حذّرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، من أنّ الولايات المتحدة، تُهدِر تقدمها في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي لصالح الصين، بسبب تراجع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن القيود التي فرضتها على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها، يتمتعون بتفوق تكنولوجي استثنائي على الصين في مجال بناء القوة الحاسوبية الداعمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي. إلا أن إدارة ترامب على وشك إهدار هذه الميزة الاستراتيجية التي اكتسبتها بشق الأنفس، سعياً وراء ربح قصير الأجل، مما قد يكلّف واشنطن غالياً في المستقبل، وفق الصحيفة.
ووفق “واشنطن بوست”، فإن الهدف من ضوابط التصدير الأميركية على رقائق الذكاء الاصطناعي هو تعظيم ريادة واشنطن من خلال تحقيق “أكبر تقدم ممكن” في إجمالي القوة الحاسوبية. وأظهرت البيانات أنّ هذه السياسة ناجحة حتى الآن.
لكن الصحيفة لفتت إلى أن شركة “إنفيديا”، وهي من أبرز مصمّمي شرائح الذكاء الاصطناعي، عدّلت إحدى الشرائح المحظورة سابقاً (H2O) بحيث تصبح قابلة للتصدير إلى السوق الصينية، عبر تخفيض قدرتها المعالجية مع الحفاظ على ذاكرة فائقة السرعة. وتحتاج الشركات الصينية المتقدمة إلى هذه الشرائح للحفاظ على تنافسيتها.
ورغم أن إدارة ترامب كانت قد شددت القيود في وقت سابق هذا العام، لمنع تصدير شرائح مثل “H2O”، فإنها عادت وتراجعت بعد أشهر من الضغط من “إنفيديا”، بحسب ما نقلته الصحيفة.
وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن أبرز نقاط ضعف الصين في هذا السباق تكمن في المعدات، إذ إنها رغم امتلاكها كفاءات هندسية عالية المستوى ونماذج متقدمة وقاعدة بيانات ضخمة، إلا أنها لا تزال متأخرة بنحو 10 إلى 15 عاماً في مجال تصنيع الشرائح.
تصفح أيضًا: “هآرتس”: انتحار 7 جنود إسرائيليين خلال شهر تموز/يوليو فقط
وتوقّعت الصحيفة أن تنتج الصين هذا العام حوالي 200 ألف شريحة فقط، ما يمثل 1% إلى 2% من الإنتاج الأميركي. كما أن الشرائح الصينية أقل كفاءة بنحو خمس مرات من الشرائح الأميركية، ما يُبقي الفجوة التقنية قائمة، بل مرشحة للاتساع مستقبلاً.
ورأت الصحيفة أن تراجع ترامب عن القيود المفروضة يهدد الاستراتيجية الأميركية بأكملها. إذ إن حصول الصين على شرائح أميركية معدّلة يمكّنها من محاكاة الأداء الأميركي، ويعزز قدرتها على زيادة إجمالي الحوسبة لديها، ما قد يضعف الفارق التنافسي الذي تتمتع به الولايات المتحدة حالياً.
وحذّرت الصحيفة من أن تصدير الرقائق سيؤثر أيضاً على التوافر المحلي، إذ تعاني مختبرات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة من نقص فعلي في هذه الشرائح. وبالتالي، فإن السماح بالتصدير لا يؤدي إلى توسيع الإنتاج، بل إلى إعادة توزيع الموارد بشكلٍ يضر بالمصلحة الوطنية.
وتخلص “واشنطن بوست” إلى أن هذه السياسة تُعدّ كارثة تجارية، حتى لو تم تجاهل المخاوف الأمنية. في المقابل، يرى المدافعون عن التصدير أن تزويد الصين بالرقائق الأميركية قد يُبطئ تطويرها لبدائل محلية، ويبقي الشركات الأميركية مدمجة في البنية التحتية الصينية.
ومع ذلك، تؤكد الصحيفة أن التفوق الأميركي في الذكاء الاصطناعي لا يمكن تركه بيد جماعات الضغط والمصالح التجارية. بل يجب منعه من الانحدار عبر حظر شامل لوصول الصين إلى أي شرائح أميركية أو تقنيات غربية متقدمة.
وشدّدت واشنطن بوست على أن الهدف يجب أن يكون جعل منافسة الصين في الذكاء الاصطناعي “غير متوازنة وغير عادلة قدر الإمكان”، لأن التفريط في هذه الميزة قد يؤدي إلى خسارة المعركة برمتها.
