتم إرساله إلى البرلمان بصفة الاستعجال فور انعقاد الدورة البرلمانية القادمة.
وقال مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري إن الأسباب الموجبة لعودة خدمة العلم الإلزامية تأتي لرؤية صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، الذي يرى أن الاستثمار في الشباب استثمار في مستقبل الأردن، كونهم المستودع الأساسي للقوى الفاعلة والرافعة الأساسية لمسيرة التنمية.
وأضاف الحياري في حديث لبرنامج “نبض البلد” الذي يُبث عبر فضائية “رؤيا” أن الشباب، ونتيجة للظروف المحيطة، غرقوا في فضاءات رقمية عابرة للحدود تستهدف الهوية الوطنية وتستخدم عمليات التضليل الإعلامي بشكل كبير، والرؤية تتمثل في إيجاد شباب منضبط وواعٍ يسهم في بناء الوطن.
وأضاف الحياري أن ضرورة خدمة العلم تكمن في أنه مشروع على المستوى الاستراتيجي يهم الأردن، لافتًا إلى أن الحكومة والقوات المسلحة عملتا منذ أكثر من عام على إعادة مشروع خدمة العلم، وأنه تم إعداده بكل حرص ومراعاة لكافة التفاصيل، للخروج به في موعده المخطط له.
وقال مدير التحول والتمكين الرقمي في وزارة الاقتصاد الرقمي المهندس رامي رواشدة إن الوزارة هي الذراع الفني للحكومة، وأنه سيُصار إلى اختيار أول 6 آلاف شخص على 3 مجموعات، المجموعة الأولى من مواليد 1-10، والمجموعة الثانية من 11-20 الشهر، والمجموعة الثالثة من مواليد 21 حتى نهاية الشهر، حيث تم بناء نظام بشكل عشوائي استنادًا إلى حصة كل محافظة.
وأضاف أنه سيتم اختيار أسماء المكلفين بخدمة العلم قبل شهر كانون أول 2025، كما سيتاح الاستفسار عن أسماء المكلفين بخدمة العلم في كانون أول 2025.
وتابع الحياري أن الإعفاء من خدمة العلم سيشمل كل من لا يستطيع القيام بها نتيجة إعاقة صحية، كما سيُعفى منها وحيد الأبوين سواء كان الوالدان على قيد الحياة أو متوفيين.
وأوضح أن المكلف يُعفى أيضًا إذا كان ارتداء النظارة الطبية يعيق أداء خدمة العلم، فيما سيباشر المحكوم عليه بالسجن الخدمة بعد إنهاء محكوميته.
وأشار إلى أن الموظفين ملزمون بأداء خدمة العلم، لافتًا إلى أنه سيتم مخاطبة المؤسسات لإبقاء رواتبهم خلال فترة الخدمة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن المتزوجين لن يُستثنوا من خدمة العلم.
أكد مدير الإعلام العسكري أن الموظفين ملزمون بالالتحاق بخدمة العلم، موضحًا أنه سيتم مخاطبة المؤسسات لإبقاء رواتبهم خلال فترة الخدمة.
وأشار إلى أن المتزوجين لن يُستثنوا من خدمة العلم، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه لن يُسمح لأي من الذين تم اختيارهم بالتخلف عن أداء الخدمة.