من جدة والقاهرة إلى أتلانتا، يعمل المهندسون المعماريون على إيجاد طرق لبناء ملاعب قادرة على تحمل الحرارة الزائدة للحفاظ على سلامة اللاعبين وراحة المتفرجين.
في ملعب جديد قيد الإنشاء للنادي الأهلي لكرة القدم في القاهرة، يقع ميدان اللعب وأكثر من نصف المقاعد تحت سطح الأرض. ويأتي هذا التصميم جزئياً استجابةً للقيود المحلية المفروضة على الارتفاعات المعمارية، في حين يساعد انخفاض درجة الحرارة تحت الأرض أيضاً في جعل الملعب الخارجي أكثر راحة، حتى في طقس الصيف الحار، كما أن واجهة الملعب، المصممة لشاشات «ليد»، مثقّبة أيضاً لتيسير مرور النسيم.
ويقول رايان سيكمان، مدير قسم الرياضة في شركة «جينسلر – Gensler»، شركة الهندسة المعمارية التي تقف وراء التصميم: «هذا يسمح لنا بالاستفادة من التبريد الطبيعي».
وهذه إحدى الطرق التي يتبعها المهندسون المعماريون لتصميم الملاعب الرياضية لمواجهة الحرارة الشديدة، مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم وزيادة صعوبة لعب الرياضيين -وحضور الجماهير- بأمان.
في أوستن، صُمم مهندسو «جينسلر» ملعباً آخر بحيث يسمح بجلوس أكبر عدد ممكن من المشجعين في الظل أثناء المباريات. وللحفاظ على تهوية المكان، فهو غير مغلق، فبدلاً من المقاعد البلاستيكية التقليدية، اختار المصممون شبكة للمساعدة في الحفاظ على برودة المشجعين.
أما في ملعب الجنوب في قطر، فقد استخدم ملعب مصمم لكأس العالم 2022 سقفاً أبيض ليعكس ضوء الشمس. كما قام فريق «زها حديد» للهندسة المعمارية، وهو الفريق الذي ابتكر التصميم، بتشكيل السقف للمساعدة في توجيه الهواء الساخن بعيداً عن الملعب. ويمكن فرده مثل الشراع لتظليل الملعب أو إحاطة المكان بالكامل. أما في الداخل، فيضخ نظام تبريد يعمل بالطاقة الشمسية الهواء البارد إلى كل مقعد، مع تشكيل «فقاعة» باردة فوق الملعب.
في جدة بالمملكة العربية السعودية، يستخدم ملعب «مدينة الملك عبد الله الرياضية»، من تصميم «أروب»، ستائر إسلامية تقليدية للتظليل والتهوية. صُممت الكسوة لسحب الهواء البارد إلى الداخل، ثم السماح له بالارتفاع والخروج من أعلى الملعب. وعلى السطح، تسمح حشوات شبكية مثقبة مستوحاة من خيام البدو بتدفق الهواء.
قد يهمك أيضًا: «طقوس مبالغ فيها» تنتشر على وسائل التواصل للعناية بالبشرة… والأطباء يحذرون
وتُقلل هذه التقنيات السلبية، أو تُلغي أحياناً، الحاجة إلى تكييف الهواء المُستهلك للطاقة.
وتستلهم بعض الأساليب أفكاراً قديمة، فعلى سبيل المثال، يُمكن لتقنية تدوير المياه تحت الملعب المساعدة في الحفاظ على صحة العشب الطبيعي أن تُسهم أيضاً في الحفاظ على برودة الملعب للاعبين.
وتؤدي المواد دوراً مفيداً، ففي لاس فيغاس، استخدم مهندسو شركة «أروب» أيضاً مواد متنوعة في واجهة ملعب «أليجيانت» للحفاظ على برودة الجو من الداخل، إذ يُعزل المكان بسقف شفاف من مادة «ETFE» (إيثيلين رباعي فلورو الإيثيلين). وتستخدم الطلاءات السوداء والفضية أصباغاً عاكسة للأشعة تحت الحمراء لعكس أكبر قدر ممكن من أشعة الشمس، كما يُساعد الزجاج الملون على عكس أشعة الشمس وتقليل الوهج.
ويقول سيكمان إن المهندسين المعماريين «يمكنهم الاستفادة من بعض الأمور التي ربما نسيناها بسبب ظهور التكنولوجيا والتبريد النشط، والعودة إلى استراتيجيات صمدت أمام اختبار الزمن».
ومع ذلك، لا يُمكن للملاعب الخارجية أن تحقق الكثير، ففي مدن مثل القاهرة، تُقام مباريات كرة القدم ليلاً بالفعل عندما تكون درجة الحرارة أقل. وقد نُقلت بطولة كأس العالم في قطر من الصيف إلى الشتاء بسبب الحر، ولكن مع تزايد شيوع موجات الحر الشديد، قد يكون الجو حاراً جداً للعب حتى مع محاولة الفرق تعديل جداولها.
وأشار تقرير نُشر في مجلة «لانسيت» الطبية إلى أن الناس حول العالم عانوا، في عام 2023، من متوسط 50 يوماً إضافياً من درجات حرارة تُهدد الصحة، مقارنة بما كان سيحدث لولا تغيّر المناخ. وهي أيام قد تصبح فيها ممارسة الرياضة نشاطاً محفوفاً بالمخاطر.
* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».