الثلاثاء, يوليو 22, 2025
الرئيسيةالاقتصاد والأعماللماذا قد يهدد طلب ترمب خفض الفائدة إلى 1 % الاقتصاد الأميركي؟

لماذا قد يهدد طلب ترمب خفض الفائدة إلى 1 % الاقتصاد الأميركي؟

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض سعر الفائدة المرجعي إلى 1 في المائة، في خطوة تهدف إلى تقليل تكاليف الاقتراض الحكومي، مما يتيح للإدارة تمويل العجز المالي الكبير والمتصاعد الناتج عن قانون الإنفاق وخفض الضرائب الذي أقرّه في وقت سابق.

لكن ما يراه ترمب حلاً اقتصادياً، قد ينطوي على مخاطر جسيمة. فمثل هذا المستوى المنخفض من الفائدة لا يُعدّ، كما يروّج له، دليلاً على أن الولايات المتحدة باتت «أكثر دول العالم جذباً للاستثمار»، بل غالباً ما يُفسَّر بأنه إشارة إلى أن الاقتصاد يمرّ بأزمة حادة، وفقاً لتحليل نشرته «رويترز».

دونالد ترمب يشير بإصبعه بعد خروجه من مروحية مارين وان بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض (إ.ب.أ)

ومع أن الاقتصاد الأميركي لا يُظهر مؤشرات أزمة حالية – فمعدلات التوظيف قريبة من الحد الكامل، والنمو الاقتصادي مستقر، والتضخم يتجاوز هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة – فإن خفض الفائدة بهذه الحدة قد يُحدث نتائج عكسية، خصوصاً إذا فسر المستثمرون الخطوة على أنها خضوع من الاحتياطي الفيدرالي لضغوط سياسية.

خطر على استقلالية «الفيدرالي» وسوق السندات

تشير التقديرات إلى أن سوق السندات الأميركية التي تتجاوز قيمتها 36 تريليون دولار قد تتفاعل سلباً مع خطوة مثل هذه، لا سيما إذا شاعت القناعة بأن البنك المركزي خفّض الفائدة لأسباب سياسية لا اقتصادية. وهذا من شأنه زعزعة الثقة باستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، وإشعال المخاوف بشأن عودة التضخم.

يقول غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة «EY-Parthenon»، وحدة الاستشارات الاستراتيجية التابعة لشركة «إرنست آند يونغ»: «لست مقتنعاً بأن خفض سعر الفائدة إلى 1 في المائة سيؤدي تلقائياً إلى تراجع الفائدة طويلة الأجل. السوق قد تفسّر هذه الخطوة كأنها دليل على فقدان استقلالية (الفيدرالي)، ما يعيد إشعال التوقعات التضخمية».

ورغم وجود مجال محدود لتيسير السياسة النقدية انطلاقاً من المستوى الحالي للفائدة البالغ 4.25 في المائة – 4.50 في المائة، فإن داكو يرى أن المعطيات الاقتصادية لا تبرر خفضاً كبيراً أو سريعاً، في ظل معدل بطالة يبلغ 4.1 في المائة، ونمو اقتصادي قرب 2 في المائة، وتضخم يلامس 2.5 في المائة.

هل 1 % معدل طبيعي؟

مقر بورصة نيويورك في مانهاتن (أ.ف.ب)

صحيح أن سعر الفائدة عند 1 في المائة ليس سابقة نادرة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، لكنه كان مرتبطاً دائماً بأوضاع استثنائية. ففي عهد جورج بوش الابن، تم خفضه إلى هذا المستوى بعد انهيار فقاعة الإنترنت، وهجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وغزو العراق عام 2003. كما بلغ أدنى مستوياته إبان الأزمة المالية العالمية عام 2008 خلال فترة حكم باراك أوباما.

وفي بداية جائحة «كوفيد – 19»، شهد عهد ترمب فائدة قريبة من الصفر مع توقف الاقتصاد الأميركي عن العمل بشكل شبه كامل. وبالتالي، فإن المطالبة بإعادة الفائدة إلى هذا المستوى دون مبررات طارئة قد يعكس انقطاعاً عن الواقع الاقتصادي.

اقرأ ايضا: ترمب ينتقد اختلال التوازن في تجارة السيارات مع اليابان

حدود أدوات الاحتياطي الفيدرالي

رغم تأثيره الكبير، لا يتحكم الاحتياطي الفيدرالي مباشرة بكل أسعار الفائدة. ما يحدده هو «سعر الفائدة الفيدرالي» – سعر الإقراض بين البنوك لليلة واحدة – الذي يؤثر على مجموعة من أسعار الفائدة الأخرى مثل ديون الشركات، وقروض المنازل، وبطاقات الائتمان، وعوائد السندات الحكومية.

لكن في المقابل، تخضع أسعار الفائدة الأطول أجلاً لعوامل السوق العالمية، وتُحدَّد من خلال العرض والطلب. إذ تؤثر طلبات صناديق التقاعد والبنوك المركزية الأجنبية على سندات الخزانة في تحديد تكلفة الاقتراض الحكومي.

الدين العام وعلاوة المخاطر

يتأثر العرض من جهة أخرى بسياسات الإنفاق والضرائب التي يقرّها الكونغرس والإدارة الأميركية. وكلما ارتفع العجز، زادت حاجة الحكومة لإصدار السندات، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل.

لكنّ المستثمرين لا يشترون هذه السندات مجاناً؛ فهم يطلبون «علاوة أجل» لتعويضهم عن المخاطر المرتبطة بالاستثمار طويل الأجل، مثل تغيّر معدلات النمو والتضخم، أو فقدان الثقة في المؤسسات الأميركية.

ويزداد هذا التوتر عندما تتعرض استقلالية الفيدرالي للخطر. ففي أبريل (نيسان)، ارتفعت عوائد السندات بعد تصاعد التهديدات من ترمب بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، قبل أن يتراجع عنها، مما يعكس حساسية الأسواق لمثل هذه الإشارات.

صورة أرشيفية لدونالد ترمب وجيروم باول في البيت الأبيض 2 نوفمبر 2017 (رويترز)

سياسة البنك المركزي ليست أداة للتمويل بالعجز

ويبدو أن ضغوط ترمب على بنك الاحتياطي الفيدرالي تتعارض مع المهمة القانونية للبنك المركزي: الحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق التشغيل الكامل للعمالة – وليس تمويل عجز الموازنة أو تسهيل الإنفاق الحكومي.

ففي خطوة غير مسبوقة، بعث ترمب برسالة مكتوبة بخط يده إلى باول تضمنت مقارنة بين أسعار الفائدة في عدد من البنوك المركزية حول العالم، مطالباً باتباع النموذج الأدنى.

لكنّ صانعي السياسة في «الفيدرالي» يؤكدون أن قراراتهم تستند إلى قواعد اقتصادية واضحة، لا إلى المقارنات السياسية أو الضغط الرئاسي، خصوصاً أن الرسوم الجمركية الجديدة التي بدأ تنفيذ بعضها مؤخراً قد تعيد تغذية التضخم، ما يستدعي الحذر لا التيسير.

يقول داكو: «بناءً على البيانات الحالية والتوقعات، لا يوجد ما يبرر خفضاً كبيراً في سعر الفائدة كما يطالب به ترمب».

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات