مع استمرار الحوثيين في اعتقال أمين عام حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتهم، وقيادات أخرى؛ بهدف إرغامهم على الرضوخ لمطالبهم بفصل نجل الرئيس الراحل علي عبد الله صالح من موقعه نائباً لرئيس الحزب، شنَّ خطباء مساجد بمناطق سيطرة الجماعة أعنف هجوم على الحزب وأنصاره، ووصفوهم بأنهم «أعداء الله ورسوله».
من جهته، هاجم نجل صالح الحوثيين، ووصفهم في كلمة بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب بأنهم «لا يؤمنون بالشراكة الوطنية ولا بالحوار»، داعياً أتباع الحزب إلى الصبر والثبات في مواجهة تعسف الجماعة.
وذكرت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين ما زالوا يحتفظون بأمين عام الحزب غازي الأحول، ومدير مكتبه عادل ربيد، وآخرين لم يكشف عن هوياتهم بعدما اعتقلوهم حديثاً، وأن الجماعة تريد إجبار قيادة الحزب في مناطق سيطرتها على اتخاذ قرار بفصل أحمد علي عبد الله صالح من موقعه نائباً لرئيس الحزب، وتهدِّد بحل الحزب ومصادرة ممتلكاته إذا لم تخضع القيادات لتلك المطالب، وهو أمر لم يتم القبول به حتى الآن.
استعراض «المؤتمر» لشعبيته في تشييع اثنين من قادته أزعج الحوثيين (إعلام محلي)
وبالتوازي مع حملة التضييق على جناح «المؤتمر الشعبي»، استمرَّت وسائل إعلام الحوثيين في مهاجمة الحزب ومؤسسه الرئيس الراحل وأقاربه، وامتدَّ هذا التحريض إلى المساجد، حيث كُرست خطبة الجمعة الماضي لمهاجمة الجناح وقيادته، واتهامه بالتخطيط لإثارة الفوضى في تلك المناطق، ووصل الهجوم إلى حدِّ اتهام النظام السابق بإدخال البلاد في اتفاقات مُنع بموجبها اليمن من زراعة المواد الضرورية، خصوصاً القمح، حتى أصبح مستورداً له!
ووفق ما جاء في نص الخطبة المكتوبة التي وزَّعتها سلطة الحوثيين على أئمة معظم المساجد في مناطق سيطرتهم واطلعت عليها «الشرق الأوسط»، فقد وُصف أنصار حزب المؤتمر بأنهم «أدوات للأميركي والصهيوني»، وأن المشكلة في أن هؤلاء الأتباع في مناطق سيطرة الحوثيين مصرون على ربط أنفسهم بقيادة الحزب في الخارج.
واتهم الحوثيون، من على منابر المساجد، قادةَ الحزب بتسلُّم مبالغ مالية لإحداث فتنة في الداخل، وإشعال الفتن بين القبائل بزعم إشغال الجماعة عن الاهتمام بـ«غزة وقضايا الأمة». كما اتهموا عناصر الحزب بإثارة قضايا ثأر وعصبيات وغيرها، في محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار.
الخطبة العدائية وصفت أنصار الرئيس الراحل بأنهم «باعوا أنفسهم للشيطان، ويحاولون اللعب بمشاعر الناس، والحديث عن الوضع المعيشي للسكان» لإظهار أنهم مهتمون بوضعهم، كما وصفت نظام حكم صالح بأنه «كان مجرد عصابة» تعمل لصالح العدو الخارجي، وما يهمه فقط هو المصالح الشخصية والحزبية الضيقة.
وبالغت الجماعة في اتهاماتها لأنصار الرئيس الراحل، وقالت إنهم يفتعلون الأزمات في الأيام التي يحتفل فيها الحوثيون بالمولد النبوي؛ لأن من أهم أهدافهم إفشال هذه المناسبة. ورأت فيهم «أولياء لليهود والنصارى، وأعداء لله ولرسوله».
تصفح أيضًا: إعلام عبري: نتنياهو يلوّح باتخاذ قرارات صعبة قد تُغيّر مسار الحرب في حال عدم إبداء حماس مرونة
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
هذه الخطبة كانت محط استنكار قطاع عريض من اليمنيين الذين رأوا فيها انعكاساً لحالة القلق التي تعيشها الجماعة الحوثية، ومخاوفها من انتفاضة شعبية مع اتساع رقعة التذمر الشعبي من أدائها وسوء الأحوال المعيشية في تلك المناطق.
وأدان سياسيون يمنيون استخدام المنابر للنيل من المكونات السياسية، وتوزيع التهم بهذه الطريقة، وجدَّدوا تضامنهم المطلق مع «المؤتمر الشعبي» ورفض المساس به وقياداته وكوادره، ورأوا أن هذا التصعيد الخطير يكشف عن نوايا مبيتة تهدِّد ما تبقّضى من سلم مجتمعي، وما تبقَّى من خيوط هشة للتعايش بين مختلف المكونات.
في سياق هذه التطورات جدَّد نجل الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، أحمد علي، موقفه الداعم لحزب «المؤتمر الشعبي» وقياداته، مندداً بما وصفها بـ«الحملة الشرسة وغير المُبرَّرة» التي يتعرَّض لها الحزب من قبل الحوثيين.
وقال في كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس الحزب، إن اعتقال الأمين العام غازي الأحول، ومدير مكتبه ومرافقيه، إلى جانب الحملات الإعلامية الموجهة ضد الحزب وقياداته، «تكشف حقيقة أن الحوثيين لا يؤمنون بالشراكة الوطنية، ولا بالحوار والتعدد والديمقراطية».
أحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس اليمني الأسبق (إكس)
ووصف نجل صالح هذه الخطوات بأنها «تنسف كل جهود السلام التي يقودها المجتمع الدولي»، مؤكداً أن «المؤتمر» سيبقى حزباً وطنياً تحكمه اللوائح والقوانين بعيداً عن أي إملاءات. وأكد التزامه بالوقوف إلى جانب أنصار الحزب، داعياً إياهم إلى الصبر والثبات حتى «ينجلي» ما وصفها بـ«السحابة العابرة».
في سياق متصل، امتد الحظر الذي فرضه الحوثيون على احتفال «المؤتمر الشعبي» بالذكرى السنوية لتأسيسه إلى وسائل إعلامه التي أعلنت إلغاء البرامج المخصصة للمناسبة كافة، واعتذرت صحيفة «الميثاق» الناطقة بلسانه عن عدم نشر المقالات والتصريحات التي وردت إليها من قيادات وأعضاء الحزب بمناسبة هذه الذكرى.
وقال رئيس تحرير الصحيفة إنه يشكر التفاعل الكبير والحرص على إحياء التقليد السنوي، ولكنه سيمتنع عن النشر استجابةً لقرار قيادة الحزب التي أعلنت أنها لن تقيم أي احتفالات بمناسبة ذكرى تأسيسه لهذا العام سواءً أكانت جماهيرية أم إعلامية.