كشفت دراسة يابانية أن الأشخاص المتفائلين يتشابهون في طريقة تفكيرهم تجاه المستقبل على مستوى أنماط نشاط الدماغ، في حين يظهر المتشائمون اختلافاً فردياً كبيراً في رؤيتهم لما هو قادم.
وأوضح الباحثون من جامعة كوبه اليابانية أن المتفائلين «يفكرون بطريقة متشابهة حرفياً»؛ ما قد يسهم في شعورهم بالتقارب وسهولة التواصل الاجتماعي فيما بينهم، ونشرت النتائج، الاثنين، في دورية «PNAS».
والتفاؤل والتشاؤم هما طريقتان مختلفتان في تفسير الواقع وتوقّع المستقبل، فالمتفائل يميل إلى رؤية الجانب الإيجابي من الأمور، ويعتقد أن الأحداث ستسير نحو الأفضل حتى في ظل التحديات، بينما يرى المتشائم الأمور من زاوية سلبية، ويتوقع غالباً أن تسوء الظروف، أو أن تنتهي بشكل غير مُرضٍ.
هذا الفرق لا يقتصر على التفكير فقط، بل ينعكس أيضاً على المشاعر، والسلوك، وحتى على الصحة النفسية والجسدية للفرد، حيث يرتبط التفاؤل غالباً بقدرة أكبر على التكيف، وتحقيق نتائج إيجابية، في حين قد يؤدي التشاؤم إلى القلق المفرط وضعف التحفيز.
وأجرى الباحثون دراسةً جمعت بين علم النفس الاجتماعي وعلم الأعصاب لفهم كيف يتخيل المتفائلون والمتشائمون المستقبل على مستوى الدماغ.
وشارك في الدراسة 87 شخصاً تراوحت مستوياتهم بين التفاؤل والتشاؤم. طُلب من المشاركين أن يتخيلوا مجموعة من الأحداث المستقبلية، وفي أثناء ذلك تم قياس نشاط أدمغتهم باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).
اقرأ ايضا: 6 أسباب قد تجعل حليب الأبقار أفضل من الشوفان
وأظهرت النتائج أن المتفائلين يميلون إلى التركيز أكثر على النتائج الإيجابية، ويتجاهلون أو يقللون من أهمية النتائج السلبية. في المقابل، أظهر المتشائمون نشاطاً أكبر في مناطق الدماغ المرتبطة بالحذر وتوقع الأسوأ؛ ما يجعلهم أكثر حساسية تجاه المخاطر والتجارب السلبية.
وأشار الفريق إلى وجود 5 عوامل رئيسية تحدد ميل الشخص نحو التفاؤل أو التشاؤم؛ أولها الاستجابة العصبية للمستقبل، وأظهرت الصور الدماغية أن المتفائلين يولدون أنماط نشاط متشابهة عند تخيّل المستقبل؛ ما يعزز شعورهم بالتقارب مع الآخرين وسهولة التفاهم.
العامل الثاني هو التمييز بين الإيجابي والسلبي؛ إذ يتعامل المتفائلون مع الأحداث السلبية بنوع من التجريد النفسي، ما يقلل من أثرها العاطفي، ويمنحهم قدرة أفضل على التكيف.
أما العامل الثالث، وفق الباحثين، فهو الموقع الاجتماعي، ويرتبط التفاؤل غالباً بالأشخاص الذين يشغلون مواقع مركزية في شبكاتهم الاجتماعية، وهؤلاء الأفراد يميلون لإظهار أنماط دماغية متقاربة عند التفاعل مع المثيرات، وهو ما يعزز الشعور بالانتماء والتفاهم.
والعامل الرابع الذي تُبرزه الدراسة هو دور التجارب الشخصية، مشيرةً إلى أن التفاعل المتكرر مع الآخرين قد يسهم في تشكيل رؤية مستقبلية مشتركة.
وخامساً، تلعب الشبكات الاجتماعية الواسعة والمتنوعة دوراً في تعزيز التفاؤل، فالمتفائلون غالباً ما يمتلكون علاقات اجتماعية أكثر اتساعاً ورضاً؛ وهو ما قد يؤدي إلى تطابق في أنماط التفكير ويُعزّز الشعور بالانسجام الاجتماعي.