تتوالى تحركات الوسطاء للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، شملت اتصالات ولقاءات بين الدوحة والقاهرة وواشنطن لتجاوز «عقبات» الصفقة.
وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، هاتفياً الأربعاء، «الجهود المكثفة المبذولة حالياً للتوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والعمل على استدامته، وبما يدفع باتجاه إطلاق سراح مجموعة من الرهائن والأسرى مقابل وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات دون عوائق وبشكل كاف في ظل الأوضاع الكارثية بالقطاع».
وذكر الموقع الإخباري الأميركي،«أكسيوس»، الأربعاء، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيبحث مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في واشنطن المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وجرت «اجتماعات مصرية – قطرية – إسرائيلية في القاهرة لمناقشة تفصيلات إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وخروج المرضى وعودة العالقين وشهدت تقدماً»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الثلاثاء، وذلك غداة إفادتها بأن مدير المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، عقد لقاءات مع وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن، ووفود من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف «تذليل العقبات» بشأن الاتفاق.
ويعتقد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن جهود الوسطاء تحاول أن تحقق اختراقاً، لا سيما بزيادة حجم الانسحاب الإسرائيلي محل الخلاف الأبرز، وقد تستطيع تنفيذ ذلك مع الضغوط، لا سيما الأميركية، لافتاً إلى أن إسرائيل تقدم على إنشاء حاجز جديد رغم أزمة الانسحابات التي تضر المفاوضات.
امرأة وطفل يجلسان على متعلقات تم إنقاذها بينما يتفقد فلسطينيون خياماً مدمرة في خان يونس (أ.ف.ب)
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، سهيل دياب، أن تلك الجهود «ستساعد في إبرام هدنة مع ضغوط أميركية، ولكن لن تكون قبل 27 يوليو (تموز) الحالي، موعد خروج الكنيست لعطلة تزيد من فرص نتنياهو في إتمام صفقة هدنة دون إسقاط حكومته».
نوصي بقراءة: أحزاب القائمة الوطنية من أجل مصر.. حزب المؤتمر: رؤية مدنية ومواقف وطنية
وفي أثناء تلك الجهود، قال بيان للجيش الإسرائيلي، الأربعاء، «إن قوات اللواء 188 ولواء جولاني استكملت فتح محور (ماجين عوز) الذي يفصل بين شرق وغرب خان يونس، ويمتد على مسافة نحو 15 كيلومتراً».
ومن شأن المحور الجديد أن يفصل شرق مدينة خان يونس عن غربها، في استمرار لفصل خان يونس عن رفح بمحور «موراغ» أيضاً.
وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من إعلان القناة «13» الإسرائيلية أن «المفاوضات في الدوحة بشأن التوصل إلى صفقة لإعادة المختطفين (الأسرى الإسرائيليين)، شهدت تقدماً دراماتيكياً، الثلاثاء، وأن الطريق إلى الصفقة بات ممهداً»، لافتة إلى أن نتنياهو «صادق على مرونة إضافية في مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، ما سمح بتقدّم كبير في المحادثات في أعقاب قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) إبداء مزيد من المرونة والاقتراب أكثر من موقف حماس، خصوصاً فيما يتعلق بالوجود الإسرائيلي في القطاع».
وكانت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أفادت الاثنين، نقلاً عن دبلوماسي عربي، بأن حكومة نتنياهو باتت مستعدة الآن لسحب عدد أكبر من قواتها مقارنة بما كانت قد عرضته سابقاً، وقدمت خرائط ثالثة تظهر انسحاباً جزئياً للجيش من غزة خلال الهدنة المقترحة.
وكانت إسرائيل تصر في السابق على بقاء قواتها في منطقة واسعة نسبياً، تشمل منطقة عازلة بعرض 3 كيلومترات على طول الحدود مع مصر قرب مدينة رفح، بالإضافة إلى ما يُعرف بـ«ممر موراغ»، الذي يفصل رفح عن مدينة خان يونس، ثانية كبرى مدن القطاع.
تصاعد الدخان في أعقاب غارة إسرائيلية على جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
في المقابل، تطالب «حماس» بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت متمركزة فيها قبل انهيار وقف إطلاق النار الأخير في مارس (آذار) الماضي، التي لا تشمل تلك المساحات الجديدة ولا المنطقة المعزولة التي تعرف باسم «المدينة الإنسانية» التي تلتهم نحو 40 في المائة من مساحة غزة البالغة نحو 365 كيلومتراً مربعاً، ويفترض أن تأوي نحو 600 ألف غزّي، مع القدرة على التهجير لاحقاً، كما تلغي التواصل الجغرافيّ بين القطاع ومصر، بحسب وسائل إعلام فلسطينية وإسرائيلية.
ويربط عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» نجاح الوسطاء في مهمتهم الحالية «بالابتعاد الأميركي عن الموقف الإسرائيلي وعدم الانحياز له»، فيما يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني «أن تلك الخلافات ومعها عراقيل نتنياهو المتكررة، يمكن أن تنتهي مع ضغوط أميركية للوصول لحلول وسط حقيقية تنجز اتفاقاً»، مضيفاً: «لكن ذلك لن يتم على الأرجح، قبل عطلة الكنيست».