الخميس, أغسطس 14, 2025
الرئيسيةالثقافة والتاريخ«في بلاد جان»... الهروب من أشباح الماضي عبر الترحال

«في بلاد جان»… الهروب من أشباح الماضي عبر الترحال

في روايته «في بلاد جان» الصادرة عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يأخذ الكاتب أحمد فريد المرسي قارئه في رحلة غامضة تبدأ من أسوان مروراً بسراييفو وباريس لتصل به أقداره إلى أبيدجان. يرتحل البطل عبر عوالم مجهولة كأنه يبحث في الجغرافيا البعيدة النائية عن «خلاص مستحيل» أو شفاء من لعنة قديمة تطارده منذ سنوات وعيه الأولى، لكن ما يحدث أنه يتورط في مآزق تضاف إلى ما يحمله من أثقال قديمة ليقف في مواجهة نفسه محاولاً فهمها واستيعاب ما يحدث حوله.

لا شىء يجمع بين فرنسا وكوت ديفوار والبوسنة هنا سوى رجل يتظاهر بالصلابة الخارجية، لكنه من الداخل هش للغاية، يضرب في الأرض على غير هدى هرباً من أشباح الماضي حيث قصة حب بدأت شرارتها الأولى في مدينة أسوان، أقصى جنوب مصر، لم تكتمل، وطموح لم يتحقق، وحلم يسكن الغيوم تسلل من بين أصابعه وكأنه حفنة من الماء.

تراوحت لغة الرواية بين السلاسة في الحكي، والقاموس التقليدي، مع روح غنائية ووصف يحمل لمحة شاعرية في بعض الفصول. تغلب على السرد تقنية «الفلاش باك» أو «الرجوع إلى الماضي»، مع استخدام كثيف للحوار الذي جاء موزعاً بين الحوار مع الآخر، والحور مع الذات.

قد يهمك أيضًا: هل ما زال الأدب قادراً على تغيير العالم؟

من أجواء الرواية نقرأ:

«تشبه أسوان، فاتنة وادعة غامضة. قبل أن أعرفها كانت الأنثى عالماً مجهولاً فكانت هي كل ما أعرف. أرى المرأة تجسيداً للفن، قد يكون من المفيد أن تفهمه لكن الأهم هو أن تستقبله بعاطفتك وتحسه يسكن روحك ثم تروض عقلك على استيعابه. الحب امرأة السكينة، امرأة الحياة. تخرجت قبلها بسنتين، فقررت الإقامة في أسوان للانتهاء من رسالة الماجستير حول الموروث الثقافي لسكان المنطقة لحين انتهائها من دراستها ثم العودة للقاهرة وإتمام الزواج والالتحاق بالعمل في الجريدة كما اتفقت مع والدي.

كنت أزور الجنادل وأرسم الطبيعة في القرية وما حولها. أفضل ما رسمت في حياتي كان في تلك الفترة. في كثير من الليالي، كنت أذهب بمفردي لتلك الجزر. في المرات الأولى شعرت بشيء من الخوف والقلق، لكن بالتدريج ألفت المكان وألفني، حتى تماسيح النيل عرفتني ولم تعد تخاف مني أو أخافها، اعتدت الانفراد بذاتي فوق تلك الصخور.

في تلك الليالي التي لم أر فيها غير ألق القمر بين النجمات ولم أسمع منها غير دفق النيل يغازل صخور الجزيرة، رأيت نفسي وسمعت صوت ضميري».

المادة السابقة
المقالة القادمة
مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات