أثار إعلان «غوغل» إطلاقها ميزة تتيح للمُستخدمين اختيار «المصادر المفضلة» للأخبار، في نتائج البحث، تساؤلات بشأن تأثير ذلك على المواقع الإخبارية. وفي حين أفاد خبراء بأن هذه الميزة قد تتيح لمصادر الأخبار الكبرى استعادة جمهورها، فإنهم شددوا، في المقابل، على ضرورة أن تعمل وسائل الإعلام على تنويع قنوات الاتصال مع الجمهور.
«غوغل» أعلنت إطلاق هذه الميزة الجديدة، خلال الأسبوع الماضي، وهي تتيح للمُستخدمين اختيار المواقع والمصادر التي يفضلون ظهورها في نتائج البحث ضمن قسم «أهم الأخبار»، وفق ما نشره موقع «ذا فيرج». ويمكن أن تظهر تلك التفضيلات مستقبلاً في قسم جديد يحمل اسم «مصادرك». وبموجب هذه الميزة يستطيع المستخدم الضغط على أيقونة بجوار عنوان «أهم الأخبار»، واختيار المواقع الإخبارية التي يُفضل متابعتها.
الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي – فرع دبي، ومستشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لقناتَي «العربية» و«الحدث»، ذكر، لـ«الشرق الأوسط»، أن إطلاق «غوغل» ميزة «المصادر المفضلة» يأتي «في وقتٍ يشهد قطاع الأخبار الرقمي واحدة من أكبر أزماته نتيجة التحوّلات الجذرية في محركات البحث، وعلى رأسها إدماج أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «إيه آي أوفرفيوز» AI Overviews.
وأردف أن «هذه الأدوات، وفق بيانات من مراكز أبحاث وتقارير إعلامية موثوقة، تسبّبت في تراجع كبير لزيارات المواقع الإخبارية، وصل، في بعض الحالات، إلى أكثر من 50 في المائة، وأدى إلى إغلاق مؤسسات وتسريح موظفين».
قد يهمك أيضًا: سعد القرش يستعيد أسامة عفيفي
وبينما نبّه النجداوي إلى أن «الميزة الجديدة تمنح المُستخدمين قدرة على تخصيص مصادر الأخبار الموثوقة لديهم»، فإنه استدرك ليقول: «في جوهرها تُمثل هذه الميزة خطوة تكتيكية محدودة التأثير… فهي قد تساعد العلامات الإعلامية الكبرى على استعادة جزء من جمهورها الوفيّ، لكنها لا تعالج الخلل البنيوي المتمثل في انتقال (غوغل) من دور محرك بحث إلى محرك إجابات يقلل من فرص النقر على المحتوى الأصلي».
وعَدّ النجداوي الميزة الجديدة «تنازلاً محسوباً من (غوغل) يخدم صورتها أمام الناشرين والرأي العام، في ظل الانتقادات والمخاطر القانونية المرتبطة بالاحتكار… إلا أنه يعزّز، في الوقت نفسه، مركزية (غوغل) كمحطة أساسية لاستهلاك الأخبار».
من جانبه، قال محمد الصاوي الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الخطوة من جانب «غوغل» تشير إلى «توجه متزايد نحو تخصيص المحتوى الإخباري بما يتماشى مع سلوكيات الجمهور الرقمي». وأضاف أن الميزة الجديدة «تتيح للمستخدمين اختيار مصادرهم الموثوقة، ما يعزز من جودة التفاعل ويحدّ من انتشار المعلومات المضللة».
ويرى الصاوي أنه «من زاوية الرصد الإعلامي، يمكن عدُّ هذه الخطوة جزءاً من استراتيجيةٍ أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل العلاقة بين الجمهور والمحتوى الإخباري عبر أدوات تقنية أكثر دقة، ذلك أن المواقع الإخبارية الموثوقة قد تستفيد من زيادة الظهور لدى جمهورها المخصص، بينما تُواجه المواقع الصغيرة أو غير المعروفة تحديات في الحفاظ على حركة المرور من محركات البحث».
من جانب آخر، أشار الصحافي المصري إلى أن «الميزة الجديدة قد تؤدي إلى انغلاق المستخدم داخل دائرة محدودة من وجهات النظر، وهو ما يُعرف بـ(فقاعة المعلومات)…». وتابع أن «هذا التوجه يثير تساؤلات حول مدى تمثيل التعددية الإعلامية في البيئة الرقمية، ويستدعي من المؤسسات الإعلامية تقديم محتوى متنوع يعزّز فرصها في الوصول إلى جمهور أوسع، ويضمن لها مكانة ضمن خيارات المستخدمين».