في تطور جديد يعكس تعقيدات المشهد السياسي الليبي، دخلت بعثة الأمم المتحدة على خط النزاع داخل المجلس الأعلى للدولة بإعلان تأييدها لنتائج الجلسة، التي انتُخب فيها محمد تكالة رئيساً جديداً للمجلس.
محمد تكالة (إ.ب.أ)
وشكر تكالة البعثة الأممية على إشادتها بجلسة انتخابه، واعتبر أنها «شهدت حضوراً واسعاً وشفافية كبيرة؛ ما يعكس إرادة قوية لتجاوز الانقسام». وعدّ انتخاب مكتب رئاسي جديد، بحضور 95 عضواً، إنجازاً يعكس «روحاً وطنية عالية»، مشيراً إلى بدء مرحلة جديدة «تتسم بالوحدة والانفتاح، مع تبني آليات تضمن مشاركة الجميع دون إقصاء».
وأكد تكالة التزام المجلس بالمساهمة في تهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرة وشاملة، وفق الاتفاق السياسي الليبي، معرباً عن الاستعداد للتعاون مع البعثة والشركاء الدوليين، بما يحترم السيادة الوطنية، ويضمن قيادة ليبية للعملية السياسية.
وبعدما دعا جميع الأعضاء الغائبين للمشاركة في الجلسات المقبلة لتوسيع التوافق الوطني، جدد المجلس التزامه بدوره التشريعي والاستشاري، وتعهداته تجاه الشعب الليبي لبناء دولة القانون والمؤسسات
وكانت البعثة قد اعتبرت، في بيان، مساء الاثنين، أن التصويت في الجلسة الأخيرة، جرى في «ظروف طبيعية وشفافة». وقالت إن حضور ثلثي أعضاء المجلس جلسة الأحد «يعكس توافقاً واسعاً بين الأعضاء على تجاوز الانقسام الذي أعاق قدرة المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته خلال العام الماضي»، وأيدت الدعوات لتوسيع نطاق هذا التوافق الداخلي، من خلال إشراك الأعضاء الذين لم يحضروا هذه الجلسة.
وهنأت البعثة مكتب الرئاسة الجديد لمجلس الدولة، بقيادة تكالة، معربة عن تطلعها إلى انخراط بنّاء من جميع أعضاء المجلس لكسر الجمود السياسي، والدفع قُدماً بالعملية السياسية، وإنهاء المراحل الانتقالية التي طال أمدها.
وقالت إنها تنتظر من المجلس أن يؤدي مهامه بمسؤولية، على النحو المبين في الاتفاق السياسي الليبي، بما يتماشى مع دوره السياسي المستقل، وتطلعات الليبيين لإنهاء الانقسام المؤسسي، واستعادة الشرعية من خلال الانتخابات، والمساهمة في الإصلاحات اللازمة.
خالد المشري (متداولة)
تصفح أيضًا: السيطرة على حريق بمصفاة عبادان الإيرانية ووفاة شخص
في المقابل، عبر خالد المشري، الذي يرفض الاعتراف بانتخاب تكالة رئيساً للمجلس، عن استغرابه لبيان البعثة، واعتبر في بيان له، الثلاثاء، أن توصيفها لجلسة انتخاب تكالة «يفتقر إلى الدقة ويجافي الحقيقة والواقع»، وجادل بأن الجلسة «لم تحظ بشرعية قانونية أو توافق فعلي، في ظل مقاطعة أكثر من 45 عضواً لها، ومخالفتها الصريحة لأحكام النظام الداخلي للمجلس».
وبعدما ندد بهذا الموقف، الذي وصفه بأنه «غير المتوازن»، أكد المشري رفضه لتدخّل البعثة في نزاع قضائي لا يزال منظوراً أمام الجهات المختصة، واصفاً ما صدر عنها بأنه «تجاوز غير مبرّر، وتدخّل يمس باستقلالية القضاء الليبي، وانحياز غير مقبول لأطراف دون غيرها».
وعدّ المشري بيان البعثة محاولة لقطع الطريق أمام مسار الحل الليبي – الليبي، والاستئثار بملف الحل السياسي في ليبيا، بطريقة تتنافى مع مبدأ الحياد والدعم الفعلي للإرادة الوطنية.
وكان تكالة قد استغل لقاءه وفداً من مجلس حكماء وأعيان ليبيا، مساء الاثنين، للتأكيد على أن المصالحة الوطنية الشاملة «تمثل الركيزة الأساسية لبناء الدولة»، مثمّناً ما وصفه بالدور المحوري للحكماء والأعيان في ترسيخ وحدة الصف، وتعزيز الاستقرار الوطني.
المنفي مع وفد شعبي في طرابلس (المجلس الرئاسي)
من جانبه، أكد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، خلال لقائه، الثلاثاء، في طرابلس، وفداً يمثل مختلف مكونات وشرائح الشعب الليبي، أن أبواب المجلس الرئاسي مفتوحة أمام كل صوت مسؤول، يسعى إلى إنقاذ البلاد من أزمتها السياسية العميقة، وشدد على أن تجاوز حالة الانقسام «يتطلب وحدة وطنية صادقة، ونقاشاً شجاعاً يتجاوز الحسابات الضيقة نحو أفق وطني جامع».
وأوضح المنفي أنه تلقى من الوفد نسخة من التوصيات والمقترحات، التي خلُص إليها ملتقى فريق الحوار والمصالحة السياسي، الذي عقد قبل يومين، والتي تتضمن رؤى ومخرجات، مستندة إلى توافقات شعبية، ومرجعيات قانونية ودستورية.
في شأن مختلف، رصدت وسائل إعلام محلية لحظة دخول رتل مسلح تابع لـ«جهاز دعم الاستقرار»، إلى منطقة جنزور (غربي طرابلس)، تزامناً مع إعلان الرئيس الجديد للجهاز، حسن بوزريبة، مواصلة العمل في المنطقة بتكليف من المجلس الرئاسي.
وأكد بوزريبة مواصلة العمل بمكتب جنزور، وكافة مكاتب الجهاز وفروعه، لفرض الأمن، وترسيخ سيادة القانون، وحماية المواطنين في مدينة جنزور وبمختلف ربوع البلاد.