لم تمضِ ساعات على إعلان «تحالف السودان التأسيسي» (تأسيس)، الموالي لقوات «الدعم السريع»، عن تشكيل حكومة موازية في السودان بمدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، حتى توالت ردود الفعل الرسمية المنددة بهذه الخطوة. وفي حين وصفها الجيش بأنها محاولة يائسة من «ميليشيا الدعم السريع» لشرعنة ما سماه «مشروعها الإجرامي»، طالبت وزارة الخارجية دول الجوار والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية، بإدانة الخطوة وعدم الاعتراف بها.
رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش، نبيل عبد الله في تدوينة على منصة القوات المسلحة في «فيسبوك»، إن حكومة «الميليشيا المزعومة هي محاولة خداع لشركائهم في الخيانة، لأن مشروع آل دقلو، هو الاستيلاء على السلطة لتحقيق طموحهم الذاتي غير المشروع في حكم البلاد».
وأضاف: «ستتبدد أحلامهم وأوهامهم بفضل تماسك شعبنا والتفافه حول قيادته وجيشه، وسيبقى السودان واحداً موحداً مهما اتسعت دائرة التآمر عليه».
وأعلن «تحالف تأسيس» في ساعة متأخرة من ليل السبت – الأحد، تشكيل «مجلس رئاسي» من 15 عضواً، برئاسة قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» عبد العزيز آدم الحلو، نائباً للرئيس.
كما تم تكليف عضو «مجلس السيادة» السابق، محمد الحسن التعايشي، برئاسة الحكومة التي أطلق عليها اسم «حكومة السلام الانتقالية»، والتي تتخذ من مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، عاصمة لها.
وقال المتحدث باسم الجيش إن «الميليشيا تلعب بكل الأوراق الممكنة، بما فيها قبولها أن تكون مجرد أداة لتمرير أجندة إقليمية أكبر من استيعابها المحدود»، في إشارة إلى القوى العسكرية والسياسية المنضوية في «تحالف تأسيس».
بدورها، شجبت وزارة الخارجية السودانية بأشد العبارات، ما ذهبت إليه «ميليشيا الدعم السريع الإرهابية» حسب البيان، بإعلان «حكومة وهمية تزعم فيها توزيع مناصب حكومية لإدارة السودان».
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
وقالت في بيان الأحد: «تناشد حكومة السودان، دول الجوار والمجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية إدانة هذا الإعلان، وتطلب منها عدم الاعتراف والتعامل مع هذا التنظيم غير الشرعي الذي أعلنته الميليشيا الإرهابية».
نوصي بقراءة: فيلم «الوجهة»… حكاية وطن شق طريقه نحو المستقبل بإرادة لا تلين
وعدّت «الخارجية» وفقاً للبيان، «أي تعامل مع هذا الإعلان، بأي شكل من الأشكال، تعدياً على السودان وسيادته، وانتهاكاً صارخاً لحقوق ومقدرات الشعب السوداني».
وأكد البيان أن إعلان «الميليشيا حكومتها الوهمية على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، دليل على انكسارها ودحرها على يد القوات المسلحة السودانية، وأن مشاركة مكونات مدنية في هذا الإعلان، يكشف انخراطها في المؤامرة التي تحاك للاستيلاء على السلطة بالقوة».
وأعربت «الخارجية» السودانية عن «قلقها» إزاء ما سمّته «موافقة دولة كينيا، وتمكين الميليشيا المتمردة، من عقد اجتماعاتها التحضيرية غير الشرعية» في العاصمة نيروبي.
ياسر عرمان (متداولة)
وفي السياق ذاته، شبّه رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» (التيار الثوري) ياسر عرمان، إعلان حكومة «تأسيس» في السودان بـ«النموذج الليبي». وقال في منشور على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لأول مرة منذ 1956، يشهد السودان حكومتين في بلد واحد، تتنافسان على السلطة والموارد والشرعية، وتعملان على إطالة أمد الحرب»، وأضاف: «الطريق القصير للسلام هو جلوس الأطراف للوصول إلى وقف إطلاق نار إنساني مؤقت وفوري، ينهي الكارثة الإنسانية ويوفر الحماية للمدنيين، وصولاً إلى إنهاء الحرب». وتابع: «النموذج الليبي دمر أهلنا في ليبيا، ولن يكون أفضل حالاً في السودان».
وترفض القوى السياسية والمدنية المناهضة للحرب في السودان، وأبرزها «تحالف صمود»، الاعتراف بالحكومتين في بورتسودان ونيالا.
ويتكون «المجلس الرئاسي» لتحالف «تأسيس»، وهو أعلى سلطة سيادية في الحكومة، من الطاهر حجر، ومحمد يوسف أحمد المصطفى، وحامد حمدين النويري، وعبد الله إبراهيم عباس، والسيدة خُلدي فتحي سالم، وحاكم إقليم دارفور الهادي إدريس، وحاكم إقليم جنوب كردفان (جبال النوبة) جقود مكوار مرادة، وحاكم إقليم الفونج الجديد جوزيف تكة، وحاكم الإقليم الأوسط صالح عيسى عبد الله، وحاكم الإقليم الشرقي مبروك مبارك سليم، وحاكم الإقليم الشمالي أبو القاسم الرشيد أحمد، وحاكم الخرطوم فارس النور، وحاكم إقليم كردفان حمد محمد حامد.
رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» عبد العزيز آدم الحلو (فيسبوك)
وتنص «وثيقة الدستور الانتقالي» على أن يشكل رئيس الوزراء حكومته في مدة زمنية لا تتجاوز شهراً من أدائه اليمين الدستورية أمام «المجلس الرئاسي».
وتأسس تحالف «تأسيس» في العاصمة الكينية، نيروبي، يوم 22 فبراير (شباط) الماضي، من «قوات الدعم السريع»، وحركات مسلحة وأحزاب سياسية وقوى مدنية، أبرزها: «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو، الذي تسيطر قواته على مناطق في جنوب كردفان وجبال النوبة، و«الجبهة الثورية» التي تضم عدداً من الحركات المسلحة في دارفور، وأجنحة من حزبي «الأمة» و«الاتحادي الديمقراطي»، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة.