حراك مصري قطري يتواصل بحثاً عن التوصل لاتفاق جزئي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط إعلان القاهرة عن وفود فلسطينية قطرية توجد بمصر لوضع حد للحرب، وتأكيد مصادر أنها قد تكون «محاولةَ الفرصة الأخيرة» في ظل مساعٍ لاحتلال كامل غزة.
ذلك الزخم الذي سيشهد أيضاً، حسب حديث قطري، لقاءً بين رئيس الوزراء الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني ووفد من حركة «حماس» بالقاهرة، يؤكد حسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تسارع الجهود من مصر وقطر للتوصل لاتفاق، مرجحين أنه رغم احتمال موافقة الحركة على الاتفاق، وما يشكل ذلك من ضغوط على إسرائيل، فإن الأخيرة قد لا تنصاع وتفرض عراقيل جديدة لتنفيذ مخطط احتلال كامل قطاع غزة.
يأتي ذلك وسط تأكيد مصدر من حركة «حماس»، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحركة تسلمت من الوسطاء مقترحاً وتدرسه»، في مقابل تصريحات صحافية من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، يؤكد خلالها أنه «لا عودة للرهائن دون تدمير تلك الحركة الفلسطينية».
فلسطينيون يتجمعون لاستلام وجبات طعام مطبوخة من مركز توزيع أغذية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
وسط ذلك المشهد الضبابي، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى من أمام معبر رفح الحدودي مع القطاع، أن «هناك وفوداً فلسطينيةً وقطريةً موجودةً حالياً على الأراضي المصرية، وتعمل على بذل جهود مكثفة لوقف عمليات القتل والتجويع الممنهجة».
وأكد أنه «يجرى حالياً مفاوضات على أساس مقترح (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الذي يشمل هدنة لمدة 60 يوماً)، يتضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين على أن يتم استغلال فترة الهدنة للتفاوض حول تحقيق استدامة لوقف إطلاق النار»، مضيفاً: «نحن مع أي حل شامل لوقف الحرب لكن يتعين أن يتم ذلك وفقاً لشروط معقولة وليست تعجيزية».
وزير الخارجية المصري يكتب رسالة تضامن من مصر لأهالي غزة على صندوق مساعدات (الخارجية المصرية)
كما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الاثنين، على «جهودهما المتواصلة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة»، وفق بيان للرئاسة المصرية.
وشدد الجانبان في اللقاء الذي عُقد بمصر بحضور اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة، وخلفان الكعبي، رئيس جهاز أمن الدولة القطري، على أهمية أن يتيح الاتفاق «إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق، إلى جانب الإفراج عن الرهائن والأسرى».
وأكد البيان المصري «الرفض القاطع لإعادة الاحتلال العسكري للقطاع، ولأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم»، وضرورة «إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية».
المحادثات المصرية – القطرية أكدت الرفض القاطع لإعادة الاحتلال العسكري لغزة ولأي محاولات لتهجير الفلسطينيين (الرئاسة المصرية)
يأتي هذا المجهود المصري والقطري، مع تسلّم وفد حركة «حماس» الموجود حالياً في القاهرة «مقترحاً جديداً يستند لمقترح ويتكوف من الوسطاء المصريين والقطريين بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة».
ويستند المقترح في ظل وجود فصائل فلسطينية، بينها «حماس» و«الجهاد» و«الجبهة الشعبية»، منذ الأربعاء بمصر، إلى «وقف إطلاق نار مؤقت لـ60 يوماً يتم خلالها إطلاق سراح عشرة إسرائيليين أحياء، وتسليم عدد من الجثث (جثث الرهائن المتوفين)، على أن تكون هناك مفاوضات فورية لصفقة أشمل، بما يضمن التوصل إلى اتفاق بشأن اليوم التالي لانتهاء الحرب والعدوان في قطاع غزة بوجود ضمانات»، وفق ما أفاد مصدران فلسطينيان لوكالة الصحافة الفرنسية الاثنين.
قد يهمك أيضًا: أمانة الدفاع بـ”الجبهة الوطنية” يشيد باعتزام فرنسا الاعتراف بفلسطين: خطوة تاريخية
ودفع الهجوم المزمع على مدينة غزة، مصر وقطر، اللتين تتوسطان لوقف إطلاق النار، إلى تكثيف الجهود، فيما قال مصدر مطلع على المحادثات في القاهرة إنها قد تكون «محاولة الفرصة الأخيرة»، وفق «رويترز» الاثنين.
رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي، يعتقد أن الجهود المصرية القطرية ستستمر بغض النظر عن النيات الإسرائيلية التي يبدو أنها لديها خط آخر غير متفق مع الخط المصري القطري المتسارع في جهوده الذي مال لاتفاق جزئي مع إحساسه بصعوبة التوصل لاتفاق شامل حالياً.
ويعتقد العرابي أن صدور موافقة من «حماس» على المقترح قد تشكل نوعاً من أنواع الضغوط على إسرائيل التي اعتادت ألا تنصاع لمثل هذه الضغوط.
نازحون فلسطينيون يحاولون ملء خزانات المياه في منطقة مواصي خان يونس (أ.ف.ب)
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أن «هناك مسعى مصرياً – قطرياً، وربما إقليمياً أوسع، للوصول إلى صيغة هدنة جزئية تمتد 60 يوماً مقابل الإفراج عن عشرة من الجنود الإسرائيليين الأسرى».
وأكد أن «هناك رغبة من القاهرة لاستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها (قبل أسابيع)»، مرجحاً أن «تميل الحركة إلى التعامل بشكل إيجابي مع المقترح رغم الملحوظات بشأنه التي خضعت لمداولات معمّقة مع الفصائل الفلسطينية، شرط أن يتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً وانسحاب الاحتلال وفق خرائط متفق عليها».
يأتي الزخم الحالي وسط تأكيد إعلام قطري، الاثنين، أن وفداً قيادياً من حركة «حماس» سيلتقي في القاهرة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وأن الحركة سترد على هذا المقترح الذي تسلمه بوجود ممثلين من الفصائل في وقت لاحق الاثنين.
ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية عن مسؤول مشارك في المفاوضات قوله إنه جرى إبلاغ أقارب الرهائن بإمكانية تجاوز «الخطوط الحمراء» الإسرائيلية إذا وافقت «حماس» على اتفاق جزئي، مؤكداً أن إسرائيل «تركز رسمياً على اتفاق شامل»، لكنها قد توافق على اتفاق جزئي إذا كانت الشروط مقبولة.
وقالت القناة الإسرائيلية إن «إسرائيل لم تتسلم بعد أي مسودة من الوسطاء، بينما تحاول مصر وقطر تسريع العملية»، وذلك بعد يومين من إعلان مكتب رئيس الوزراء، السبت، أن إسرائيل تسعى فقط إلى اتفاق شامل يتضمن إطلاق جميع الرهائن دفعة واحدة، في أعقاب تقارير عن استعداد «حماس» لمناقشة ترتيبات جزئية.
فيما بدأت بعض العائلات الفلسطينية، الاثنين، مغادرة المناطق الشرقية من مدينة غزة التي تتعرض لقصف إسرائيلي متواصل، إلى نقاط في الغرب خشية وقوع هجوم إسرائيلي قريب، فيما يفكر آخرون في التوجه إلى الجنوب.
ويستبعد العرابي أن يكون هناك اتفاق قريب بشأن غزة في ظل مساعي إسرائيل لتنفيذ مخططاتها بشأن احتلال القطاع والتهجير.
وينبه المدهون إلى أن «الخشية الكبرى، سواء لدى الفلسطينيين أو لدى القاهرة، تكمن في احتمال إقدام إسرائيل على اجتياح واحتلال مدينة غزة، وهو ما يعني استمرار سياسة الإبادة والتهجير. وتعريض مليون فلسطيني لخطر الإبادة، لهذا يسعى الجميع للوصول إلى تهدئة عاجلة، في حين يظل الاحتلال الطرف الوحيد الذي يماطل ويراوغ، ويتنكر لوقف ما يجري من مجازر تُرتكب على مرأى ومسمع العالم أجمع».
ويرى أن «السؤال الأهم يبقى: هل ستتجاوب إسرائيل مع هذا الطرح، خصوصاً وهي حتى الآن لم تُبدِ أي قبول واضح، بل يبدو أنها غير معنية أصلاً بالوصول إلى اتفاق»، موضحاً أنه «إذا تحقق وقف الإبادة وتراجع الاحتلال عن اجتياح مدينة غزة، وعاد إلى النقاط التي جرى التوافق عليها سابقاً، فقد نكون أمام فرصة جدية. إلا أن الموقف الإسرائيلي لا يزال ضبابياً وغير محسوم».