تترقب الأوساط الليبية بـ«قلق شديد» حالة متسارعة من التحشيد و«الاجتماعات السرية» لقيادات مسلّحة استعداداً لـ«معركة مؤجلة» على ما يبدو بين عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، وعبد الرؤوف كارة آمر ميليشيا «قوة الردع الخاصة».
ومنذ إخفاق الدبيبة في عزل كارة وتفكيك «قوة الردع الخاصة»، والعاصمة تشهد حالة من الاستقطاب المسلّح بين الطرفين، فيما يراه متابعون «إعادة ترتيب للأوراق بقصد إجهاز أحدهما على الآخر، عندما تحين اللحظة».
ويلجأ الدبيبة إلى مصراتة مسقط رأسه لمزيد من التحصّن ببعض القيادات المسلحة هناك، بينما يتجه كارة إلى الزاوية التي تحتضن تشكيلات قوية مناوئة لـ«الوحدة»، وما بين المدينتين الواقعتين غربي ليبيا باتت تتصاعد التحذيرات من «اندلاع فتنة في قادم الأيام».
يصعّد الدبيبة ضد بعض التشكيلات المسلحة التي ازداد نفوذها في مواجهة حكومته (الوحدة)
وقال مصدر أمني بطرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن «شخصيات من مصراتة التقت قيادات لتشكيلات مسلحة من الزاوية في اجتماع عقد مساء الخميس، وذلك بغرض دفعها إلى عدم الوقوف ضد الدبيبة في معركته مع (قوة الردع)، لكن الأخيرة رفضت، واشترطت انسحاب قوات من مدينة الزنتان من مواقع تتبع الدبيبة».
ويتحدث أبو القاسم قزيط، عضو المجلس الأعلى للدولة، عن «تحضيرات متسارعة لعملية عسكرية خاصة في طرابلس»، وقال في تصريح صحافي: «يبدو أن هناك ضوءاً أخضر، أو برتقالياً على الأقل، من جهة ما؛ ليس لأن هذه العملية ضرورية أو مشروعة أو مأمونة العواقب، بل فقط لأن دماءنا رخيصة».
وبسطت قوات الدبيبة نفوذها نسبياً على العاصمة، بعدما فكّت ارتباطها بتشكيلات مسلّحة، من بينها جهاز «دعم الاستقرار» برئاسة عبد الغني الككلي، الشهير بـ«غنيوة» الذي قُتل في عملية وُصفت بأنها «أمنية معقّدة».
ويسعى الدبيبة إلى التخلص من كارة، الذي يُلقّبه أتباعه بـ(الشيخ)، ويتخذ من منطقة سوق الجمعة في طرابلس معقلاً له، ويتمتع بشعبية واسعة نظراً لمرجعيته السلفية.
المنفي يلتقي أعضاء اللجنة المؤقتة للترتيبات الأمنية والعسكرية بطرابلس (المجلس الرئاسي)
على هامش هذه الأجواء، قدّم أعضاء اللجنة المؤقتة للترتيبات الأمنية والعسكرية في طرابلس، لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إحاطة «حول مجمل التحركات الميدانية والإجراءات المتخذة لإعادة ضبط المشهد الأمني، بما يسهم في إعادة الحياة العامة إلى طبيعتها».
وتطرّق الاجتماع، حسب مكتب المنفي، إلى «تنفيذ التعليمات الصادرة عن المجلس الرئاسي بشأن عودة الآليات العسكرية إلى ثكناتها؛ ووقف أي تحركات غير قانونية؛ إلى جانب الإفراج عن جميع الموقوفين خلال الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها المدينة».
المنفي، الذي يسعى للسيطرة على مجريات الأمور بالعاصمة، ثمن «الجهود المبذولة» من قبل اللجنة، مؤكداً على ضرورة مواصلة العمل بوتيرة عالية، وبروح المسؤولية الوطنية، لتحقيق الأمن المستدام في ربوع ليبيا كافة.
قد يهمك أيضًا: رئيس لجنة حقوق الإنسان بالنواب: تحقيق الاتزان بين المالك والمستأجر ضرورة
سياسيون ليبيون عديدون ومؤسسات وجمعيات حقوقية «تتخوف من القادم»، وتدعو لإخراج العاصمة من الحسابات الشخصية للساسة، مشيرين إلى أن مواطنيها لم يطيقوا الحرب والقتل والتدمير.
ورصدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، «بقلقٍ بالغ» التحشيدات والتحركات العسكرية في مدينة طرابلس ومحيطها، وقالت إن «هذه الإجراءات من شأنها تقويض الاستقرار الهش الذي تعيشه العاصمة؛ وتُنذر بتجدّد الاشتباكات التي تُشكّل تهديداً وخطراً كبيرين على سلامة المدنيين».
وحمّلت المؤسسة، حكومة «الوحدة»، ورئيسها بصفته وزيراً للدفاع، «كامل المسؤولية القانونية حيال أي خرق للهدنة وتعطيل الترتيبات الأمنية التي أقرها المجلس الرئاسي».
وفي مواجهة تصاعد الانتقادات والمطالب برحيلها عن السلطة، قالت حكومة «الوحدة» إن الوكيل العام لوزارة الصحة المكلّف بمهام الوزير محمد الغوج، بحث مع المدير العام لـ«المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي»، مخرجات مشاريع إصلاح وتطوير النظام الصحي التي نفذها المجلس خلال السنوات الماضية.
لجنة حكومية تعمل على فتح مسارات لطرق جديدة في طرابلس (حكومة الوحدة)
وتضمنت المخرجات، حسب الحكومة، إعداد اللائحة التنظيمية لتعزيز الخدمات الصحية، وإطلاق مبادرة التغطية الصحية الشاملة، وإعداد مصفوفة لإنقاذ قطاع الدواء، مقترح إنشاء هيئة الدواء، بالإضافة إلى تطوير التشريعات الخاصة بالتأمين الصحي.
وأكد الغوج أهمية تحويل المخرجات إلى خطوات تنفيذية بالتعاون مع الجهات المختصة، لافتاً إلى أنه «تم الاتفاق على عقد اجتماع موسع وورش عمل تخصصية لتسريع وتيرة التنفيذ».
وتحدثت الحكومة عن أن اللجنة المعنية بـ«فتح المسارات وتوسيع الطرق» باشرت أعمال الرفع المساحي وإخطار المنازل والمباني بالإزالة في طريق حي الأندلس البحري بطرابلس، وذلك ضمن المرحلة الجديدة من مشروع فتح وتوسعة المسارات في المنطقة.
وأوضحت الحكومة أن هذه الإجراءات تأتي «تمهيداً لاستكمال عمليات الإزالة وفقاً للمخططات المعتمدة، في إطار جهود تطوير البنية التحتية وتحسين الحركة المرورية وتنظيم التخطيط الحضري في مدينة طرابلس».
جانب من دورة لرفع كفاءة منتسبي وزارة الداخلية بغرب ليبيا (المكتب الإعلامي للوزارة)
كما أشارت وزارة الداخلية في حكومة «الوحدة» إلى أن جهاز المباحث الجنائية يواصل جهوده لرفع كفاءة منتسبيه من خلال تنفيذ دورات تدريبية متخصصة؛ وفي هذا الإطار انطلقت دورة تدريبية في مجال تفكيك المتفجرات بالتعاون مع فريق تدريبي متخصص.
وأشارت إلى العمل على دورة تدريبية أخرى بالتوازي في مجال التحكم بالطائرات دون طيار «بهدف تأهيل العناصر الأمنية وتزويدهم بالمهارات التقنية الحديثة لمواجهة التحديات الأمنية».