أثار وزير الخارجية المصري الأسبق، عمرو موسى، الانتقادات في مصر بعد وصفه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بـ«الديكتاتور»، ما أعاد إلى الواجهة الجدل القديم بين مؤيدي عبد الناصر ومعارضيه.
حديث موسى، الذي شغل سابقاً منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، جاء رداً على سؤال في لقاء تلفزيوني أذاعته فضائية «إم بي سي 1» بشأن ما إذا كان يعدّ عبد الناصر «ديكتاتوراً». قال موسى: «نعم، عبد الناصر كان ديكتاتوراً… لن نضحك على أنفسنا»، موضحاً أن «الحُكم كان ديكتاتورياً، ولكن الشعب كان يؤيد عبد الناصر حتى هزيمة 5 يونيو (حزيران) 1967»، مشيراً إلى أنه أصبح «غاضباً من عبد الناصر بعد 5 يونيو». وأضاف: «كان الشعب يؤيد عبد الناصر، ويثق به وبزعامته، ويدعم ما يطرحه من حقوق للمواطنين… لكن كانت هناك أخطاء كبيرة جداً في الحكم داخلياً، وفي اتخاذ قرارات الحرب والسلام دون تشاور، وهذه هي الديكتاتورية».
وبشأن تنحي عبد الناصر بعد الهزيمة، قال موسى: «كان ذلك حقيقياً لشعوره بالخطأ الكبير الذي ارتكبه»، مضيفاً أن «الهزيمة جعلته وكثيرين غاضبين»، مؤكداً أنه «لا يمكن ولا يصح التسامح مع ما حدث في 5 يونيو»، مشيراً إلى أن «مصر ما زالت عالقة في هذه النكسة حتى الآن».
وكان موسى قد أكّد في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» أنه «توقّف عن الإيمان بعبد الناصر صباح 5 يونيو 1967». وانتقد اتخاذ عبد الناصر قرار الحرب، وقال: «لا يصح أن يُقامر أحد بمصير بلده. في الحرب والسلام لا يصح أن يكون القرار لشخص واحد. أنا وكثيرون نُحمّل عبد الناصر المسؤولية، ونحن حزانى جداً لما حدث».
ورغم أن هذه ليست المرة الأولى التي يوجّه فيها موسى انتقادات لعبد الناصر وفترة حكمه، فإن تصريحاته أثارت انتقادات وجدلاً بين مؤيد ومعارض، معيدة إحياء جدل قديم متجدد بشأن من يبرز «إنجازات» عبد الناصر، الذي رحل في 28 سبتمبر (أيلول) 1970، ومن يشير إلى «إخفاقاته».
ودافع الإعلامي، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عن عبد الناصر، مؤكداً أنه «كان زعيماً وطنياً وديمقراطياً مخلصاً. ترك إرثاً خالداً في مصر والعالم العربي والأفريقي». وقال بكري، خلال تقديمه برنامج «حقائق وأسرار»، مساء الجمعة، «بين الحين والآخر يخرج علينا عمرو موسى مهاجماً الرئيس جمال عبد الناصر، مع وصفه بألفاظ غير دقيقة ومتناقضة مع التاريخ».
قد يهمك أيضًا: إعلام عبري: مقترح مصري قطري جديد وتقدم ملموس في مفاوضات غزة والاحتلال يسلم خرائط انسحاب جديدة
وأشار إلى وصف موسى لعبد الناصر بـ«الديكتاتور»، وقبلها حديثه عن أن «عبد الناصر كان يطلب الطعام من الخارج»، واصفاً تصريحات موسى عن عبد الناصر بأنها «هرتلة آخر العمر».
وكان موسى قد أثار جدلاً في وقت سابق أيضاً، حين تحدّث عن أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يطلب أطعمة معينة من سويسرا، وذلك خلال فترة عمله الدبلوماسي هناك. وفي حواره مع «الشرق الأوسط»، أوضح موسى أنه «كان ملحقاً في سفارة مصر لدى سويسرا في ذلك الوقت، وكان هناك مَن يأتي من أجل أن يأخذ أكلاً معيناً لجمال عبد الناصر الذي كان مصاباً بالسكري. هذا الطعام خاص بالذين لديهم سكري، وليس للمتعة».
وأشار حساب على منصة «إكس» إلى أن «رأي موسى يخصه، ولا يتجاوز شخصه». وقال إنه «عاش أيام عبد الناصر، سنوات العزة والكرامة والتعليم المتميز ونهضة الفنون». في حين أعاد الصحافي المصري، أحمد سعيد طنطاوي، مشاركة حديث موسى، وكتب عبر حسابه على «إكس»، يقول: «عمرو موسى ينتقد عبد الناصر».
وتعليقاً على حديث بكري، أعرب حساب آخر على «إكس» عن أمله في أن «تتم مقاضاة بكري»، وقال: «ليس من حقه أن يحجز على رأي أحد».
عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أكد أن «هذا النوع من الجدل بشأن مراحل أو قيادات تاريخيّة موجود في كل دول العالم، ففي فرنسا ما زالوا يتساءلون هل كانت الثورة الفرنسية نقمة أم نعمة، وفي الولايات المتحدة هناك جدل بشأن تفسير الأوراق الفيدرالية».
وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مرجعيات عدة في تفسير فترة عبد الناصر، بين الليبرالية التي ترى أنه كان سبباً في نكسة 1967، ومرجعيات القومية العربية والوطنية المصرية التي تنظر له باعتباره مَن أعاد الصناعة الوطنية وأمّم قناة السويس». وأضاف «لا بد أن يكون هناك اعتدال ونضج في التعامل… عبد الناصر كان بشراً، وهو جزء من التاريخ بانتصاراته وهزائمه»، موضحاً: «كل زعيم أو قائد قام بدوره وفقاً لوقته».