الإثنين, أغسطس 11, 2025
الرئيسيةالتكنولوجياكيف يؤثر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم في الصحة النفسية للطلاب؟

كيف يؤثر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم في الصحة النفسية للطلاب؟

نشر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في يونيو 2025، نتائج دراسة كشفت عن اختلافات كبيرة في نشاط الدماغ بين مستخدمي ChatGPT، والمشاركين الذين استخدموا محركات البحث، والمشاركين الذين اعتمدوا فقط على مهاراتهم الإبداعية لكتابة المقالات. ووفقًا لهذه الدراسة، أظهرت قياسات التخطيط الكهربائي للدماغ (EEG)، أن الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT في مهام الكتابة يؤدي إلى تراجع ملحوظ في نشاط الدماغ والوظائف المعرفية، مقارنةً بمن يستخدمون محركات البحث أو يعتمدون على مهاراتهم الذاتية في الكتابة.

ومع أن نتائج هذه الدراسة لم تخضع للمراجعة من جهات متعددة، واعتمدت على عينة صغيرة، فإن دلالاتها المحتملة لها أهمية كبيرة. فقد أفاد تقرير نُشر في موقع Time.com بأن هذه النتائج أثارت مخاوف من أن الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي في الدراسة قد يؤثر سلبًا في عملية التعلم وتطور الدماغ على المدى الطويل. ومع أن التأثيرات الشخصية تختلف من مستخدم إلى آخر، فإن العديد من الدراسات تُشير إلى ضرورة قيام مراكز الإرشاد النفسي بتقييم الأثر المحتمل لاستخدام ChatGPT ومساعدي الذكاء الاصطناعي في الصحة النفسية للطلاب، وخاصة في مجالات مثل: الدافعية الأكاديمية (الرغبة في التعلم)، والمرونة النفسية (القدرة على التكيف مع التحديات والضغوط والصعوبات)، والعلاقات الاجتماعية.

أظهرت الدراسة أن الطلاب الذين استخدموا ChatGPT أصبحوا أقل اجتهادًا مع مرور الوقت، فقد اعتمدوا بنحو متزايد على النسخ واللصق، كما أبدوا شعورًا ضعيفًا بالانتماء إلى ما يكتبونه. وهذا يشير إلى احتمال تراجع دافع التعلم والانخراط الأكاديمي لدى بعض المستخدمين. وتُعد هذه الجوانب من العوامل الجوهرية المؤثرة في الصحة النفسية للطلاب، إذ غالبًا ما ترتبط قلة الدافعية بمشكلات مثل: القلق والاكتئاب والسلوكيات الخطرة، وفقًا لتقرير صدر عن جامعة كولومبيا عام 2019.

من ناحية أخرى، فإن الدافعية العالية والانخراط الأكاديمي من المؤشرات على الازدهار الطلابي. ووفقًا لدراسة نُشرت عام 2023 في مجلة (Behavioral Sciences)، فإن الطلاب المتحفزين يبدون اهتمامًا أكبر بالدراسة، ويحققون أداءً أكاديميًا أفضل من غيرهم.

ومن اللافت أن دراسة أخرى نُشرت عام 2024 في مجلة (Technology in Science) أشارت إلى أن ChatGPT قد يساعد في تعزيز إنتاجية الطلاب؛ مما يمكن أن يساهم في زيادة التفاعل الأكاديمي. لذلك، وفي حال لاحظ المرشدون النفسيون انخفاضًا في دافعية بعض الطلاب، ينبغي عليهم النظر في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كأحد العوامل المساهمة في ذلك، مع الأخذ في الحسبان أن هذه الأدوات قد تكون أيضًا وسيلة مبتكرة لتحفيز طلاب آخرين يعانون قلة الدافعية.

اقرأ ايضا: اكتشاف جليد بلورى فى الفضاء.. دراسة جديدة تكشف عن بنية مخفية للجليد الكونى

عندما طُلب من المشاركين في دراسة MIT إعادة كتابة مقالاتهم دون استخدام ChatGPT، اتضح أنهم يجدون صعبة في تذكر محتوى ما كتبوه سابقًا، كما أظهروا نشاطًا منخفضًا في موجات الدماغ من نوع ألفا وبيتا. وتشير تقارير علمية، منها تقرير صادر عن مركز (Orange County Neurofeedback Center) عام 2025، إلى وجود علاقة قوية بين هذه الموجات والمرونة النفسية. فموجات ألفا ترتبط بالاسترخاء وإفراز السيروتونين الذي يُعد مضادًا طبيعيًا للاكتئاب، وأما موجات بيتا فتؤدي دورًا أساسيًا في التفكير التحليلي وحل المشكلات.

وهذا يعني أن الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي قد يحدّ من قدرة بعض الطلاب على الإبداع، ويزيد مستويات التوتر عند التعامل مع التحديات الأكاديمية. ومع ذلك، فإن هذه الأدوات تساهم أيضًا في تسهيل الوصول إلى المعلومات، مما قد يقلل من حجم تلك التحديات. ووفقًا لتقرير صادر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس عام 2023، يمكن استخدام ChatGPT كوسيلة تعليمية فعّالة لتعزيز التفكير النقدي لدى الطلاب. لذلك، فإن تقييم دور الذكاء الاصطناعي في التأثير في المرونة النفسية للطلاب يُعدّ خطوة ضرورية لتحديد كيفية استخدامه بنحو فعّال.

تؤدي العلاقات الاجتماعية دورًا محوريًا في دعم الصحة النفسية للطلاب. فقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة (Journal of Mental Health) عام 2024 أن الدعم الاجتماعي القوي يعدّ عاملًا وقائيًا من الاكتئاب والقلق وحتى الأفكار الانتحارية. ولهذا، من المهم فحص العلاقة بين استخدام الذكاء الاصطناعي ومستوى الدعم الاجتماعي لدى الطلاب.

وقد أظهرت دراسة أخرى نُشرت عام 2025 على موقع Media.MIT.edu أن بعض المستخدمين أصبحوا يلجؤون إلى روبوتات المحادثة للحصول على الدعم العاطفي والرفقة. ومع أن هذا الاستخدام ساعد في تقليل الشعور بالوحدة في البداية، فإن الإفراط في استخدام هذه الأدوات أدى إلى زيادة مشاعر العزلة والاعتماد على التكنولوجيا وانخفاض التفاعل الاجتماعي الواقعي.

وفي هذا السياق، ظهرت بعض المخاوف من نوعية المحادثات التي قد يُجريها الطلاب مع أنظمة الذكاء الاصطناعي. فقد نُشر تقرير في موقع Times.com يتحدث عن طبيب نفسي بدأ بمحادثة روبوت دردشة، وتظاهر بأنه مراهق ويعاني بعض المشكلات النفسية، وشجعه الروبوت على قطع علاقته بوالديه وأن يصبح صديقًا له. ومع ذلك، فقد أشار التقرير نفسه إلى أن هذه الأنظمة يمكن أن تكون أدوات فعالة في العلاج النفسي، شرط أن تطور تحت إشراف مهني متخصص.

بنحو عام، يرتبط تأثير استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وأبرزها ChatGPT، بطبيعة المستخدم وسياق الاستخدام. ومع تحول هذه الأدوات إلى جزء يومي من البيئة التعليمية، أصبح من الضروري أن تعمل مراكز الدعم والإرشاد النفسي في الجامعات والمدارس على مراقبة الاستخدامات السلبية لها، والسعي في الوقت ذاته إلى توظيفها بطرق تضمن تعزيز الصحة النفسية وتسهيل العملية التعليمية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات