ليس من السهولة مطلقاً أن يبلغ مهرجان ما 50 سنة من العمر، ناهيك بمهرجانات تجاوزت الـ70 عاماً. لكن مهرجان «تورنتو» فعلها. انطلق مُواكباً لمهرجانات كبرى سبقته، وبقي حتى منتصف التسعينات من تلك المناسبات التي تعرض ما يُجمع من مهرجانات أخرى.
في أواخر التسعينات، قرَّر التوقف عن لعب الدور الثاني، وآن الأوان ليصبح أحد أبطال المشهد السينمائي ذاته. كانت خطوة مهمّة بقدر ما كانت خطرة، فأيّ ضعف أو خلل كان سيعود على المهرجان الكندي بالفشل ويعوق تقدّمه.
في السنوات الـ25 الماضية، لم يتجاوز «تورنتو» مرحلة الخطر فقط، بل تبوأ مكانة مركزية متقدّمة بين المهرجانات الدولية. زاد خلال تلك المدّة من جذب الأفلام وصانعيها، ورفع عدد الأعمال التي يختارها للعروض، وأصبح قادراً على استقطاب أفلام لم يسبق عرضها في أي مكان من العالم. أفلام «العروض العالمية الأولى» باتت تتنافس عليها المهرجانات الكبرى، بعدما كان «تورنتو» عاجزاً عن تأمينها سابقاً.
تصفح أيضًا: «مقهى الروضة» يختصر روح بيروت و100 سنة من عمرها
ما بين 4 و15 سبتمبر (أيلول) المقبل، تنطلق الدورة الـ50، حاملةً ما لا يقلّ على 19 عرضاً عالمياً أول، شأنه في ذلك شأن المهرجانات الأوروبية الكبرى مثل «كان» و«البندقية».
القدرة على استحواذ «العروض العالمية الأولى» أصبحت معياراً للنجاح. أما الإعلانات من قبيل «العرض الأول في الشرق الأوسط»، أو «العرض الأول في آسيا»، فهي تسميات إعلامية لا تحمل الوزن نفسه.
«العروض الأولى» في المهرجانات الرائدة هي ما يتباهى به كلّ مهرجان، وكلما ارتفع عددها، ازداد شعوره بالتفوّق على منافسيه.
يُذكر أنّ مهرجان «تورنتو» لا يتبنّى نظام المسابقات، بل يمنح جائزته للفيلم الذي ينال أكبر عدد من أصوات الجمهور، في أيّ من أقسامه: عروض الافتتاح، عروض منتصف الليل، الأفلام التسجيلية، قسم «الاكتشافات» وغيرها. هذا التحرُّر من لجان التحكيم يمنحه قدرة أكبر على تحقيق احتفاء عام يرضي المشاركين والجمهور معاً.