الثلاثاء, يوليو 29, 2025
الرئيسيةالصحة واللياقة البدنيةكشْف الشيفرة الوراثية للصحة النفسية

كشْف الشيفرة الوراثية للصحة النفسية

يُسلّط تحديث جديد من كلية الطب بجامعة نورث كارولاينا في الولايات المتحده، الضوء على التقدم الرائد في علم الجينوم النفسي على مدى السنوات الخمس الماضية، ويُحدد الخطوات التالية لفهم الأمراض النفسية وعلاجها من خلال علم الوراثة.

أساس جيني للاضطرابات النفسيةوسلطت الدراسة الضوء على الإنجازات التي حققها اتحاد الجينوم النفسي خلال السنوات الخمس الماضية وهو تعاون عالمي يضم آلاف الباحثين بدأ عام 2007. حيث تمثلت مهمة المجموعة في كشف الأساس الجيني للاضطرابات النفسية والعصبية النمائية وترجمة هذه المعرفة إلى علاجات أفضل لحالات مثل الفصام والاكتئاب وفقدان الشهية وغيرها.

وقادت الدراسة الدكتورة سينثيا بوليك والدكتور باتريك سوليفان من كلية الطب بجامعة كارولاينا الشمالية وكلية جيلينجز للصحة العامة العالمية، ونشرت في مجلة لانسيت «The Lancet» في 26 يونيو (حزيران) 2025. وستُوسّع هذه المرحلة البحثية التالية نطاق الاكتشافات الجينية للاضطرابات النفسية واستجاباتها العلاجية، وهي وزملاؤها يعملون على إرساء أسس علم تعاوني وشفاف ومؤثر سريرياً.

>علم الوراثة: مفتاح لفهم الأمراض النفسية وعادة تتشكل الاضطرابات النفسية من خلال مزيج من العوامل الوراثية وتجارب الحياة والعوامل البيئية. وقد أشارت الأبحاث المبكرة مثل دراسات التوائم في أربعينات القرن الماضي إلى وجود عنصر وراثي في حالات مثل الصرع والفصام Schizophrenia لكن الاختراقات الحديثة ظهرت مع ظهور دراسات الارتباط على مستوى الجينوم (GWAS) genome-wide association studies، إذ تُحلل هذه الدراسات الواسعة النطاق الحمض النووي دي إن إيه DNA لمئات الآلاف من الأفراد للعثور على الاختلافات المرتبطة بحالات الصحة العقلية. وهي بمثابة خريطة طريق جينية تُوجّه الباحثين نحو مناطق محددة من الجينوم لإجراء المزيد من البحث.

> اختراقات في حالات الفصام والاكتئاب وفقدان الشهية . وقد أسفرت السنوات الخمس الماضية عن نتائج ملحوظة. ففي عام 2022 حدد الباحثون 287 موقعاً على الجينوم مرتبطاً بالفصام. وبحلول عام 2025 ربطت دراسات مماثلة 635 منطقة جينية باضطراب الاكتئاب الشديد مما سدّ فجوة معرفية كبيرة في أبحاث الاكتئاب.

وجاء أحد أبرز الاكتشافات في عام 2019 عندما كشف العلماء عن أن فقدان الشهية العصبي له جذور جينية نفسية واستقلابية، إذ أدى ذلك إلى ظهور مصطلح الاضطراب الأيضي (الاستقلابي) النفسي metabo-psychiatric disorder، مما أعاد صياغة كيفية فهم المرض وعلاجه.

روابط جينية مشتركة بين الاضطرابات> من أهم النتائج التي تم التوصل إليها في السنوات الأخيرة أن العديد من الحالات النفسية تشترك في جذور جينية مشتركة وهي ظاهرة تُسمى تعدد الأنماط الجينية pleiotropy، وفي عام 2019 حدد الباحثون 136 «نقطة ساخنة» جينية مرتبطة باضطرابات مثل التوحد والاضطراب الثنائي القطب bipolar disorder واضطراب الوسواس القهري Obsessive-compulsive disorder ومتلازمة توريت Tourette syndrome وغيرها. ومن المثير للدهشة أن 109 من هذه المناطق ارتبطت بحالات متعددة. وقد يفسر هذا التداخل سبب تزامن بعض الاضطرابات ويفتح الباب أمام علاجات قد تستهدف مسارات بيولوجية مشتركة.

