رغم إعلان قوات الحماية المدنية في مصر السيطرة على حريق «سنترال رمسيس» بعد نحو 5 ساعات من اشتعال النيران فيه على خلفية «ماس كهربائي»، بحسب ما تشير التحريات الأولية التي أجرتها وزارة الداخلية؛ فإن النيران ظلت مشتعلة حتى ظهر (الثلاثاء) لمدة تقترب من 20 ساعة.
واستمر خروج الدخان من مبنى السنترال حتى ظهر الثلاثاء بشكل لافت، مع إعادة فتح الطرق المحيطة بالسنترال، والتي أغلقت لساعات طويلة من أجل إتاحة الفرصة لسيارات الإطفاء بالوصول للمكان للمساهمة في إخماد الحريق، الذي تسبب في وفاة 4 موظفين بالسنترال، بالإضافة إلى إصابة 21 آخرين؛ بحسب بيان النيابة العامة.
وأثار استمرار الحريق لساعات طويلة بالمبنى الرئيسي للسنترال والمبنى المجاور له، تساؤلات عن أسباب استمراره لفترة طويلة؛ رغم دفع الحماية المدنية بعدد كبير من سيارات الإطفاء التي استخدمت السلالم الهيدروليكية للسيطرة على النيران المشتعلة بالأعلى، بالإضافة إلى استخدام كوبري أكتوبر (تشرين الأول) الملاصق للسنترال لتوجيه كميات كبيرة من المياه تساعد في عمليات الإطفاء.
واعتبر مستشار الحماية المدنية، أيمن سيد الأهل، أن «طول فترة السيطرة على الحريق يرجع إلى التأخر في الإبلاغ، مع وجود محاولات في البداية للسيطرة على الحريق بكميات محدودة من المياه، لتجنب تلف الكابلات والدوائر الإلكترونية في المبنى».
سنترال رمسيس يُوصف بأنه «قلب مصر النابض» (الشرق الأوسط)
«الأهل» الذي شغل منصب وكيل الحماية المدنية ومدير قطاع غرب القاهرة الذي يقع في نطاقه سنترال رمسيس بين عامي 2017 و2020، أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه طلب خلال فترة عمله من إدارة السنترال تنفيذ بعض الإجراءات الخاصة بالحماية المدنية، لكن ما يظهره الحريق يشير إلى عدم تنفيذها، في ظل وجود أعداد كبيرة من الأجهزة والسيرفرات من دون توافر منظومة الإطفاء الإلكترونية التي يمكنها التعامل التلقائي مع الحرائق.
وأضاف أن السنترال يفترض تزويده بأجهزة إطفاء تلقائية تكون متناسبة مع ما تحتويه كل غرفة من معدات، وهو أمر لم يكن متوافراً بالفعل؛ الأمر الذي ساهم في تفاقم النيران وامتدادها بشكل سريع.
اقرأ ايضا: بقاء الكاتب صنصال في السجن يمدد الأزمة بين الجزائر وفرنسا
لكن مساعد وزير الداخلية السابق للحماية المدنية، اللواء أسامة فاروق، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن الوقت الذي تستغرقه السيطرة على أي حريق يتفاوت بحسب نوع الحريق والمواد التي تعرضت للاشتعال، لافتاً إلى أن عمليات التبريد التي تتبع السيطرة على مصادر اندلاع النيران قد تستغرق وقتاً طويلاً.
وأضاف أنه خلال عملية التبريد تتصاعد أدخنة في الهواء، مما يجعل البعض يعتقد أن النيران لا تزال مشتعلة، لكن من الناحية الفعلية تكون الأمور تحت السيطرة من الناحية الفعلية لرجال قوات الحماية المدنية بشكل شبه كامل.
جانب من عمليات الإطفاء صباح الثلاثاء (محافظة القاهرة)
يُعد سنترال رمسيس العُقدة المحورية لشبكة الهاتف الثابت في مصر، حيث يربط بين شبكة القاهرة الكبرى وشبكات الأقاليم المختلفة، ويُمرر ما يقرب من 40 في المائة من حركة الاتصالات المحلية والدولية، سواء عبر الخطوط الأرضية التقليدية أو من خلال البنية التحتية الحديثة لشبكات الألياف الضوئية، مما يجعله عصب الاتصالات في البلاد. بحسب بيانات مجلس الوزراء المصري.
يشير أسامة فاروق إلى أن المباني الحكومية الرئيسية منفذ بها جميع الاشتراطات الخاصة بالحماية المدنية لضمان السلامة، مع وجود إجراءات متبعة يجري تنفيذها عند حدوث مصدر لاشتعال النيران، لافتاً إلى أن وجود هذه الاشتراطات يحد من الخسائر بشكل كبير، لكن تبقى احتمالات الحريق واردة وهو ما يحدث بأي مكان في العالم.
محاولات تبريد المبنى استمرت عدة ساعات (الشرق الأوسط)
وفيما يشير فاروق إلى الصعوبات التي واجهت رجال الحماية المدنية في السيطرة على الحريق يتطرق الأهل إلى صعوبات مرتبطة بغياب الخرائط التفصيلية، سواء عن مسارات الكابلات والأجهزة في المبنى أو حتى التصميم الداخلي له، مما يجعل عملية الإطفاء في غاية الصعوبة، في ظل حالة الارتباك التي تحدث عند اشتعال النيران.
كما رجح خبراء إدارة أزمات أن هيكل المبنى الضخم وتعدد أدواره وكثرة أقسامه والأجهزة الكهربائية وأجهزة التكييف والمواد سريعة الاشتعال؛ من العوامل التي تعطل عمليات الإطفاء وتطيل أمدها.