بكلمات مليئة بالحزن والموسيقى، نعت المؤلفة الموسيقية ورئيسة الكونسرفاتوار اللبناني الدكتورة هبة القواس الفنان الراحل زياد الرحباني، مرفقة منشورها بصورة قديمة تجمعهما، وكتبت:
“كيف نكتب عن رحيل من لا يرحل؟كيف نودّع من علّمنا أنّ الموسيقى ليست أصواتًا تُعزف، بل كائنات حيّة من نبض وذاكرة، من حبّ وتمرّد، من صمت أشدّ صخبًا من الصوت؟
زياد… أيها المتمرّد الذي جعل من النغمة بيانًا، ومن اللحن وطنًا، ومن الأغنية مرايا تعكس وجوهنا المخبّأة.
ستبقى نهجًا في الفن والفكر، وصوتًا للحقيقة مهما كانت جارحة، وأفقًا موسيقيًّا لا يُحدّ.
قد يهمك أيضًا: تركي آل الشيخ يعيد المسرح السوري إلى الواجهة … ويجهز هذه المفاجأة
هناك من يرحلون ولا يتركون فراغًا… بل كونٌ كامل يتجلّى في حضورهم بالرغم من الغياب، في نبرات الصمت بين جُملهم، في موسيقى تفيض من أرواحهم حتى بعد انطفاء أنفاسهم.
زياد، أيها الغائب الحاضر… أيها الموجع الذي صار صوته وجدان أمة وأجيال. في عالمك الجديد أصبحت اللحن والصرخة والابتسامة، والوطن والذاكرة، والحرية…
كنتُ أهيّئ لك تكريمًا كبيرًا، حلمتُ أن أراك فيه جالسًا بيننا، تبتسم لتلك الألحان التي نُدين لك بها، مع الكونسرفتوار وأوركستراتنا الوطنية التي كانت ولا تزال تنتظرك. تأجّل الموعد… لكن الوعد لم يتأجّل، وسنُقيمه حتمًا، ولو في حضورك غير المرئي، في بعدك الآخر، لأننا نعلم أنّ موسيقاك ستظلّ تعزف معنا، وستقود بعينيك الخفيتين كل نغمة.
يا ابن فيروز وعبقها، يا أيقونة الحقيقة التي لا تموت…أمّك وعائلتك سيفتقدونك، مُحبّوك سيفتقدونك، أنا سأفتقدك… والموسيقى ستفتقدك أكثر من الجميع.
زياد في رحلته إلى النور… سكت الكلام وارتفعت موسيقاه جسرًا أبديًا لا ينكسر. “