تشير الدلائل الأولية إلى أن الطائرة المقاتلة البريطانية الجديدة «تيمبست» مصممة لمهام في عمق أراضي العدو، فماذا نعرف عنها؟
أول ما يجب معرفته عن الطائرة المقاتلة البريطانية الجديدة هو حجمها الكبير. ويتضح هذا فوراً عند رؤية النموذج بالحجم الطبيعي الذي يُهيمن على مستودع في مصنع وارتون بالقرب من بريستون، لانكشاير، والذي تديره شركة الدفاع البريطانية العملاقة «بي إيه إي سيستمز».
وأفادت صحيفة «تلغراف» البريطانية أن حجم الطائرة الكبير «يُخبرك كثيراً عما تخطط له المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان للطائرة الشبحية الأسرع من الصوت التي يبنونها معاً».
تهدف الدول الثلاث إلى إدخال الطائرة «تيمبست» في المملكة المتحدة إلى الخدمة بحلول عام 2035 بموجب اتفاقية تُعرف باسم البرنامج العالمي للقتال الجوي (GCAP).
ويقول جوني مورتون، من شركة «بي إيه إي»، خلال زيارة لصحيفة «التلغراف»: «لن يكون هذا هو الشكل والحجم النهائيين، ولكن من حيث الحجم، فهما متماثلان تقريباً». ويضيف: «مهما كانت طائرة تيمبست كمنصة أساسية… ستكون ضخمة».
وتعني الطائرة النفاثة الأكبر خزانات وقود أكبر، ما يعني مدىً أطول، وحمولات أكبر من الرؤوس الحربية المتفجرة. لكن الحجم يعني أيضاً إمكانية تخزين الأسلحة داخلياً، مما يضمن سطحاً خارجياً أملس يُصعّب اكتشاف الطائرة بالرادار.
في الوقت نفسه، ستكون طائرة تيمبست مزودة بتقنيات تُمكّنها من الاتصال بطائرات أخرى، وطائرات من دون طيار، وقوات برية، وأقمار اصطناعية.
«مهام طويلة المدى»
كل هذا يشير إلى أن طائرة «تيمبست» مصممة لمهام طويلة المدى في عمق أراضي العدو، حيث قد يكون التواصل مع القاعدة الرئيسة مستحيلاً.
إذا دخل حلف الناتو في حرب ضد روسيا بقيادة بوتين، يقول الخبراء إن هذا يعني أن الطائرة ستقلع من مطار بريطاني، وتتجه إلى روسيا دون أن تُكتشف، وتدمر الدفاعات الجوية المعادية، ثم تعود أدراجها.
ليس هذا فحسب، بل إن هذا المدى الطويل سيسمح للطيارين اليابانيين بشن غارات في عمق البر الرئيس الصيني في أي صراع مستقبلي في المحيط الهادئ.
يظل مورتون، وهو أيضاً عميد سابق في سلاح الجو الملكي البريطاني، متحفظاً بشأن صحة هذه الافتراضات. ولكن مع اتساع نطاق الحروب الحديثة، يُقر بأن أي رادع للعدوان الروسي والصيني يجب أن يكون قادراً على العمل «على مسافات لم نكن قادرين على الوصول إليها سابقاً». ويضيف: «يجب أن تكون قادراً على الوصول إلى هناك بأمان، دون أن يُكتشف أمرك، ثم العودة إلى الوطن».
قد يهمك أيضًا: جرحى بعملية طعن في فنلندا وتوقيف المشتبه به
ونظراً لأهمية المدى، اقترح قادة المشروع أن تكون الطائرة قادرة على عبور المحيط الأطلسي دون الحاجة إلى التزود بالوقود جواً، وهو أمر لم يسبق لأي مقاتلة تابعة لسلاح الجو الملكي القيام به.
تبلغ طائرة تايفون، العمود الفقري لأسطول سلاح الجو الملكي الحالي، نصف قطر قتالي يبلغ نحو 860 ميلاً بخزان وقود واحد.
في الوقت نفسه، يبلغ نصف قطر قتال طائرة الشبح الأميركية الصنع «إف-35-إيه»، التي أعلن قادة سلاح الجو مؤخراً عن خططهم لشرائها، نحو 680 ميلاً. وهذا أقل من نصف المسافة بين لندن وموسكو، والتي تبلغ نحو 1550 ميلاً.
