تسببت موجة حر شديدة في إيران بضغط كبير على موارد المياه والكهرباء، ما دفع السلطات إلى إصدار أوامر بإغلاق المباني العامة والبنوك في العاصمة طهران وعدة محافظات الأربعاء، حسب وسائل إعلام محلية.
وأعلنت هيئة الأرصاد الجوية وضع 9 محافظات من أصل 31 في حالة تأهب برتقالية لبقية الأسبوع، متوقعة ارتفاع درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية في بعض المناطق، في حين سيُغلق عدد من الإدارات أو يعمل بساعات مخفضة في 15 محافظة لتقنين استهلاك المياه والكهرباء.
وتتحمل جنوب إيران العبء الأكبر من الحرارة؛ حيث سجّلت بعض مناطق محافظة الأحواز درجات حرارة وصلت إلى 52 مئوية خلال الـ24 ساعة الماضية، لتصبح مدينة عبادان النفطية الواقعة على ضفاف شط العرب، من بين أكثر مدن العالم حرارة في هذه الموجة. ويتوقع أن تصل الحرارة في طهران إلى نحو 40 مئوية.
وقال محافظ طهران، محمد صادق معتمديان: «بسبب ارتفاع درجات الحرارة والحاجة إلى ترشيد الطاقة، سيتم إغلاق أنشطة الهيئات التنفيذية في محافظة طهران يوم الأربعاء»، موضحاً أن بعض المنشآت الطبية والشركات الخاصة وفروع البنوك ستبقى مفتوحة.
ويُعد هذا القرار الثاني من نوعه خلال هذا الصيف؛ حيث قررت الحكومة تعطيل دوائرها بهدف تقليل استهلاك الكهرباء والمياه. وتسبّبت موجة الحر الشديدة التي تضرب إيران منذ منتصف يوليو (تموز) في انقطاع إمدادات المياه والكهرباء في معظم أنحاء البلاد، في ظل تراجع المياه في خزانات السدود إلى أدنى مستوى لها منذ قرن، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وتنتج إيران نحو 62.000 ميغاواط من الكهرباء في ذروة الإنتاج، لكنها تحتاج إلى نحو 80.000 ميغاواط لتلبية الطلب، ما يؤدي إلى انقطاعات كهربائية لساعتين كل يومين، مع تحذيرات بزيادة هذه المدة إلى 4 ساعات.
وقد شهدت البلاد احتجاجات على إدارة الشبكة الكهربائية، في حين تعاني المصانع من انقطاعات تصل إلى 4 أيام أسبوعياً، الأمر الذي أدّى إلى تراجع الإنتاج الصناعي.
قد يهمك أيضًا: مراسل “رؤيا”: إصابتان في حادث تصادم بين صهريج ومركبة صغيرة في مأدبا
وإيران بلد قاحل يعاني تكرار موجات الجفاف، ويشهد صيفاً حاراً، ما يزيد الطلب على استهلاك الكهرباء لتشغيل أجهزة التكييف.
وحذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من أن الاستهلاك المفرط للمياه قد يؤدي إلى نقص حاد بحلول سبتمبر (أيلول)، خاصة مع تراجع مياه السدود إلى أدنى مستوى لها منذ قرن.
وأظهرت بيانات القطاعين الصناعي والتعديني أن الانقطاعات المتكررة في الكهرباء أدّت إلى تراجع الإنتاج، وبشكل خاص في صناعة الحديد والصلب، إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 2020، في ذروة جائحة «كوفيد-19»، وفقاً لرواية «وكالة الصحافة الفرنسية».
سائق تاكسي إيراني يرش الماء على نفسه للتبريد خلال موجة الحر في طهران 21 يوليو الماضي (رويترز)
ويلوم خبراء بيئيون السلطات على إقامة مصانع بحاجة إلى تبريد بالمياه في مناطق جافة وسط البلاد، ما زاد الضغط على الموارد المائية، ووضع البلاد على حافة إفلاس مائي. كما تواجه سياسات السلطات بتحويل مجرى الأنهار من محافظات إلى أخرى عبر إقامة عشرات السدود، انتقادات حادة. ومع تراجع منسوب المياه الجوفية في عدة مناطق من إيران، بما في ذلك العاصمة طهران، تواجه المناطق السكنية خطر هبوط تدريجي أو مفاجئ للأرض.
وتوجه وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية الانتقادات في تفاقم أزمة الطاقة إلى العقوبات الأميركية وصعوبة الحصول على قطع غيار لتشغيل وصيانة الشبكة الكهربائية، ما أعاق تطوير البنية التحتية المتهالكة للطاقة في البلاد.
وتعد محطة بوشهر النووية، التي بدأت العمل عام 2011 بمساعدة روسية، المصدر النووي الوحيد للطاقة في البلاد، لكنها محدودة القدرة وتنتج 1000 ميغاواط فقط، إضافة إلى توقفها سنوياً لأعمال الصيانة.
وتُتوقع استمرار موجة الحر في معظم أنحاء إيران خلال الأيام الخمسة المقبلة، ما يزيد الضغط على الموارد المائية والكهربائية في البلاد.