تصاعدت الخلافات العلنية بين حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» و«جهاز الردع» بشأن أوضاع المحتجزين في سجون العاصمة طرابلس، بعد إعلان وزارة العدل الإفراج عن عشرات السجناء، المخالف احتجازهم للإجراءات القانونية، في خطوة اعتبرتها «تصحيحاً للانتهاكات وعودة لسيادة القضاء».
وأعلنت الوزارة الإفراج عن عدد من المحتجزين الذين تبين أن احتجازهم مخالف للإجراءات القانونية، في ضوء نتائج لجنة مراجعة أوضاع السجناء التي شكلها النائب العام. وأكدت، في بيان مساء الثلاثاء، أنه تم الإفراج عمن صدرت بحقهم أوامر سابقة بالإفراج ولم تُنفذ، وتسوية أوضاع من انتهت مدد محكوميتهم، مع التشديد «على عدم جواز استمرار حبس أي شخص بعد انتهاء عقوبته»، وأنه تقرر تحديد جلسات قضائية للموقوفين احتياطياً لفترات طويلة دون محاكمة.
وشدد البيان على «التزام الدولة بإنهاء تجاوزات مأموري الضبط والتشكيلات المسلحة، وإخضاع جميع مؤسسات الاحتجاز لسلطة القضاء»، مؤكداً «مواصلة بناء دولة القانون، التي ترفع الظلم وتحاسب المتجاوزين وتضمن عدالة سريعة وشفافة».
في المقابل، أعلنت النيابة العامة إنهاء مراجعة أوضاع عدد من نزلاء «مؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس» و«جهاز الردع لمكافحة الإرهاب»، في إطار تصحيح أوضاع المحتجزين وضمان احترام الإجراءات القانونية. وأوضحت، في بيان، أن أعمال اللجنة أسفرت عن الإفراج عن 35 شخصاً، بينهم من انتهت عقوبتهم أو صدر بحقهم قرار قانوني بالإفراج، مع تسريع إجراءات محاكمة آخرين، وترحيل 7 أجانب إلى دولهم، كما حُدّد موعد لمحاكمة 8 متهمين بقضايا خطف وتخطيط لأنشطة مسلحة.
وأكدت «النيابة» التزامها «بإنهاء التجاوزات في الحبس والإفراج الفوري عمن لا تتوفر أسباب قانونية لاستمرار احتجازهم، والتشديد على احترام مواعيد التحقيق والإجراءات القضائية».
ودافع «جهاز الردع» برئاسة عبد الرؤوف كاره عن موقفه؛ حيث اعتبر أن «النائب العام بصفته الأمين العام على الدعوى العمومية قد وضع الحقيقة أمام الرأي العام بكل شفافية»، مستعرضاً بالأرقام والبيانات واقع «مؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس» الرئيسية، ومقدّماً توضيحات «تفنّد ما أُثير من ادعاءات حول سجن معيتيقة».
قد يهمك أيضًا: قانون العمل.. اعرف الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على العامل
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان وسائل إعلام محلية عن وصول آمر منطقة الجنوب العسكرية التابع لـ«المجلس الرئاسي»، علي كنة، إلى طرابلس على رأس ألف مقاتل من عناصر الطوارق تم جلبهم من أوباري، للانضمام لقوات الدبيبة ضمن الاستعدادات لمعركة محتملة ضد «جهاز الردع».
وفى سياق أمني منفصل، أعلن «اللواء 444 قتال» التابع لـ«حكومة الوحدة»، اعتقال أحد عناصر جهاز الأمن العام، متهم بقتل مواطن في قضية أثارت الفزع بين المواطنين.
ورصدت وسائل إعلام محلية، اندلاع مناوشات، مساء الثلاثاء، بالأسلحة الخفيفة بين اللواء وعناصر الأمن العام في جزيرة قصر بنغشير جنوب العاصمة طرابلس.
وتجاهل رئيس «حكومة الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، هذه التطورات، واطلع لدى حضوره مساء الثلاثاء ختام «منتدى المسار الحواري» بمشاركة ألف شاب، على «مبادرات شبابية تهدف إلى دعم مسار الانتخابات، وتعزيز الاستقرار، وبناء الدولة على أسس المشاركة والتعددية والتنمية المستدامة».
كما أعلنت النيابة العامة أنها باشرت التحقيقات مع أسامة نجيم، القيادي السابق بجهاز الشرطة القضائية، بعد رفع القيد الإجرائي عنه. وأوضحت، في بيان، الأربعاء، أنها بدأت «بفحص عناصر الجرائم الواردة في أمر القبض الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية، ومراجعة الوقائع التي سبق للقضاء الليبي النظر فيها، للتحقق من مدى تطابقها مع الجرائم محل الملاحقة الدولية».
وأكدت النيابة أن الضابط مثُل لأول جلسة تحقيق أمامها في 28 أبريل (نيسان) الماضي؛ حيث تم إطلاعه على التهم المنسوبة إليه وتسجيل أقواله، مشيرة إلى أنها ستتوجه بطلب مساعدة قضائية إلى مكتب المدعي العام بالمحكمة الدولية، للحصول على أدلة إضافية تدعم الاتهامات الموجهة إليه.
واضطرت السلطات الإيطالية للإفراج عن نجيم، رئيس الشرطة القضائية التابعة لـ«قوة الردع الخاصة»، بعد اعتقاله مطلع العام الحالي خلال زيارته إلى إيطاليا، بناءً على مذكرة من المحكمة الدولية بتهمة «ارتكاب جرائم حرب».