عام بعد عام، يواصل «صندوق الاستثمارات العامة السعودي» تألقه في ضخ المزيد من الاستثمارات المحلية والدولية وتحقيق عوائد مالية قوية والمساهمة في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وفق منهجيات واستراتيجيات مرسومة، لكي يحقق غايات المملكة عن طريق الاستثمار داخل وخارج البلاد وتعزيز دور الصندوق في التنويع الاقتصادي في الدولة، وتعظيم أثر استثماراته من خلال تأسيس شراكات اقتصادية وطيدة لتعميق دور الرياض وأثرها في المشهد الإقليمي والعالمي.
وجاءت الذكرى الـ54 من تأسيس الصندوق في عام 1971 لتظهر مدى التطور الذي يشهده «السيادي» خلال الأعوام الأخيرة، وتحديداً منذ 2015 عندما حدثت النقلة النوعية بربط الصندوق مع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حيث تمت بعد ذلك عملية إعادة تكوين مجلس الإدارة ليصبح برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الأمير محمد بن سلمان.
وشهد الصندوق تطورات متسارعة بعد عملية الربط من خلال تنويع الاستثمارات المحلية والدولية وزيادة أصوله، وإنشاء عدد كبير من الشركات التي تستهدف القطاعات النوعية المستهدفة من قِبَل «السيادي» السعودي.
وفي عام 2021، وافق مجلس إدارة «صندوق الاستثمارات العامة» برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، على اعتماد استراتيجية «صندوق الاستثمارات العامة» للأعوام الخمسة التالية. وقال حينها: «تأتي الاستراتيجية الجديدة لتمثل مرتكزاً رئيسياً في تحقيق طموحات وطننا الغالي نحو النمو الاقتصادي، ورفع جودة الحياة، وتحقيق مفهوم التنمية الشاملة والمستدامة في مختلف القطاعات التقليدية والحديثة، حيث يعمل الصندوق على مستهدفات عدة، من أهمها ضخ 150 مليار ريال سنوياً على الأقل في الاقتصاد المحلي، والمساهمة من خلال شركاته التابعة له في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة 1.2 تريليون ريال سعودي بشكل تراكمي. كما يستهدف الصندوق بنهاية 2025 بأن يتجاوز حجـم الأصول 4 تريليونات ريال، واستحداث 1.8 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر».
ومنذ إطلاق الاستراتيجية في 2021، بلغ إجمالي استثمارات الصندوق في القطاعات ذات الأولوية أكثر من 642 مليار ريال.
تصفح أيضًا: «سكني» تتحول إلى منصة متكاملة لدعم التملك السكني في السعودية
ونشر «صندوق الاستثمارات العامة»، الأسبوع الماضي، تقريره السنوي للعام 2024، الذي يعكس أداءً قوياً واستمراراً في التقدم على صعيد تحقيق مستهدفاته لدفع التحول الاقتصادي في المملكة وتحقيق عوائد مستدامة.
وأظهر التقرير ارتفاع إجمالي الإيرادات بواقع 25 في المائة مع استمرار متانة مستويات موجوداته النقدية واستقرارها على أساس سنوي. وكشف عن ارتفاع في أصول الصندوق المُدارة بنسبة 19 في المائة على أساس سنوي، لتبلغ 3.42 تريليون ريال (ما يعادل 913 مليار دولار تقريباً) بنهاية عام 2024، مع تحقيق 7.2 في المائة إجمالي عائد للمساهمين على أساس سنوي منذ 2017. وزاد إجمالي الإيرادات بواقع 25 في المائة.
وحافظ الصندوق على متانة مستويات السيولة والموجودات النقدية لديه، مع استقرارها على أساس سنوي. وأظهر التقرير تقدماً ملحوظاً في تنفيذ مستهدفات استراتيجية الصندوق الاستثمارية، مما يعزز مكانته أحد أكبر وأسرع صناديق الثروة السيادية نمواً في العالم. وارتفعت مساهمة «صندوق الاستثمارات العامة» في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي لتبلغ 910 مليارات ريال خلال الفترة من 2021 إلى 2024 بشكل تراكمي، وتعكس محفظة الصندوق التركيز على تنويع الاقتصاد السعودي، إلى جانب الالتزام بتعزيز الشراكات العالمية. وتسعى استثمارات الصندوق الدولية إلى تحقيق أهداف استراتيجية عبر تنمية وتنويع أصوله وعوائده، وإبرام شراكات استراتيجية مع كبرى الشركات والمستثمرين، إلى جانب الاستثمار في أحدث التقنيات التي تساهم في تعزيز اقتصاد المملكة ورسم ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي. وواصل «صندوق الاستثمارات العامة» تنويع مصادر تمويله خلال عام 2024، حيث بلغت إجمالي القروض العامة نحو 36.855 مليار ريال (ما يعادل 9.828 مليار دولار)، إلى جانب قروض خاصة بقيمة ما يقارب 26 مليار ريال (ما يعادل 7 مليارات دولار).
ولاقى الاستقرار في أداء «صندوق الاستثمارات العامة» تقديراً دولياً، حيث رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تصنيف الصندوق من «إيه 1» إلى «إيه إيه 3» خلال 2024، في حين أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها للصندوق عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وسجّل إنجازاً مميزاً في الالتزام والأداء لمعايير الحوكمة والاستدامة والمرونة، محققاً نسبة 96 في المائة على مؤشر الحوكمة والاستدامة والمرونة لعام 2024 الصادر عن مؤسسة «Global SWF»، بتقدم كبير مقارنة بنتائج عام 2021 التي بلغت النسبة فيها 40 في المائة. كما حّل في المركز الأول عالمياً بشكل مشترك على قائمة تضم 200 مستثمر سيادي، مع نسبة التزام بلغت 100 في المائة خلال عام 2025.