لم تهدأ مخاوف المصري إسلام محمد (33 عاماً) وأسرته المكونة من أمه وشقيقته بسبب تطبيق قانون «الإيجار القديم». ورغم إعلان الحكومة المصرية بدء تلقي طلبات المستأجرين للحصول على وحدات بديلة؛ فإن محمداً الذي يقطن في منطقة حلمية الزيتون (شرق القاهرة) يرى أن «الأمور غامضة، فلا نعلم حتى الآن الشروط أو أين ستكون هذه الوحدات، التي قد تكون في المدن الجديدة».
ودخل قانون «الإيجار القديم»، المثير للجدل، حيز التنفيذ في 5 أغسطس (آب) الحالي، وسط اعتراضات من المستأجرين على ما نص عليه من «تحرير العقود بين الملاك والمستأجرين خلال مدة 7 سنوات للشقق السكنية، و5 سنوات للمحلات للتجارية»… ويقطن في وحدات الإيجار القديم، ذات القيم الإيجارية المتدنية نحو 1.6 مليون أسرة، وفق تقديرات رسمية.
وأعلنت وزارة الإسكان المصرية، الجمعة، عن الأوراق المطلوبة للحصول على وحدة بديلة، وطرق التقديم لها، سواء عبر الموقع الإلكتروني التابع لوزارة الإسكان أو عبر مكاتب البريد.
إسلام محمد، الذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لن يقدم على موقع (الإسكان)؛ إلا لو كانت هناك مزايا تناسبه»، متشككاً في ذلك: «غالباً ما ستكون الشقق في مناطق نائية»، متسائلاً: «كيف ستنتهي الحكومة من تسليم مليون شقة في غضون سنوات قليلة؟».
التباينات الاجتماعية بين المستأجرين والملاك عمقت أزمة «الإيجار القديم» (الشرق الأوسط)
وسبق أن أكدت الحكومة في أكثر من مناسبة «قدرتها على توفير وحدات الإسكان البديل لقاطني الإيجار القديم، بنظم متباينة تتناسب مع مختلف الطبقات، وذلك قبل انتهاء المدة الانتقالية».
شيماء سامي (34 عاماً)، وهي باحثة وناشطة حقوقية، تشارك إسلام محمد القلق ذاته، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة تستمر في تجاهل مطالبنا والمضي في المسار الذي حددته، لا نريد شققاً بديلة، كل ما نريده أن نبقى في منازلنا». وتقطن سامي مع والدتها وأشقائها داخل شقة ورثتها عن والدها في منطقة «أبو قير» بالإسكندرية.
القانون يلزم الحكومة بتوفير شقق بديلة لمن يقومون بإخلاء شققهم (وزارة الإسكان)
عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، سكينة عبد السلام، أثنت على الخطوات السريعة التي تتخذها الحكومة في ملف «الإيجار القديم»، خصوصاً فيما يتعلق بتوفير «سكن بديل» للمستحقين. وقالت عبد السلام لـ«الشرق الأوسط» إن «النهج الحكومي يعكس تغيراً ملحوظاً في السياسات، فبدلاً من الانتظار لمرور عدة سنوات في المرحلة الانتقالية، بدأت الحكومة منذ الآن تحديد وسائل تلقي الطلبات، تمهيداً لتوفير الشقق في أسرع وقت».
قد يهمك أيضًا: باكستان تدعو إلى تحرك دولى عاجل لإنهاء الحرب الوحشية فى قطاع غزة
ورأت أن «التحرك الحكومي يتناغم مع ما شددت عليه الأغلبية في البرلمان من ضرورة توفير مساكن بديلة للمتضررين».
وبالتوازي مع حصر أعداد طالبي «السكن البديل»، تعمل الحكومة على حصر وتقييم المناطق السكنية بين «اقتصادية ومتوسطة ومتميزة»، لتحديد القيمة الإيجارية لكل منطقة خلال الفترة الانتقالية، وفق ما نص عليه القانون.
وأصدر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء، القرار الخاص بضوابط عمل «لجان الحصر». وينص القانون على «تشكيل لجان حصر في كل محافظة لتقسيم المناطق إلى متميزة، ومتوسطة، واقتصادية، وفق معايير تشمل الموقع الجغرافي، ونوعية البناء والمرافق والخدمات، وتحديد الزيادة في الإيجار، ليرتفع إلى 20 ضعفاً في المناطق المتميزة، وبحد أدنى ألف جنيه (نحو 20 دولاراً)، و10 أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية بحد أدنى 400 و250 جنيهاً على التوالي».
كما نصت المادة الثانية من قرار لجان الحصر على أن تتشكل اللجان على مستوى ربوع البلاد من «رئاسة أحد شاغلي الوظائف القيادية بالمحافظة، وعضوية فنية وقانونية من ذوي الخبرة والكفاءة، من بينهم ممثلون عن كل من وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والهيئة المصرية العامة للمساحة، ومصلحة الضرائب العقارية».
وزارة الإسكان توضح طرق التقدم للحصول على وحدات بديلة لمتضرري «الإيجار القديم» (مجلس الوزراء)
مدبولي من جانبه شدد خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، على «حيادية اللجنة»، مشيراً إلى أن القرارات المتعاقبة للحكومة في الملف «خير دليل على أننا نعمل على الملف بالفعل حتى قبل صدور القانون».
وأرجع نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، عماد جاد، عدم انعكاس القرارات الحكومية على «طمأنة المواطنين» إلى «السرعة التي أُنجز بها القانون منذ البداية، دون وضع اعتبار للحالات الكثيرة والمتباينة التي توجد على الأرض، لذا فكلما تسارعت الحكومة أكثر في ظل أجواء من عدم الثقة، زاد القلق الشعبي لا العكس».
وانتشرت تحذيرات بين المستأجرين عبر الجروبات والصفحات الخاصة بهم من التسجيل في الموقع الذي ستطلقه الحكومة، بعدّ ذلك بداية لتنازل المستأجر عن وحدته. وسبق أن أكد رئيس اتحاد المستأجرين، شريف الجعار لـ«الشرق الأوسط»، أنهم «سوف يلجأون إلى المحكمة الدستورية العليا للطعن على القانون».
وأضاف عماد جاد لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة أيضاً استفزت المواطنين بإعلانها أنها ستتكفل بإيجار وحدات كبار الفنانين لعدم إخراجهم من منازلهم، وكأن الفنانين فقط من يستحقون الاحتفاء، في حين أن هذا القانون ينطبق على الكثير من محدودي الدخل وكبار السن، ممن لن يستطيعوا الانتقال من مناطقهم إلى مساكن بديلة غير مناسبة لهم لبعد مسافتها أو نقص الخدمات فيها».