كشفت نتائج تجربة سريرية في التغذية ونمط الحياة أُجريت في أوروبا، وتُصنّف بأنها الأكبر من نوعها، عن أن اتباع خطة رباعية مكوَّنة من حمية البحر المتوسط، وخفض السعرات الحرارية، وممارسة نشاط بدني معتدل، والحصول على دعم مهني لفقدان الوزن، يمكن أن يقلل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 31 في المائة.
وأوضح الباحثون، بمشاركة كلية هارفارد للصحة العامة في جامعة هارفارد الأميركية، أن تطبيق هذه التغييرات البسيطة والمستدامة على نطاق واسع يمكن أن يمنع ملايين الإصابات بالسكري حول العالم، ونُشرت النتائج، الاثنين، بدورية (Annals of Internal Medicine).
ويُعد السكري من النوع الثاني الأكثر شيوعاً، إذ يحدث عندما لا يستخدم الجسم الإنسولين بكفاءة أو لا ينتجه بكميات كافية للحفاظ على مستوى طبيعي للسكر في الدم. وغالباً ما يتطور تدريجياً ويرتبط بعوامل مثل زيادة الوزن، وقلة النشاط البدني، النظام الغذائي غير الصحي، إلى جانب الاستعداد الوراثي. وإذا لم يُسيطر عليه، فقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب، والفشل الكلوي، ومشاكل في الأعصاب والعينين.
وشارك في الدراسة 23 جامعة في إسبانيا بالتعاون مع كلية هارفارد للصحة العامة؛ حيث قُسّم 4746 مشاركاً إلى مجموعتين، وتمت متابعتهم صحياً على مدى 6 سنوات.
وكان المشاركون في الفئة العمرية بين 55 و75 عاماً، يعانون من زيادة الوزن أو السمنة ومتلازمة الأيض، لكنهم لم يكونوا مصابين بالسكري عند بدء التجربة.
نوصي بقراءة: الزنجبيل… توابل تقليدية تعود إلى الواجهة كعلاج طبيعي داعم لصحة القلب
واعتمدت المجموعة الأولى (التدخل) على خطة رباعية تتمثل في اتباع حمية البحر المتوسط، مع تقليل نحو 600 سعر حراري يومياً، وممارسة نشاط بدني معتدل مثل المشي السريع وتمارين التوازن، إضافة إلى متابعة مهنية للتحكم بالوزن.
وتقوم حمية البحر المتوسط على تناول الخضراوات والفواكه الطازجة، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والمكسرات، وزيت الزيتون بوصفه مصدراً رئيسياً للدهون، مع استهلاك معتدل للأسماك والدواجن، وتقليل اللحوم الحمراء والسكريات.
أمّا المجموعة الثانية (الضابطة) فاتبعت حمية البحر المتوسط فقط، من دون تقليل للسعرات الحرارية أو نشاط بدني منظم أو دعم متخصص.
وأظهرت النتائج أنه بعد 6 سنوات انخفض خطر الإصابة بالسكري لدى المجموعة الأولى بنسبة 31 في المائة، كما فقد المشاركون 3.3 كيلوغرام من وزنهم وتراجع محيط خصرهم بمعدل 3.6 سنتيمترات، مقابل فقدان 0.6 كيلوغرام و0.3 سنتيمتر فقط في المجموعة الثانية.
وأكد الباحثون أن دمج النظام الغذائي المتوسطي مع التحكم بالسعرات، والنشاط البدني، والدعم المهني، لا يقتصر على تحسين الصحة العامة فحسب، بل يؤدي إلى تقليل ملموس في احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وهو مرض يشهد ازدياداً عالمياً.
وأضافوا أن هذه الدراسة تُعد دليلاً سريرياً قوياً على أن الجمع بين التغذية الصحية وتغييرات نمط الحياة يُحدث فرقاً حقيقياً، ما يدعم السياسات الصحية التي تشجع الوقاية عبر التغذية والرياضة بدلاً من الاعتماد على العلاج فقط.