يفترض الكثيرون أن فقدان الذاكرة والتدهور المعرفي جزء لا مفر منه من الشيخوخة، إلا أن هذا الأمر ليس صحيحاً، حيث يتمتع بعض كبار السن بذاكرة قوية حتى الثمانينات من العمر.
وحللت دراسةٌ أجرتها جامعة نورث وسترن الأميركية، واستغرقت 25 عاماً، أدمغة 79 من «المسنّين الخارقين» الذين احتفظوا بذاكرتهم قوية حتى سن الـ80 بشكل يُضاهي من يصغرهم بثلاثة عقود، وذلك لتحديد السمات المشتركة بينهم التي قد تُسهم في مرونتهم العقلية، حسب ما نقلته شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.
واحتوت بعض الأدمغة على بروتينات الأميلويد والتاو، التي تتراكم عادةً لدى الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر، بينما لم تُظهر أدمغة أخرى أي علامات على هذه السموم.
وقالت ساندرا وينتراوب، الباحثة الرئيسية في الدراسة وأستاذة الطب النفسي والعلوم السلوكية وعلم الأعصاب في كلية فاينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن: «لقد كان الأمر مفاجئاً بالنسبة لنا حين وجدنا أن أدمغة بعض (المسنّين الخارقين) تحتوي على أعداد كبيرة من هذه البروتينات، على الرغم من حفاظهم على صحتهم الإدراكية».
وأضافت: «هذا يعني أنه قد تكون هناك مسارات بيولوجية مختلفة في أدمغة المسنين الخارقين، إحداها مقاومة للبروتينات السامة والأخرى قادرة على التعامل بمرونة معها بحيث تصبح البروتينات بلا تأثير على الدماغ».
وفي حين أن أدمغة كبار السن «الطبيعيين» تُظهر ترققاً في القشرة الدماغية -وهي الطبقة الخارجية من الدماغ التي تساعد في اتخاذ القرارات والتحفيز وتنظيم العواطف- فإن أدمغة «المسنّين الخارقين» لم تختبر هذا الأمر.
اقرأ ايضا: مصافحة أميركية – روسية في المدار قبل 50 عاماً غيّرت مسار سباق الفضاء
كما وُجد أن «المسنّين الخارقين» يمتلكون عدداً أكبر من «خلايا فون إيكونومو العصبية»، وهي خلايا دماغية تتحكم في السلوك الاجتماعي والوعي. وذكر البيان أن الباحثين وجدوا أيضاً أن هذه المجموعة تمتلك «خلايا عصبية أنتورينالية» أكبر، وهي ضرورية لتقوية الذاكرة.
ووصف كريستوفر ويبر، الحاصل على درجة الدكتوراه، والمدير الأول للمبادرات العلمية العالمية في جمعية ألزهايمر في شيكاغو، الذي لم يشارك في الدراسة، النتائج بأنها «مثيرة».
وقال ويبر لـ«فوكس نيوز»: «هذه النتائج تُعزز فهمنا لأدمغة الناس مع تقدمهم في السن، وتُقدم رؤية ثاقبة حول ما يجعل البعض مرنين أو مقاومين للتغيرات الدماغية المرتبطة بالعمر».
وأضاف: «تظهر الدراسة أن (المسنّين الخارقين) يتمتعون ببنية دماغية أكثر تماسكاً، تُشبه تلك الموجودة لدى البالغين الأصغر سناً بكثير، وهذا يعني أن التدهور المعرفي ليس جزءاً لا مفر منه من الشيخوخة، خصوصاً لدى الأفراد الذين يمتلكون عوامل حماية أكبر تحافظ على صحة الدماغ والإدراك».
إلا أن ويبر أشار إلى أن عينة الدراسة صغيرة ولا تُمثل سكان العالم الحقيقي.
ومع ذلك، فقد أشار إلى أن النتائج يمكن أن تُساعد العلماء على وضع استراتيجيات أكثر وأفضل لعلاج التدهور المعرفي والوقاية منه.