يقول فرنسيس توسا، محلل دفاعي مستقل، إن هذا يعني أن طائرة تيمبست ستكون في مستوى فريد من نوعه عندما يتعلق الأمر بالمقاتلات البريطانية. ويضيف: «مع تغير المتطلبات على مر السنين، تغيرت النماذج أيضاً». يمكنك جعل طائرتك خفيةً كما تشاء، ولكن إذا كان لا بد من تزويدها بالوقود بواسطة ناقلة، فكل ما يحتاجه خصمك في النهاية هو تعقب الناقلة، وتدميرها. ويردف : «لذا، فأنت بحاجة إلى وقود داخلي كافٍ لقطع مسافة طويلة جداً، والبقاء في الجو».
تُعد شركة «بي إيه إي» جزءاً من «فريق تيمبست»، وهي شراكة بين وزارة الدفاع والصناعة، تضم أيضاً «رولز رويس»، وشركة «إم بي دي إيه» لصناعة الصواريخ، و«ليوناردو» الإيطالية.
ومنذ عام ٢٠٢٣، دُمجت الجهود لصنع الطائرة، حيث جمعت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان البحث والتطوير في برنامج واحد. ويعمل الفريق البريطاني، بقيادة «بي إيه إي»، على طائرة تجريبية ستختبر على الطريق جزءاً رئيساً من المعدات، وهو نظام تهوية يُغذي محركات تيمبست بالهواء باستخدام انحناءة على شكل حرف S تشق طريقها عبر الأجزاء الداخلية للطائرة. ويُعد هذا أمراً حيوياً لتقليل بصمة الرادار للطائرة.
ووفقاً لشركة «بي إيه إي»، من المقرر إجراء تجربة في وقت ما من عام ٢٠٢7، وستظل في موعدها المحدد. كما تجري الشركة تجارب على عمليات إنتاج جديدة ستُستخدم لتصنيع أجنحة الطائرة وزعانف ذيلها في الأشهر المقبلة.
ويقول توسا إنه في الأسبوع الأول من الصراع المحتمل بين روسيا وبريطانيا من المرجح أن تضطر تيمبست إلى دخول روسيا ومهاجمة دفاعات صواريخ أرض-جو، وقواعد جوية.
ثم في الأسبوع الثاني، عندما ينعدم التهديد من الدفاعات الجوية، يمكن للطائرة إما أن تكون مقاتلة تفوق جوي تحلق في السماء وتقضي على مقاتلات العدو، أو أن تستمر في دور الدعم الأرضي. ولأداء هذا الدور، من المتوقع أن تكون قادرة على إطلاق ترسانات هائلة من الأسلحة المتفجرة على أهدافها، ربما ضعف ما يمكن لطائرة إف-35 نشره.
بناءً على التقارير، يقول توسا إنه من المتوقع أن تحمل تيمبست حمولات «أكثر من 30 طناً» مقارنةً بـ23 طناً لطائرة تايفون. وهذا يفوق ما نقلته قاذفات لانكستر في الحرب العالمية الثانية.
ويضيف توسا: «ستكون في مستوى مختلف تماماً عن أي شيء صنعناه على الإطلاق». ستضمن التقنية المُدمجة في طائرة تيمبست أيضاً قدرة الطائرة على العمل على أنها مركز اتصالات جوي، حتى في حال انقطاع الاتصال بالقواعد العسكرية في بريطانيا.
هذا يعني أنه يمكن أن تكون بمثابة نقطة اتصال مركزية للطائرات المسيرة، والصواريخ الصديقة القريبة، بالإضافة إلى القوات البرية، والأقمار الاصطناعية في الفضاء.
وفي هذا الصدد، يوضح مورتون من شركة «بي إيه إي»: «يجب أن نكون قادرين على العمل في نطاقات بعيدة، حيث قد تتعرض اتصالاتنا للتشويش. لذلك، علينا التأكد من أن لدينا منصة أساسية مأهولة، في وضع يسمح لها بأن تكون قلب الشبكة في حال تعذّر علينا التواصل مع القاعدة الرئيسة للعمليات. يجب أن تكون قادرة على العمل في بيئة معزولة».