لم يعد الصراع بين كيليان مبابي ونادي باريس سان جيرمان مجرّد خلاف رياضي أو تعاقدي، بل تحوّل إلى واحدة من أكثر المعارك القانونية إثارة في كرة القدم الحديثة.
جاء ذلك بعد سلسلة من التوترات والاتهامات المتبادلة التي فتحت أبواب القضاء على مصراعيها، من العزل والتهم الأخلاقية إلى النزاعات المالية والردود القانونية المضادة.. إليكم كل ما حدث.
في مايو 2022، أعلن باريس سان جيرمان تجديد عقد مبابي حتى عام 2025، لكن التفاصيل التي كُشفت لاحقًا أظهرت أن العقد كان لمدة عامين فقط، مع خيار تمديد لعام إضافي يملكه اللاعب.
وفي صيف 2023، حين رفض مبابي تفعيل خيار التمديد، ردّ النادي باستبعاده من التدريبات وعزله عن التشكيلة الأساسية، في محاولة للضغط عليه إما للتجديد أو للرحيل مقابل مقابل مادي.
في 16 مايو 2025، تقدّم كيليان بشكوى رسمية أمام القضاء الفرنسي، يتهم فيها باريس سان جيرمان بممارسة التحرش الأخلاقي، مستندًا إلى العزل النفسي والمهني الذي تعرض له خلال فترة الخلاف.
المحكمة الفرنسية عيّنت قاضيين للتحقيق في الملف، ما فتح فصلًا جديدًا من المعركة خارج المستطيل الأخضر.
بالتوازي مع الشكوى الأخلاقية، تقدّم مبابي بدعوى مالية لاستعادة مستحقاته المتأخرة، والتي قال إنها تشمل ثلاثة أشهر من الرواتب بالإضافة إلى الدفعة الأخيرة من “مكافأة الولاء”.
وبلغت القيمة الإجمالية التي يطالب بها اللاعب 55 مليون يورو، وهي قيمة ضخمة دفعت بمحاميه إلى اتخاذ خطوات قانونية تصعيدية.
تصفح أيضًا: مواصفات منتجع فاينا الذي يقيم فيه كيليان مبابي
في 26 مايو، حصل الفريق القانوني لمبابي على أمر قضائي بالحجز الاحتياطي على حسابات مصرفية تعود إلى نادي باريس سان جيرمان، لتجميد المبلغ المطلوب حتى صدور حكم نهائي.
الخطوة اعتُبرت تصعيدًا عدائيًا مباشرًا ضد إدارة النادي، وأثارت ردود فعل واسعة في الإعلام الفرنسي.
لم يقف باريس سان جيرمان مكتوف اليدين، بل تقدّم بدعوى مضادة، مدعيًا أن مبابي مدين للنادي بجزء من المبالغ التي حصل عليها دون وجه حق، كما طالب بإلغاء الحجز الاحتياطي، وشكّك في أحقية اللاعب بالمكافآت، خاصة بعد رحيله إلى ريال مدريد في صفقة انتقال حر.
لم تكن قضية مبابي فردية بالكامل، فقد جاءت بالتوازي مع شكوى تقدم بها اتحاد لاعبي كرة القدم المحترفين في فرنسا ضد عدة أندية – من ضمنها باريس سان جيرمان – بتهمة استخدام العزل وسيلة للضغط على اللاعبين أثناء المفاوضات، وهو ما يعكس وجود “ممارسة ممنهجة” دفعت نحو تحرّك قانوني جماعي.
ما حدث مع مبابي يعيد إلى الأذهان قضية أخرى داخل أسوار النادي ذاته، حين رفعت لاعبة فريق السيدات خيرة حمراوي دعوى قضائية ضد باريس سان جيرمان، بسبب تهم تتعلق بالإقصاء وسوء المعاملة، ما يطرح تساؤلات حول الأساليب الإدارية داخل النادي مع اللاعبين واللاعبات على حد سواء.
القضية باتت تحظى بمتابعة حكومية، إذ طالب محامو مبابي وزير الرياضة الفرنسي بالتدخل، وطعنوا في قرار لجنة الاستئناف التابعة للاتحاد الفرنسي لكرة القدم التي رفضت النظر في الملف.
وتشير بعض التقارير إلى أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) قد يتدخل بدوره، ما قد يُعرض النادي لعقوبات محتملة، بينها الاستبعاد من البطولات الأوروبية في حال ثبوت الانتهاكات.
رغم انتقال مبابي إلى ريال مدريد وبدئه مرحلة جديدة في مسيرته، إلا أن ظلال الماضي لا تزال تطارده في ساحات القضاء.