قد يهمك أيضًا: 7 فوائد في شرب الماء الدافئ مع العسل كل صباح

> معالجة اضطرابات تعاطي المواد .وقد بحثت مجموعة اتحاد الجينوم النفسي أيضاً في جينات تعاطي المواد، حيث وجدت 19 إشارة جينية مرتبطة بإدمانات متعددة بما في ذلك الكحول والتبغ والقنب والأفيونيات، حيث يمكن أن تؤدي هذه الاكتشافات إلى علاجات دوائية تتناول البيولوجيا الأوسع نطاقاً وراء الإدمان بدلاً من مجرد مواد فردية.

> اضطراب طيف التوحد والإعاقة الذهنية .

وقد ركز الباحثون تحديداً على الأخطاء الجينية الناتجة عن تكرار أو حذف أجزاء من الحمض النووي دي إن إيه DNA التي تُعرف باسم متغيرات عدد النسخ (CNVs) Copy number variation. وفي عام 2023 حدد مركز اتحاد الجينوم النفسي متغيرات عدد النسخ في جين NRXN1 وهو جين معروف جيداً بدوره في اضطراب طيف التوحد والإعاقة الذهنية، وحذفاً في جين ABCB11 الذي يلعب دوراً في قدرة الشخص على الاستجابة للأدوية المضادة للذهان.

دراسات للرعاية والعلاج

> تحسين الرعاية السريرية ومشاركة البيانات ويمكن أن تشمل مواقع الجينوم التي تشير إليها دراسات ارتباطات الجينوم الشاملة عدة متغيرات مهمة ومترابطة، إلا أن البيانات لا تكشف الكثيرعن التركيب البيولوجي الكامن وراء هذه النقاط الساخنة؛ لذلك قرر الباحثون دمج بيانات البروتين في دراساتهم المتعلقة بدراسات ارتباطات الجينوم الشاملة لتقديم رؤى حول أوجه التشابه والاختلاف بين الاضطرابات النفسية على المستوى الجزيئي والخلوي.

وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة بقيادة كيفن أوكونيل من قسم الصحة النفسية والإدمان مستشفى جامعة أوسلو – النرويج وآخرين، نشرت في مجلة «Nature» في 22 يناير (كانون الثاني) 2025 أن الاضطراب الثنائي القطب يرتبط بزيادة التعبير عن الجينات في الخلايا العصبية المهمة في المعالجة العاطفية والذاكرة وتغير تثبيط أو استثارة معالجة الدماغ والهضم والتمثيل الغذائي وتنظيم الهرمونات. لكن مركز اتحاد الجينوم النفسي لا يُنتج البيانات فحسب، بل يُشاركها أيضاً مع المجتمعات الجينية والنفسية الأوسع. وقد تم الوصول إلى بياناتهم من أكثرمن 50 دراسة أظهرت ارتباطات الجينوم الشاملة أكثر من 154 ألف مرة منذ عام 2021 وأُدرجت في العديد من الدراسات الجينومية والجينومية الوظيفية والبيولوجية في مختلف المجالات.

> المساعي المستقبلية للمركز الجيني للجينات الأولية . يهدف المركز الجيني للجينات الأولية إلى توسيع نطاق الاكتشافات الجينية للعديد من الاضطرابات النفسية لتشمل الاستجابات للعلاج بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية على مدار العمر وعبر مختلف الفئات السكانية.

وباستخدام كل من علم الوراثة ومصادر أخرى للبيانات البيئية والسريرية وبيانات علم الأعصاب يخطط المركز الجيني للجينات الأولية لاتباع نهج يعتمد على العمر لفهم الاضطرابات التي تبدأ عادةً في مرحلة الطفولة (مثل اضطراب طيف التوحد) والبلوغ (مثل اضطراب تعاطي المخدرات) ومراحل الحياة اللاحقة (مثل مرض ألزهايمر) ودراسة المسار الطولي للصحة النفسية والمرونة لدى السكان.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات