الأحد, أغسطس 10, 2025
الرئيسيةالاخبار العاجلةموجة تصعيد جديدة بين الجزائر وباريس تخلّف «ضحايا جانبيين»

موجة تصعيد جديدة بين الجزائر وباريس تخلّف «ضحايا جانبيين»

يشكّل طلاب الجامعات والراغبون في «لمّ الشمل العائلي» في فرنسا من الجانب الجزائري، والفرنسيون العاملون في الجزائر، تداعيات جانبية لموجة التوترات الجديدة بين البلدين.

وفي هذا السياق، تحدث أحد البرلمانيين الجزائريين، الذين يمثلون المهاجرين في فرنسا، بما وصفه بـ«التصعيد الأخير»، مؤكداً أن الجالية في المهجر «ليست عملة للمقايضة» في الصراع الدبلوماسي بين البلدين.

الرئيس الفرنسي في مقام الشهداء بالعاصمة الجزائرية في أغسطس 2022 (سفارة فرنسا بالجزائر)

وأعلن الرئيس إيمانويل ماكرون، الأربعاء الماضي، في رسالة وجهها إلى رئيس وزرائه فرنسوا بايرو، عن إجراءين رئيسيين: تعليق إصدار التأشيرات من نوع «دي» لجميع الجزائريين، وتجميد اتفاق عام 2013، المتعلق بالإعفاء من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية والفرنسية.

وردّت الجزائر، الخميس، بإنهاء العمل نهائياً بالاتفاق الثنائي لعام 2013 الخاص بالإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة، وهو اتفاق كان معلقاً فعلياً منذ أن منعت باريس في فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين دخول دبلوماسيين جزائريين، يحملان هذا النوع من الجوازات.

وبلّغت الجزائر القائم بالأعمال بالسفارة الفرنسية، رسمياً، إنهاء الاتفاق. وجاء في بيان لوزارة خارجيتها أن هذا الإنهاء «يتجاوز التعليق البسيط، ويضع حداً لوجود هذا الاتفاق بشكل تام». وبمعنى آخر، إذا خطت فرنسا خطوة تصعيدية في الأزمة الدبلوماسية، فالطرف الآخر يملك الاستعداد لاتخاذ إجراءات أكثر تصعيداً، هذه «هي الرسالة التي أردنا من الرئيس ماكرون أن يفهمها»، بحسب دبلوماسي جزائري، تحدثت معه «الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم ذكر اسمه.

برلماني المهاجرين بفرنسا عبد الوهاب يعقوبي (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

وعلى هذا الأساس، بات على حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخدمة الفرنسية طلب تأشيرة لدخول الجزائر، مع احتفاظ الجزائر بحق إخضاع منح هذه التأشيرات لنفس الشروط، التي ستحددها فرنسا لمواطني الجزائر.

في رسالته التصعيدية ضد الجزائر، أعلن الرئيس ماكرون قراراً صارماً آخر، يتعلق بتعليق التأشيرات من نوع «دي» لجميع المتقدمين الجزائريين، وطلب من حكومته التفعيل «الفوري» لبندٍ في قانون الهجرة لعام 2024 يسمى «رافعة التأشيرة – إعادة القبول»، الذي يتيح رفض تأشيرات الإقامة القصيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخدمة، وأيضاً رفض تأشيرات الإقامة الطويلة لأي نوع من المتقدمين.

وبانتظار الإعلان عن التفاصيل بشأن نطاق التطبيق، فإن هذا الإجراء يطال خصوصاً الطلاب الجزائريين الراغبين في متابعة دراستهم بفرنسا، وأسر المعنيين بـ«لمّ الشمل العائلي»، ما يثير قلقاً بينهم، خاصة ممن بدأوا فعلاً إجراءات التسجيل في الجامعات الفرنسية.

القائم بالأعمال بسفارة فرنسا في الجزائر (السفارة)

و«لمّ الشمل العائلي» بند تتضمنه اتفاقية الهجرة الثنائية لعام 1968، ويمنح المهاجرين الجزائريين المقيمين في فرنسا حق استقدام أفراد عائلاتهم (الزوج/ الزوجة والأبناء القصر) للعيش معهم. ويُعدّ من المزايا الخاصة التي يتمتع بها الجزائريون مقارنة بالجنسيات الأخرى، حيث يمنحهم تسهيلات وإجراءات مبسطة في هذا الشأن.

