حذَّرت دراسة أميركية من أنّ الأطعمة المعلبة التي تحتوي على بعض الدهون المسببة للسمنة قد تُسهم بشكل مباشر في إصابة الأطفال بالربو.
وأوضح الباحثون في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا أنّ تعديل النظام الغذائي، إلى جانب الاستفادة من بعض الأدوية المتوفرة حالياً، قد يفتح آفاقاً جديدة لعلاج المرض؛ ونُشرت النتائج، الخميس، في مجلة «علوم الطب الانتقالي».
والربو أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً بين الأطفال؛ يصيب الشعب الهوائية في الرئتين، ويؤدّي إلى التهابها وتضيّقها مؤقتاً، مما يُسبب صعوبة في التنفّس، وصفيراً في الصدر، وسعالاً وضيقاً في الصدر.
وانطلقت الدراسة بعدما لاحظ الباحثون ارتباطاً بين سمنة الأطفال ونوع من الربو يُعرف بـ«الربو العدلي»، وهو نوع غير تحسّسي يُثار بفعل البروتينات الميكروبية والبكتيرية. ويُعدّ هذا النوع أصعب في العلاج من الربو التحسّسي، وأكثر عرضة لأن يكون شديداً بما يكفي لدخول المرضى إلى المستشفى، لكن السبب الجذري لهذه الحالة لم يكن معروفاً.
اقرأ ايضا: «نيورالينك» التابعة لماسك ستختبر شرائح الدماغ في دراسة سريرية ببريطانيا
وللتحقُّق من ذلك، ركّز الباحثون على «البلاعم الرئوية»، وهي خلايا دم بيضاء متخصّصة تنسّق الوظائف المناعية في أثناء الالتهاب. ورغم أنّ الإجهاد الأيضي يمكن أن يُغيّر من وظيفة هذه الخلايا، فإنّ تأثير مكوّنات غذائية محدّدة لم يكن واضحاً من قبل. ووجدت الدراسة أنّ بعض الدهون الغذائية، بما فيها تلك الموجودة في الأطعمة المصنَّعة والمعلَّبة، تُنشّط البلاعم في الرئتين خلال الاستجابة الالتهابية.
وتشمل الأطعمة المصنَّعة والمعلَّبة النقانق واللحوم الباردة، والبطاطا المقلية المجمَّدة، والمشروبات الغازية، والعصائر المعلَّبة، والمعكرونة سريعة التحضير، والوجبات الجاهزة؛ وهي منتجات خضعت لعمليات صناعية مثل الطهي أو التجميد أو إضافة المواد الحافظة والنكهات بهدف إطالة مدة صلاحيتها أو تحسين طعمها ومظهرها.
واختبر الباحثون أولاً نظاماً غذائياً عالي الدهون في نموذج حيواني، ولاحظوا تراكم البلاعم الرئوية للأحماض الدهنية المشبّعة طويلة السلسلة، مثل حمض الستيارك الموجود عادة في الدهون الحيوانية والأطعمة المعالجة. كما لاحظوا أنّ حمض الستيارك زاد من التهاب الشعب الهوائية من دون التسبّب بالسمنة، بينما أظهر حمض الأوليك الموجود في زيت الزيتون، وهو حمض دهني أحادي غير مشبَّع، قدرة على تثبيط النشاط الالتهابي.
وتأكد بعض هذه النتائج في مجموعة من الأطفال المصابين بالربو والسمنة. وقال الباحثون إنهم كانوا يعتقدون أنّ السمنة هي السبب الأساسي لهذا النوع من الربو، لكنهم لاحظوا ظهوره أيضاً لدى أطفال غير بدناء، مما دفعهم إلى اختبار تأثير مكوّنات غذائية محدّدة. وأثبتت النتائج أنّ هذا الربو يمكن أن يحدث بسبب استهلاك أنواع معيّنة من الدهون، مما يغيّر الفهم التقليدي لأسباب المرض.
وأضافوا أنّ النتائج تشجّع على التفكير في تغييرات غذائية بسيطة، مثل تقليل الأطعمة المصنَّعة والمعلَّبة وزيادة استهلاك الدهون الصحية مثل زيت الزيتون، وسيلةً للوقاية أو للتخفيف من شدّة الربو.