شهدت محادثات مصرية – قطرية رفيعة، في مدينة العلمين بالساحل الشمالي المصري، تأكيداً على استمرار جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والاتفاق على تفعيل حزمة استثمارات قطرية بمصر بقيمة 7.5 مليار دولار.
التأكيدات المصرية – القطرية، جاءت خلال لقاءات ومؤتمر صحافي بين مسؤولين بالبلدين، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» مؤشراً إيجابياً لتعزيز دور القاهرة والدوحة في إنهاء الحرب، وتأكيد حرصهما على تعزيز الشراكة الاقتصادية.
وهذه ثاني زيارة لرئيس وزراء قطر لمصر خلال 10 أيام، بعد أولى في 18 أغسطس (آب) الحالي، بحث خلالها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتعزيز علاقات البلدين.
أطفال فلسطينيون يحاولون الحصول على الأرز من مطبخ خيري يُقدّم الطعام غرب مدينة غزة (أ.ف.ب)
وبشأن جهود الوساطة، أكد رئيس وزراء مصر، مصطفى مدبولي، ونظيره القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في لقاء بمقر الحكومة بالعلمين، «الأهمية القصوى التي يوليها البلدان لجهودهما المتواصلة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة؛ من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة»، وفق بيان للحكومة المصرية.
وفي مؤتمر صحافي بالعلمين مع رئيس الوزراء القطري، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن هناك «جهوداً دؤوبة بالتنسيق مع قطر لوقف الإبادة في غزة عبر (مقترح) وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً يتم التفاوض خلالها على إنهاء الحرب، وستتواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية لممارسة ضغوط على إسرائيل حتى قبوله».
بدر عبد العاطي يلتقي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني (مجلس الوزراء المصري)
وقال رئيس وزراء قطر إن «مصر وقطر ملتزمتان بالتوصل إلى حل لإنهاء هذه الحرب، رغم محاولات التقليل والتشويش من هذه الجهود، وعلى أمل التوصل لاتفاق في أسرع وقت»، داعياً المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف الحرب والمجاعة.
وتأتي المشاورات غداة مطالبة جميع أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، باستثناء الولايات المتحدة، بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وزيادة كبيرة في المساعدات في جميع أنحاء غزة، من دون قيد أو شرط.
وقدّمت مصر وقطر مقترحاً لإسرائيل عقب موافقة «حماس» عليه في 18 أغسطس الحالي، من دون رد من إسرائيل، ومساع منها لتنفيذ خطتها في احتلال كامل قطاع غزة التي أُقرت مطلع هذا الشهر، فيما قال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للصحافيين، الأربعاء: «ليس هناك حل حاسم للحرب في غزة في الوقت الراهن، ونأمل أن يكون قريباً»، غداة تأكيده أن الحرب الإسرائيلية على غزة ستشهد «نهاية جيدة وحاسمة» خلال أسبوعين أو ثلاثة.
نوصي بقراءة: اليمن يُكثف الإجراءات لضبط الأسعار واستثمار تحسن سعر الصرف
انعقاد أعمال الدورة السادسة للجنة العليا المصرية – القطرية المشتركة بمدينة العلمين (مجلس الوزراء المصري)
ويعتقد الخبير المصري المختص في الأمن الإقليمي والدولي، اللواء أحمد الشحات، أن محادثات مصر وقطر تحمل «مؤشراً إيجابياً، يحاول من خلالها البلدان، بوصفهما وسيطين رئيسين، تكثيف الجهود لمحاولة إحياء التفاوض مرة أخرى للتوصل لاتفاق، وقطع الطريق على إسرائيل لعدم تنفيذ مخططاتها»، معولاً على دعم إضافي من المجتمع الدولي لإنجاز ذلك المسار.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن تلك اللقاءات تحمل إصراراً مصرياً – قطرياً على المضي في إنفاذ اتفاق ولو شاملاً، معتقداً أن ضغوط المجتمع الدولي لن تنجح في دعم مسار إنهاء الحرب إلا بتغير دراماتيكي بفرض عقوبات على إسرائيل، وقد تحمل الاعترافات المتوقعة في الأمم المتحدة، سبتمبر (أيلول)، بالدولة الفلسطينية، ضغوطاً حقيقية تدعم مسار المفاوضات الذي لن ينجح إلا بقبول «حماس» بصفقة شاملة، وقبول شروط تجميد السلاح.
وعلى مستوى الشراكة بين البلدين، أكد مدبولي، خلال لقائه مع رئيس وزراء قطر، مناقشة بدء تفعيل هذه الحزمة من الاستثمارات القطرية المباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار خلال الفترة المقبلة، والتي كانت من مُخرجات زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لقطر في أبريل (نيسان) الماضي، مشدداً على دعم الحكومة المصرية للاستثمارات القطرية في مصر، وتيسير الإجراءات اللازمة لذلك، وفق بيان الحكومة المصرية.
وشهد اللقاء، وفق المصدر ذاته، «التأكيد المشترك على الأهمية البالغة لانعقاد أعمال اللجنة العليا المشتركة المصرية – القطرية، بما يسهم في توفير فرصة غاية في الأهمية أمام مرحلة جديدة من التعاون الأعمق والأشمل في مختلف المجالات».
وبحسب بيان للخارجية القطرية، استعرض اجتماع رئيسي الوزراء «علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، لا سيما في مجالات الاستثمار والاقتصاد، وحرصهما على استغلال الفرص الواعدة للدفع بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب في كل المجالات».
وأكد وزير خارجية مصر في المؤتمر الصحافي أنه سيتم تفعيل حزمة استثمارات الفترة المقبلة، وهو ما أكده المسؤول القطري، وذكر أنه سيتم خلال الأسابيع المقبلة بما يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي.
وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية ووزير المالية بدولة قطر يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التأمينات الاجتماعية (مجلس الوزراء المصري)
وانعقدت بمدينة العلمين أعمال الدورة السادسة للجنة العليا المصرية – القطرية المشتركة، برئاسة بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر.
وشهدت الجلسة التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم وبرامج التعاون المشتركة، حيث وقّعت وزيرة التضامن الاجتماعي من الجانب المصري على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التأمينات الاجتماعية والمعاشات، ووقع وزير الزراعة واستصلاح الأراضي من الجانب المصري على مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي والأمن الغذائي، كما وقع وزير الخارجية على مذكرة تفاهم لإنشاء آلية مشاورات سياسية بين وزارتي خارجية البلدين.