اقرأ ايضا: الأردن يدين حملات التحريض على دوره في تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة

وفيما تؤكد السلطات الجزائرية أن مهاجريها يواجهون تعقيدات إدارية كبيرة، في السنين الأخيرة، بخصوص الاستفادة من هذا «الامتياز»، يشن نواب اليمين الفرنسي منذ بداية الأزمة حملات في البرلمان، بغرض إحداث مراجعة جذرية على اتفاق الهجرة، بحجة أنه يعوق تنفيذ سياسات الدولة للحد من الهجرة.

ومع تطبيق الجزائر لمبدأ «المعاملة بالمثل»، لن تتمكن الشركات الفرنسية العاملة في الجزائر من الحصول على تصاريح عمل لكوادرها الفرنسيين المقيمين.

مسافرون جزائريون في مطار شارل ديغول الفرنسي (متداولة)

وفي ظل الأزمة المستمرة منذ أكثر من عام، يأتي قرار تعليق تأشيرات «دي» ليزيد من تعقيد العلاقات بين البلدين.

وهذا التصعيد الجديد في ملف التأشيرات سيجعل الطلاب الجزائريين والفرنسيين المقيمين في الجزائر أبرز ضحاياه. ويعكس هذا التشدد الشامل، الذي يمس فئات واسعة من المجتمع الجزائري، المكانة المحورية التي أصبحت تحتلها قضية الهجرة في استراتيجية المواجهة، التي تتبناها باريس تجاه الجزائر، وقد يؤثر أيضاً على الوجود الاقتصادي الفرنسي في البلاد.

ومنذ توليه وزارة الداخلية في سبتمبر (أيلول) 2024، جعل برونو ريتايو من مكافحة الهجرة، وخاصة الجزائرية، معركته الأساسية.

من جهته، ندد عضو البرلمان الجزائري، ممثل المهاجرين في فرنسا، عبد الوهاب يعقوبي، بقرار الرئيس ماكرون القاضي بتعليق منح التأشيرات من نوع «دي»، مؤكداً في منشور بحسابه بـ«فيسبوك»، أن المهاجرين الجزائريين في فرنسا «ليسوا عملة للمقايضة».

وأعرب يعقوبي عن «قلقه العميق من هذا التصعيد»، معتبراً أن الإجراءات الفرنسية «تضر بالطلبة والعائلات، وتنتهك الاتفاقيات الثنائية والدولية».

كما دعا يعقوبي الجزائر إلى «تبني «المعاملة بالمثل البناءة»، وإلى إشراك ممثلي الجالية في أي قرارات تخص الاتفاقيات القنصلية، مشيراً إلى أن توقيت هذا القرار «مرتبط بالانتخابات الفرنسية المقبلة».

تشمل الإجراءات، التي أعلنتها الجزائر، الخميس، رداً على رسالة ماكرون، قراراً يدل على بلوغ استيائها من فرنسا ذروته، ويتعلق الأمر بإنهاء الامتياز الذي كانت تتمتع به سفارة فرنسا في الجزائر، ويتمثل في شغل عشرات العقارات المملوكة للدولة الجزائرية مجاناً، أو بشروط رمزية.

السفير الفرنسي في الجزائر (السفارة)

وعلى مدى عقود، استفادت فرنسا من رصيد عقاري ضخم، يشمل 61 عقاراً في الجزائر العاصمة، بينها 18 هكتاراً لمقر السفارة، و4 هكتارات لإقامة السفير. وهو وضع ظل قائماً لعشرات السنين، قبل أن يُلغى رسمياً.

وعندما استُدعي القائم بالأعمال الفرنسي إلى مقر الخارجية الجزائرية، تم تسليمه مذكرة شفوية، تُعلن إلغاء هذه الامتيازات، مع الشروع في إعادة النظر في عقود الإيجار المبرمة مع «ديوان التسيير العقاري». كما دعت الجزائر وفداً فرنسياً للحضور لمناقشة ترتيبات جديدة بخصوص «أملاك السفارة».

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات